يستطيع كل مشترك في شبكة الانترنت ان يتابع بالدقائق ما يحدث هذه الايام على الحدود بين اسبانيا وجبل طارق. تنقل ذلك بشكل حي كاميرات تلفزيون موصولة بالانترنت وضعتها سلطات جبل طارق البريطانية. هذه العملية جزء من حرب اعصاب تخوضها المحمية البريطانية ضد اسبانيا التي تطالب بعودة الجبل اليها. وكاميرات جبل طارق ليست سوى القسم الظاهر من حرب المعلومات التي تخوضها الدول الانغلوسكسونية ضد باقي دول العالم بما في ذلك الدول الاوروبية والعربية. ويستخدم التحالف الانغلوسكسوني شبكة محطات وقواعد سرية للتنصت على الاتصالات الهاتفية والالكترونية حول العالم، ويستهدف النشاطات التجارية والاقتصادية بما في ذلك توقعات اسواق النفط العربي. وتشكو الشركات الفرنسية والايطالية والالمانية من ان استراق اجهزة التنصت التابعة للتحالف الانغلوسكسوني سبب لها خسارة صفقات ببلايين الدولارات. كاميرات الجبل "مرحباً بكم على حدود جبل طارق". هذه العبارة تتصدر موقع جبل طارق على الانترنت. في الصفحة الاولى من الموقع ترفرف راية سلطات جبل طارق وتحتها ترفرف راية بريطانيا العظمى. في اعلى الصفحة مانشيت بالاحمر عن تقرير يعرض وجهة نظر الولاياتالمتحدة التي تؤيد الدعاوى البريطانية. يمكن فتح التقرير بمجرد لمسة بمؤشر الكومبيوتر. ويعرض الموقع معلومات تاريخية عن جبل طارق، ما قبل وبعد استيلاء العرب عليه بقيادة طارق بن زياد. وفي هذا الصدد يذكر موقع الانترنت ان "طارق بن زياد بربري، وانه لم يبنِ أي شيء في ذلك الجبل، مع ذلك فهو يحمل اسمه". ويستهل موقع الانترنت الصفحة الاولى بمعلومات عن "اصرار اسبانيا طوال 296 عاماً الماضية على استرجاع الجبل"، ويدّعي ان السكان المحليين الذين يعارضون العودة الى اسبانيا بالاجماع يتعرضون الى مضايقات مستمرة من اسبانيا. وللتدليل على ذلك يمكن لزائر الموقع فتح كاميرات التصوير التي تنقل بشكل حي الوضع على الحدود. اربع كاميرات فيديو مسلّطة على نقاط الحدود بين جبل طارق واسبانيا، تنقل مشاهد مرور السيارات والشاحنات والدراجات عبر نقاط التفتيش. المشاهد التي تنقلها شبكة الانترنت حية واضحة، بحيث يمكن قراءة ارقام السيارات ورؤية الجالسين داخلها. لكن بث الصور لا يجري بشكل متواصل، بل على فترات تتوالى خلالها المشاهد كل دقيقة. وفي حين تعرض ثلاث نوافذ على شاشة الكومبيوتر ما تراه الكاميرا المتصلة بها، تبدو النافذة الرابعة مغطاة وتحتها ملاحظة بالانكليزية تقول: "ما تراه هي ستارة وضعتها السلطات الاسبانية، وهذا يطرح سؤال: ما الذي يريدون اخفاءه"؟ منويث هيل كاميرات جبل طارق ليست بعد كل شيء سوى لعبة اعلامية "ظريفة" بالمقارنة مع الوسائل الالكترونية المستخدمة في الحرب السرية بين الدول الغربية. وكل شيء مباح في هذه الحرب، من التنصت على الهواتف الشخصية للمسؤولين الى التجسس على العقود والصفقات التجارية وتوقعات اسعار النفط. كشف عن ذلك تحقيق واسع في صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية، وجاء فيه ان الحذر يساور الرئيس السابق لجهاز التجسس المضاد في المانيا جوزف تاركوفسكي في كل مرة يرفع سماعة هاتفه الشخصي. فهو يعرف ان كل كلمة يقولها، حتى وهو في منزله في كولون تلتقطها هوائيات اكبر محطة تنصت في العالم، مقر المحطة في بريطانيا في منطقة "منويث هيل" في يوركشاير شمال بريطانيا.. والمحطة قاعدة تجسس الكترونية عبر الاقمار الاصطناعية تابعة ل "وكالة المخابرات القومية" الاميركية NSA، وهي اكثر سرية وقوة من وكالة المخابرات المركزية CIA. وتعتبر قاعدة "منويث هيل" التي تُرى قبابها الشاهقة من بعيد اكبر محطة تنصت في العالم، وتضم مدينة كاملة بمنازلها السكنية وحوانيتها وكنيستها وملاعبها الرياضية ومحطتها الكهربائية. تحمل المنطقة الاسم السري F83 ويعمل فيها 1400 اميركي من ضمنهم مهندسون وعلماء فيزياء ورياضيات وخبراء في اللغات. يقوم هؤلاء الاخصائيون بتشغيل شبكة لجمع معلومات تتكون من كوكبة اقمار اصطناعية تتنصت على ملايين المكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس والبريد الالكتروني الصادرة من والى اقطار اوروبا والمنطقة العربية وآسيا. شبكة انغلوسكسونية وكشف تقرير صادر عن البرلمان الاوروبي ان المحطة جزء من شبكة تجسس انغلوسكسونية دولية تغطي العالم كله. تعود الشبكة التي يطلق عليها اسم "أشيلون" Echelon الى تحالف استراتيجي سري عقد في الخمسينات بين الدول الانغلوسكسونية الخمس بريطانياوالولاياتالمتحدة ونيوزيلندا وكندا واستراليا. وكشف التقرير ان التحالف الذي يحمل الحروف الاولى من اسمي المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة UKUSA انشئ في ظروف الحرب الباردة قبل نحو 50 عاماً لمواجهة المعسكر الشيوعي. لكن نشاط شبكة اشيلون التابعة للحلف يركز حالياً على جمع المعلومات الصناعية والاقتصادية عن كل بلدان العالم. ولعبت المحطة دوراً في التجسس على الشركات الاوروبية لحساب الانغلوسكسونية. اكد ذلك الخبير التقني في البرلمان الاوروبي آلان بومبيدو، وقال ان "اشيلون في الحقيقة نظام تجسس اقتصادي يعتمد على الاقمار الاصطناعية". وتنكشف نشاطات "أشيلون" عندما تنفجر فضيحة تجسس وتظهر للعلن تفاصيل مثيرة. حدث ذلك في فضائح التنصت على المكالمات الهاتفية والمراسلات بين رؤساء شركة السيارات الالمانية "فولكس واغن" وشركة الصناعات الالكترونية الفرنسية "طومسون" وشركة صناعات الطيران الاوروبية "ايرباص". ويدّعي الفرنسيون ان شركة "طومسون" خسرت صفقة مع البرازيل تبلغ نحو بليون ونص البليون دولار إثر تمرير محطة التنصت الأنغلوسكسونية معلومات عنها الى منافسيها الاميركيين "رايثيون" التي ربحت الصفقة. وحدث الشيء نفسه لشركة "ايرباص" التي خسرت صفقة ببليون دولار إثر المعلومات التي مررتها محطة التنصت الى منافسيها الاميركيين "بوينغ" و"ماكدونال دوغلاس". ويذكر ديفيد ناتاف المحامي الفرنسي لمصالح صناعات الطيران والفضاء الاوروبية ان أشيلون تمثل قوة آصرة اللغة التي تربط شعوب الانغلوسكسون، ويستشهد ديفيد ناتاف بقول الكاتب الفرنسي دي توكوفيل: "رباط اللغة غالباً ما يكون أقوى وأمتن عنصر في الربط بين الرجال. وكان عزم اوروبا موجهاً الى ربط شعوبها بواسطة نظام ثقافي وسياسي وتشريعي مشترك، لكن الانكليز يبقون دائماً جنساً منفصلاً". موقع كاميرات جبل طارق على الانترنت www.frontier.gibnct.gi