أعلن رئيس جمعية مصارف لبنان السيد فريد روفايل ان "الأموال الخاصة في القطاع المصرفي اللبناني ازدادت أكثر من عشرة أضعاف خلال سبعة اعوام". وأيَّد "التخصيص" معتبراً انه "يخفِّض نفقات الدولة والدين العام ويزيد الواردات الضريبية السنوية ويحسّن الإنتاجية". وأشار الى أن "المصارف اللبنانية ستتجاوز مشكلة السنة 2000" في مجال المعلوماتية. وفي ما يأتي نص الحوار الذي أجرته "الحياة" مع رئيس جمعية المصارف. في ظلِّ عمليات الإندماج التي تحصل في القطاع المصرفي اللبناني، كيف تقوّم وضع هذا القطاع اليوم على صعيد الرساميل الخاصة والقدرة التنافسية والملاءة؟ - شهد القطاع المصرفي تطوراً بالغاً في الأعوام الأخيرة. أولاً لجهة أمواله الخاصة التي ازدادت أكثر من عشرة أضعاف خلال سبعة أعوام والتي تسمح له بتحقيق نسبة ملاءة مرتفعة جداً نحو 18 في المئة، وثانياً جرَّاء تنويع الخدمات وتحديثها، ان على المستوى النظامي والتقني من خلال التوظيفات الملحوظة في مجالات المعلوماتية والبطاقات المصرفية والاتصالات البُعدية، أو على مستوى تدريب الموظفين وتوسع شبكة الفروع الداخلية واطلاق خدمات التجزئة، وأخيراً عبر توسيع قاعدة المساهمين من خلال التوظيفات المغلقة أو الإدراج في بورصة بيروت أو اصدار ايصالات ايداع لدى بورصة لندن أو لوكسمبورغ. وأثّرت عمليات الاندماج فعلاً في بعض جوانب هذا التطور وأثَبَتت ضرورة توسيع قاعدة المساهمين وتحقيق شفافية حسابات المصارف وتحسين ربحيتها. ومن الواضح أن عمليات الاندماج الناجحة تدعم القدرة التنافسية لهذه المصارف. أين سيصل القطاع في هذه العمليات على صعيد تقليص عدد المصارف؟ - أظن أن عمليات الاندماج ستتواصل في السنوات المقبلة حتى يتبقَّى عدد قليل من المصارف الكبيرة الى جانب بعض المصارف الصغيرة أو المتوسطة التي تمكنت من الاستمرار بفضل نجاحها في نشاط معيَّن. أين سيكون موقع القطاع المصرفي اللبناني في المنطقة على أبواب الألفية الثالثة؟ - على القطاع المصرفي اللبناني الذي أحسنَ أداءَ دوره في اعادة اعمار الاقتصاد اللبناني مجابهة مشكلة بنيويَّّة: ضيق المساحة القومية وضآلة عدد السكان المقيمين. وكان هذا القطاع، منذ نهاية الستينات، وسَّع دائرة نشاطه من خلال مواكبته لنشاط رجال الأعمال اللبنانيين في الخارج خصوصاً في البلدان العربية وأفريقيا. ومن الواضح أنه يتحتم عليه تدريجاً توسيع دائرة نشاطه الى اقتصادات دول المنطقة. لماذا تلجأ المصارف الى اصدار سندات دين وشهادات ايداع GDR في الأسواق الخارجية؟ - افتقر القطاع المصرفي دائماً الى موارد متوسطة وطويلة الأجل حتى خلال الحقبة الزاهية قبل الأحداث، وعلى رغم تمتّعه باستقرار حقيقي للودائع عموماً. وأتاح اصدار "اليورو بوند" لهذا القطاع دعم صورته في الخارج وبلوغ مستثمرين جدد وتجديد العلاقة مع لبنانيين مقيمين في الخارج وخصوصاً الحصول على موارد متوسطة وطويلة الأجل لا غنى عنها لتأمين سياسة تسليف طويلة الأجل في اطار اعادة الاعمار. أما اصدار ايصالات الإيداع فدفعت اليه ضرورة تعزيز أموال المصارف من خلال توسيع قاعدة المساهمين، مع تجاوز الصعوبات البيروقراطية التي فرضها التشريع اللبناني عام 1983 في ما يخص التفرغ عن أسهم المصارف. ما هي القطاعات الإنتاجية اللبنانية التي تشكل النسبة الأعلى في طلب التسليفات؟ - تبَيِّن الإحصاءات المصرفية أن التجارة الدولية تمتصُّ الجزء الأكبر من التسليفات المصرفية، ولا ننسى أن الواردات تبلغ نحو سبعة بلايين دولار أميركي، تليها التسليفات العقارية وتلك الممنوحة الى قطاع المقاولات، ثم التسليفات للصناعة في المرتبة الثالثة. ما موقفكم من العجز في الموازنة؟ وكيف ترون الى المعالجة وسبل مساهمة القطاع فيها؟ - انتقدت جمعية المصارف في صورة واضحة السياسة المالية التي أدَّتْ عام 1997 الى عجز يبلغ نحو 24 في المئة من الناتج المحلي القائم. وصحَّحَت الدولة هذا المسار الخطير وخفضت عام 1998 هذا العجز الى حدود 13 - 14 في المئة من الناتج المحلي. لكننا نبقى على مستوى مزعج من العجز الذي يجب أن يُصَحَّح. لذلك تقترح الجمعية خفض النفقات غير المجدية للدولة، وتحصيل المتأخرات المستحقة للدولة المتأتية من الضرائب أو من رسوم خدمات الدولة في مرافق عدة، وزيادة معقولة ومدروسة لمختلف الرسوم والضرائب. وأخيراً عمليات التخصيص التي ستسمح أولاً بخفض نفقات الدولة وخفض الدين، وثانياً بزيادة الواردات الضريبية السنوية، وبتحسين الإنتاجية في القطاعات الرئيسية التي ستسهم في تفعيل اقتصاد البلد. والقطاع المصرفي هو أيضاً المساهم الأكبر في موازنة الدولة لأن المصارف ال70 المحلية تؤمِّن 25 في المئة من واردات الضريبة على الأرباح والنسبة نفسها لجهة الضريبة على الأجور. يعزو بعضهم التباطؤ في الحركة الاقتصادية والاستثمارية الى الارتفاع في معدلات الفوائد، ما هو توجّه الجمعية لحل هذه المسألة؟ - من الواضح أن مستوى الفوائد المرتفع الذي يشكل دافعاً لتحويل الأموال الى لبنان يضغط بثقله على النشاط الاقتصادي. قبل أن أتولَّى رئاسة الجمعية، عَملتُ طويلاً على حصر ارتفاع الفوائد ويعمل معي حالياً مجلسُ ادارة الجمعية لهذا الهدف. من جهة أخرى ومع أخذ المنافسة القوية بين المصارف في الاعتبار، خُفِّضَت بصورة ملموسة نسبُ الفوائد التي تدفعها المؤسسات ورجال الأعمال ما قلَّص هامشَ الربح لدى المصارف. ما هي المراحل التي حقَّقها القطاع المصرفي اللبناني لتلافي مشاكل السنة 2000، وما هي نسبة المصارف والمؤسسات المالية التي قد يشملها الضرر؟ - نظَّمَ مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف جدول متابعة للإجراءات الضرورية لحل هذه المشكلة. وأَعتقد أن هذه الإجراءات تتقدم بصورة طبيعية وستسمح للقطاع المصرفي بتجاوز هذه المشكلة من دون صعوبة. هناك مصارف أسَّسَت مصارف للاستثمار. ماذا حقَّقت حتى الآن؟ - مصارف الاستثمار المنشأة حتى الآن هي غالباً في طور الانطلاق ونتائجها ليست حتى الآن في مستوى الأهداف. ويجدر القول أن بعض المصارف الكبيرة سيواصل تطوير نشاطه في هذا النطاق من دون اللجوء الى تأسيس مؤسسات متخصِّصة. ما هو موقف الجمعية من السياسة النقدية لجهة سياسة التثبيت؟ - تشدد جمعية المصارف على ضرورة المحافظة على الاستقرار النقدي الذي لا غنى عنه في بلد كلبنان، أكثر من أي بلد آخر، لغاية النمو الاقتصادي والاجتماعي. ولسوء الحظ، فان سياسة الاستقرار النقدي اتُّبِعَتْ في ظلِّ ظرف سياسي عسير تصدَّى لها بشدة، وفي ظل سياسة مالية متساهلة في اللجوء الى العجز أَفضت الى كلفة مرتفعة للمحافظة على هذا الاستقرار. والتوافق الحالي بين الحكومة والمعارضة على ضرورة المحافظة على الاستقرار النقدي سيخفضُ من كلفته ويسهِّل مجراه، خصوصاً إذا تحقَّقَتْ سياسة خفض النفقات غير المجدية وتحسين الواردات. ما دور المصارف في عملية التخصيص، وكيف يمكن أن تشارك فيها؟ وما هو الموقف منها؟ - المصارف مستعدة للمساهمة في عمليات التخصيص على كل الصعد، مستثمرةً لهذه الغاية علاقاتها وشبكة فروعها لتأمين نجاح هذه العمليات.