نوعان مختلفان من الاستقبال سيكونان في انتظار رئيس الوزراء الهندي أتال بيهاري فاجباي لدى وصوله إلى لاهور العاصمة الثقافية لباكستان غداً السبت في زيارة تستغرق يومين. الحكومة الباكستانية برئاسة نواز شريف، تعد لإستقبال شعبي "على غرار ما يحصل لقادة وزعماء الدول خلال زياراتهم لباكستان"، حسبما قال أمس وزير الخارجية الباكستاني سرتاج عزيز للصحافيين. وحرص وزير الخارجية على التقليل من أهمية التظاهرات التي تعدّها الجماعة الاسلامية وغيرها من الأحزاب المعارضة للرجل الذي تحمله مسؤولية هدّم المسجد البابري وتقول انه لم يخف نزعته المتطرفة التي استمدها من حزبه "جاناتا بارتي" الهندوسي. وكان في مقدم أجندته، عدم الإعتراف بثقافة وأديان الأخرين في الهند... بدءاً بالمسلمين والسيخ وصولاً الى المسيحيين الذين طاولتهم اعمال العنف اخيراً. ويتوقع مراقبون في اسلام آباد أن تسفر الأحتجاجات التي ينوي المعارضون تنظيمها عن حوادث دموية وصدامات مع قوى الأمن التي انتشرت في كل زاوية من المدينة تمهيدا لإستقبال الضيف الهندي. والجماعة الإسلامية الباكستانية بزعامة قاضي حسين أحمد المعروفة بقدرتها على تعبئة الشارع، تبذل قصارى جهدها من أجل إنجاح احتجاجاتها، مستندة الى اجماع على ان قضية كشمير "مقدسة وغير قابلة للمساومات". غير ان الجماعة تسعى في الوقت نفسه الى تصفية الكثير من حساباتها مع شريف مستغلة الظرف، هي التي انتقدته منذ أن اختار يوم الأحد عطلة أسبوعية ملغياً عطلة الجمعة، إلى جانب حكمه الذي يتجه إلى "الشمولية و الديكتاتورية". وعن طبيعة التظاهرات التي ستجري اليوم وغداً، قال سكرتير زعيم الجماعة عبدالغفار عزيز ل "الحياة" أمس إن متظاهرين نساء ورجالاً، سيطوفون المدينة اليوم احتجاجاً على هذه الزيارة التي تحمل "نفساً تطبيعياً في وقت تستمر طاحونة القتل في كشمير". وزاد عزيز أن التظاهرة الكبرى التي يتوقع أن تحشد الجماعة لها عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين وفدوا إلى لاهور من كافة أنحاء باكستان فستنطلق غداً أثناء وصول فاجباي وسينضم اليها محازبو الأحزاب الكشميرية المعارضة للزيارة وأنصار حركة تحريك الإنصاف بزعامة لاعب الكريكيت عمران خان وأحزاب دينية وقومية أخرى. الطابع التي ستحمله الزيارة في الحقيقة "تطبيع" غير مستند الى حل للمسائل العالقة بين الجانبين، حسب مصدر باكستاني مطلع أبلغ "الحياة" ان واشنطن نجحت أخيراً في أجندتها في منطقة جنوب آسيا من خلال سياسة العصا والجزرة التي اتبعتها مع كل من الهند و باكستان. وتتمثل هذه السياسة في إقناعهما بتطبيع العلاقات و العمل في الجوانب الثقافية و التجارية و التعليمية ونحوها وترك المسائل المستعصية للحل لاحقاً خصوصاً أزمة كشمير التي سببت حربين بين البلدين . الصحافة الباكستانية، لم تبد ترحيباً بالزيارة حتى أن رئيس تحرير صحيفة مقربة من الحكومة عنون لمقالته على الصفحة الأولى أمس : "ضيف غير مرحب به". ودعا رئيس تحرير صحيفة "نواي وقت" مجيد نظامي المقرب من رئيس الوزراء نواز شريف، أهالي لاهور إلى استقبال فاجباي بالعصي و الإحتجاجات و أن يعيدوا التاريخ حين خرج آباؤهم بالعصي والأسلحة يقاومون الغازي الهندي في حرب 1965 المعروفة. ومن المقرر أن يستقل رئيس الوزراء الهندي حافلة من نيودلهي إلى لاهور بعدما وافق البلدان على تسيير خط حافلات بينهما كعلامة على تطبيع العلاقات وقال زعيم جماعة "أهل الحديث" ساجد مير المتحالف مع الحكومة ان الشعب لا يعارض الحوار مع الهند ولكن لا يريد تطبيع العلاقات على حساب القضية الكشميرية. ويسود اعتقاد لدى بعض المثقفين الباكستانيين أن ثمة مخطط تم طبخه أو لا يزال على النار على غرار اتفاق "أوسلو" يقضي بإلحاق جزء من كشمير بباكستان و الجزء الآخر بالهند و جزء ثالث كدولة مستقلة وذلك لحل الخلاف بين البلدين. لكن بنظر هؤلاء المثقفين فإن مثل هذا القرار يتجاهل أبسط حقوق الكشميريين المنصوص عليها في قرارات الأممالمتحدة.