أحلى ما في استطلاع الرأي، الذي اجرته مجلة "فرانس فوتبول" للاعبي منتخب فرنسا بطل كأس العالم حول مشروع رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر القاضي بتنظيم كأس العالم مرة كل عامين، كانت صورة الممثل الكوميدي البريطاني الشهير تشارلي شابلن وهو يعتني بالآلات الضخمة في فيلمه الشهير "الأزمنة الحديثة" في اشارة الى ان الانسان المعاصر بات هو نفسه مجرد آلة. كرة القدم هواية وحرفة، والقاسم المشترك بين هذين العنصرين هو المتعة، لذا يحلم كل لاعب بأن يخوض المباراة في افضل الظروف الممكنة بدنياً وعقلياً. لكن يبدو ان الايقاع في مطلع الالفية الثالثة سيرتفع تدريجياً لاعتبارات اقتصادية بحتة، ما يعني ان كلمة الحرفة وحدها ستبقى وستنتفي المتعة وسيدفع المتفرج الثمن. وقد دخل اللاعب نفسه في اللعبة الجنونية بسبب الارتفاع الدائم لرواتبه مع ما يتبع ذلك من جهود لمسؤولي الاندية لتأمين المدفوعات الهائلة وعدم الوصول الى الافلاس واستثمار رؤوس اموالهم وذلك عن طريق تكثيف المسابقات والمباريات... وبين مطالب اللاعبين والاندية هناك حلقة مفرغة. والمهم ان تكثيف عدد المباريات يعني احتمال اكبر للاصابة وحياة اقصر في الملاعب... ومن يلعب 25 مباراة في السنة مثلاً ليس كمن يلعب 50 مباراة. لاعب دولي فرنسي مثلاً، يرى من واجبه ان يخوض 38 مباراة في الدوري المحلي، واذا نجح ناديه في كأس فرنسا فإنه سيلعب 6 مباريات، فضلاً عن 5 مباريات في كأس فرنسا لاندية المحترفين، واذا مضى قدماً في دوري ابطال اوروبا بصيغته الجديدة سيخوض اللاعب 19 مباراة وهناك نحو 15 مباراة دولية اي ما مجموعه 84 مباراة في الموسم الواحد... ولا يمكن لفريق ان يبلغ جميع المباريات النهائية طبعاً، والمثال الاقرب الى الواقع هو ما خاضه عدد من الفرنسيين الدوليين في الموسم الماضي: ستيفان غيفارتش 66، زين الدين زيدان 62، ليليان تورام 60، يوري دجوركاييف 58، تييري هنري وفابيان بارتيز 56، مارسيل دوسايي وبرنار ديوميد وايمانويل بوتي 55... وبعد، ماذا قال بعض اللاعبين عن اقتراح بلاتر؟ اطرف تعليق كان لمدافع تشلسي الانكليزي فرانك لوبوف: الامر لا يعنيني لانه اذا طبق المشروع الجديد بعد 10 سنوات سأكون اعتزلت بالتأكيد. واعترف بأن المشروع سيسحب من المسابقة سحرها، وقد ذكر رئيس الاتحاد الفرنسي كلود سيمكونيه ان الامر غير ممكن لان كأس العالم تحتاج من اي فريق عامين لخوض التصفيات والاستعداد للنهائيات وعاماً واحداً لجردة الحساب ومحاولة الاستفادة من التجربة. هذا يعني ان اقامتها مرة كل سنتين مستحيل. وتساءل الحارس برنار لاما: هل سأل بلاتر نفسه ما هي كأس العالم؟ النهائيات وحدها تحتاج الى شهرين على الاقل من الاستعداد والمباريات فضلاً عن 6 أشهر للتعويض البدني والنفسي. وأسال ايضاً من هم الذين يبدعون في انديتهم حالياً بعد كأس العالم؟ انهم قلة جداً. من جانبه قال مدافع تشلسي مارسيل دوسايي: يريد بلاتر ان يثبت ان لديه افكاراً جديدة، وكم كان افضل لو تطرق الى مشكلات كالتحكيم والتفكير بإدخال نظام الاستعانة بالفيديو. وذكر مدافع بارما ليليان تورام: لا افهم بلاتر. كأس العالم حلوة ويجب الا تفقد حلاوتها، وهناك افكار اخرى كثيرة اهم من فكرة بلاتر. واضاف لاعب وسط يوفنتوس ديدييه ديشان: الفكرة لا توحي بشيء، وهي عمل تجاري بحت. كأس العالم رمز ويجب عدم لمسها الا اذا صار كل ناد كبير قادراً على ضم 30 أو 35 لاعباً من مستوى عال. واقترح لاعب وسط انتر ميلان يوري دجوركاييف بطريقة لا تخلو من سخرية: لا تمسوا كأس العالم ونظموا مسابقة اخرى تضم كل دول العالم على مدى 6 أشهر إرضاء لشبكات التلفزيون! وبسخرية ايضاً قال لاعب وسط ارسنال ايمانويل بوتي: الاقتراح مضحك، لماذا لا نلعب مباراتين في الصباح والمساء؟ ولماذا لا نلعب في الدول التي يطول فيها النهار ويقصر فيها الليل؟ ولماذا لا نعمل على توسيع المرمى او ابعاد الحارس او بتر يديه؟ ورأى لاعب الوسط زين الدين زيدان: اتساءل متى ستتوقف هذه المزايدات ويعلم الجميع بأن الذي يؤمن اقامة المباراة هو اللاعب وحده وليس التلفزيون والمعلنين وشركات الرعاية. وختم المهاجم كريستوف دوغاري: كم كان من الافضل التفكير بصحة اللاعبين.