تعاني السوق المحلية في سورية من مظاهر ركود وارتفاع في مخزون الشركات العامة والخاصة على حد سواء. وبرر محللون الوضع بعدم زيادة الرواتب والاجور في القطاع لتناسب ارتفاع كلفة المعيشة والضرائب، فيما قال صناعيون ان اسباب الركود الرئيسية "وجود منشآت صناعية كثيرة ومتشابهة الانتاج ما ادى الى زيادة الطاقة الانتاجية لبعض المنتجات السورية عن حاجة السوق المحلية مع عدم وجود اسواق تصديرية دائمة للصناعات السورية". ولفت احد الصناعيين الى "عدم وجود تخطيط مدروس ومتزن لحاجة البلد من الصناعات المختلفة، او حسن توزيع لها بين القطاع العام والخاص مع عدم توعية المستثمرين، ان أدى الى هذه الحال". وأضاف: "ما ان يقوم احد المستثمرين بتنفيذ احد المشاريع الجديدة، حتى يقوم عشرات المستثمرين بتقليده تقليداً اعمى من دون تقويم لحاجة البلد من المنتج او ادراك لحقيقة ان ارتفاع العرض زيادة عن الطلب يكدس البضائع ويرفع المخزون". سيراميك وشركات "السيراميك" المنشأة وفق قانون الاستثمار رقم 10 احد الامثلة الواضحة للارتجالية والتقليد في القطاع الصناعي في سورية، فبعد ان عانت البلاد في الثمانينات من نقص شديد في مادتي السيراميك والبورسيلين مع ارتفاع اسعارها وبيع بعضها في السوق السوداء، تم انشاء أحد عشر مصنعاً للسيراميك وفق قانون الاستثمار رقم 10، بطاقة إجمالية قدرها 50 الف متر مربع يومياً، اغرقت السوق المحلية وفاض الانتاج عن الحاجة ما ادى الى انخفاض كبير في اسعار السيراميك والبورسيلين اوأضر بالمصانع الناشئة. وشرح صناعي سوري: "وجهت مصانع السيراميك والبورسيلين انتاجها الى سوق محلية ضيقة، خصوصاً انها لم تستطع التصدير لارتفاع اسعار المواد الاولية المستخدمة". وترى اوساط صناعية في القطر السوري ان عدم اعداد الشركات والمؤسسات الاقتصادية دراسات استراتيجية وجدوى اقتصادية تمكنها من التعاطي مع المتغيرات المحلية والدولية ادى الى تفاقم حال الركود في السوق الصناعية في سورية، خصوصاً مع عدم قدرة المؤسسات المحلية على توظيف مبدأ المنافسة السعرية مع المحافظة على عامل الجودة وكذلك عامل التنظيم الاداري الفعال. محارم ورقية وكانت صناعات كثيرة عانت من الازمة منها مصانع المحارم الورقية التي وصل عددها في فترة معينة الى اكثر من عشرين مصنعاً، خرج معظمها من السوق بسبب المنافسة الشديدة. وأكد أحد الصناعيين ان الوضع ذاته واجهته مشاريع الاسمنت التي تم الترخيص لها ولم تنفذ بسبب ضيق السوق المحلية التي تستطيع استيعاب إنتاج مصنعين اضافيين فقط في أكثر تقدير، فيما الترخيص مُنح لأكثر من سبع شركات يصل انتاجها مجتمعة الى نحو عشرة ملايين طن من الاسمنت سنوياً. تصدير وأكد الصناعيون السوريون ان معالجة الركود مرتبطة بالقدرة على التصدير. وطالب اكثرهم بپ"اجراءات عاجلة لتنشيط الصادرات"، اهمها تعديل النظام الضريبي المتعلق بالنشاط التصديري كإعفاء المصدرين من الضريبة على الصادرات واعفاء المصنّعين من الرسوم الجمركية على المواد الاولية المعدة للتصدير، اضافة الى اعداد دراسات تسويقية وتحديد الاسواق التي تتناسب مع منتجاتنا الوطنية لوضع آلية للتصدير تشمل نوع السلعة ومدى جودتها والسعر المناسب الواجب تحديده لتلك الاسواق. ويلفت احد الصناعيين الى "عدم توجية الانظار نحو الأسواق الخارجية كليا بل دراسة وضع السوق المحلية ومعرفة الاسباب الحقيقية وراء احجام المستهلكين عن شراء البضائع". وأشار خبراء الى ان "الحديث عن ركود مطلق غير دقيق، تماما كنفي وجوده، لأن وضع كل مجال في القطاع الصناعي يختلف عن غيره، فهناك صناعات اصابها الركود واخرى نشيطة". وأضافوا انه من الخطأ الحديث عن الركود في السوق المحلية مقارنة بالنسبة لأوضاع الاسواق المجاورة التي تؤكد الدلائل انها تشكو من الركود أيضاً.