كان "التفاهم الودي" بين فرنسا وبريطانيا قد اعطى اجزاء عديدة من شمال افريقيا الى فرنسا، وثبّت مواقع الانكليز في مصر. ومنذ العام 1881 حين تمكنت فرنسا من انتزاع تونس من الدولة العثمانية، بدأت ايطاليا تتطلع صوب ليبيا، باعتبارها المنطقة الوحيدة في الخط الساحلي لشمال افريقيا الباقية، عملياً تحت السيطرة العثمانية، ما يعني بالتالي ان في الامكان الحصول علىها وراثة ل"رجل اوروبا المريض". وفي العام 1911، حين سيطرت فرنسا اخيراً على المغرب، احسّ الايطاليون ان عليهم الآن ان يتحركوا بسرعة للسيطرة على ليبيا، اي قبل ان تسبقهم اليها امة اوروبية اخرى. ومن هنا بدأوا خطتهم في ذلك العام باثارة الرأي العام العالمي من حول الاضطرابات والفوضى التي تعم المناطق الليبية والتي تجعل "ارواح وممتلكات الايطاليين القاطنين ليبيا، في خطر". على الفور شعر السلطان العثماني بأن الايطاليين يدبّرون امراً ما، فأرسل الى الحامية التركية المرابطة في ليبيا كميات اضافية من الاسلحة. وانتهز الايطاليون الفرصة ليعلنوا ان هذه الخطوة من قبل اسطنبول تعتبر اعلان حرب ضد ايطاليا. وهكذا بعثوا قواتهم البحرية تغزو ليبيا ابتداء من شهر ايلول سبتمبر 1911. وخلال الاسابيع الاولى للحرب تمكن الايطاليون من السيطرة على العديد من المواقع الساحلية. في البداية اعتقد الايطاليون ان الليبيين سيكونون معهم، لكن فألهم في هذا المجال خاب، اذ انتفض الليبيون وقد انضم اليهم عرب آخرون، يقاومون، ما اوقف الزحف الايطالي. غير ان اسطنبول سرعان ما وجدت نفسها في مأزق، اذ في الوقت الذي اشتدت عليها فيه الحروب البلقانية، وجدت نفسها مضطرة الى ارسال قوات لقمع ثورة في اليمن، فآثرت ان تهادن الايطاليين فوقّعت معهم معاهدة اوشي التي تعطيهم ليبيا، فيما اعترف الايطاليون بسلطة روحية للخليفة العثماني هناك. غير ان الامور لم تنته هنا، لأن الليبيين لم يرضخوا، خاصة بعد ان بدأت تصلهم اسلحة من النمسا والمانيا وتركيا نفسها، واستأنفوا المقاومة العنيفة حتى تمكنوا من ان يحصروا الوجوده الايطالي في المناطق الساحلية، وذلك اعتباراً من العام 1915. داخل ايطاليا كان لذلك كله من الصدى ما عزز النهضة الفاشية التي راح يتزعمها منذ ذلك الحين الزعيم الاشتراكي السابق بنيتو موسوليني. غير ان خسائر الايطاليين في ليبيا سرعان ما ادت الى انهيار وضع ايطاليا ككل خلال الحرب العالمية الاولى.