اعلن وزير الاقتصاد البريطاني غوردون براون في مؤتمر صحافي امس ان بلاده عازمة على الغاء ديون 26 دولة فقيرة قبل نهاية العام 2000، من بينها بوليفيا واوغندا والموزامبيق وموريتانيا الافقر والرازحة تحت وطأة ديون تبتلع فوائدها جانباً مهماً من دخلها القومي، والتي ستمحى اعتباراً من شهر كانون الثاني يناير المقبل. والبادرة البريطانية التي اعلنها الوزير براون، والتي ستمحو بريطانيا بموجبها اكثر من 8 بلايين دولار من ديون العالم الثالث المستحقة لها تتجاوز التزام الدول الصناعية السبع الأغنى، لدى اجتماعها في كولون المانيا في حزيران يونيو الماضي، تحت ضغط الرأي العام العالمي، بالغاء الديون الثنائية والمتعددة لواحد واربعين دولة فقيرة من العالم الثالث يصل حجمها الى 45 بليون دولار تضاف الى تعهدات سابقة، ليبلغ حجمها 70 بليوناً من اصل 214 بليون دولار من الديون التي يفترض تسديدها في الثلاثين سنة المقبلة. واكثر ما تجلى ضغط الرأي العام في الحملات التي نفذتها منظمات غير حكومية في الدول الغنية وجمعيات دينية ضمت رجال دين من كافة الطوائف، اطلق عليها اسم تجمع "جوبيلي 2000" الذي نشأ في بريطانيا العام 1994. فقد طالب هذا التجمع حكومات الدول الغنية الممثلة في "السبع الكبار" بالقيام ببادرة تجاه دول العالم الثالث الفقيرة في مناسبة الانتقال الى الالفية الثالثة، وذلك بإلغاء ديونها "لكي تتمكن هذه الدول من الانطلاق من نقطة الصفر". واطلق هذه الفكرة البروفسور مارتن دنت، الاستاذ في جامعة كيل البريطانية، وشقت طريقها في كافة انحاء العالم. وفي 1995 افتتح تجمع "جوبيلي 2000" اول مركز له في مقر منظمة غير حكومية "كريستيان ايد"، واخذ منذ ذلك الحين يستقطب جمعيات خيرية اخرى نافذة مثل "كافود" و"ديبيت رليف نتوورك" و"اوكسفام" التي انضمت الى الحملة الى جانب البابا يوحنا بولس الثاني ورجال دين مسلمين ويهود. واستطاع التجمع جذب اسماء لامعة من عالم الموسيقى، خصوصاً مايكل جاكسون وبونو، مغني فرقة "يو 2"، وكذلك من عالم الرياضة كبطل العالم السابق في الملاكمة محمد علي كلاي…. كما تلقى دعم قناة "ام تي في" التلفزيونية ومايكروسوفت وصحيفة "الغارديان" البريطانية. وافاد التجمع من "الانفجار" الاعلامي الذي تحقق مع تطور الانترنت، وتمكن من شن حملة عالمية عبر موقعه www.jubilee2000uk.org. ونظم عرائض ضخمة وسلاسل بشرية وبريداً الكترونياً كثيفاً، جعلت من فكرة الغاء ديون العالم الثالث مسألة ملحة لدى ملايين موزعين في كل انحاء المعمورة. وليس بمستغرب حينئذ ان تجد البادرة البريطانية صدى شديد الايجابية لدى الناطقة باسم التجمع آن بيتيفور التي اعتبرتها "حدثاً رائعاً"، او لدى بوب غيلدوف، مغني البوب الذي تحول الى مدافع عن العالم الثالث، والذي قال ان "الاجيال القادمة ستذكر هذه البادرة اكثر من القباب والدواليب العملاقة"، في اشارة الى الصروح التي تبنى في كل مكان احتفاء بالعام 2000. وفي حين قررت كندا والولايات المتحدة اتخاذ بادرة مشابهة للبادرة البريطانية يأمل تجمع "جوبيلي 2000" ان تحذو كل من فرنساوالمانيا واليابان حذو شريكاتها من الدول الكبرى.