كان لبنان من أولى الدول في كامل منطقة الشرق الأوسط التي أولت أهمية للعناية بالترويج السياحي. وهو اعتمد فكرة إقامة مجلس للسياحة في وقت كان أغلب البلدان يكتفي باقامة وزارة للسياحة ذات طابع حكومي وبيروقراطي. ويعود تاريخ إنشاء "المجلس الوطني للسياحة" في لبنان إلى عام 1962. وكان أول رئيس له شارل الحلو. وفي عهده نشط المجلس بقوة، وكان يستقطب قرابة 80 ألف سائح في السنة، في وقت لم تكن البلدان العربية تستقطب أي حركة سياحية وافدة تذكر. ومُنح المجلس لاحقاً صلاحيات مع موازنة للترويج السياحي وتنظيم المعارض وأنشطة التسويق وكل ما يخص جذب السياح، بالاضافة إلى الاشراف على عمليات الاستثمار والانماء السياحي في لبنان. وكانت للمجلس صلاحيات وزارة سياحة ما عدا التسعير الذي كان من صلاحيات وزارة الاقتصاد. وعمل مجلس السياحة كواجهة للبنان في الخارج وحقق نجاحات واختراقات عدة، من بينها سعيه إلى تعيين إدوار صوما مديراً عاماً لمنظمة الغذاء "الفاو" ونجاحه في ضمان حصوله على التأييد اللازم، وشكل ذراعاً إعلامية وترويجية قوية للبنان في الخارج. وكان المجلس يُستخدم من قبل رئاستي الجمهورية والحكومة، وكان يضم في عضوية مجلس الادارة فيه رئيس شركة "طيران الشرق الأوسط" نجيب علم الدين. وعندما شُكلت وزارة السياحة أُبقيت أنشطة الترويج والمعارض والتسويق في يد المجلس علاوة على الإنماءالسياحي، في وقت كان هناك قانون يسمح للمستثمر السياحي بالحصول على إعفاءات ضريبية ومالية كان المجلس هو الذي يقررها. وافتتح المجلس مكاتب في فرنكفورت وباريس وبغداد ولندن والقاهرة ونيويورك وجدة واسطنبول. وأفادت مكاتب الترويج هذه في تنظيم معارض متكررة للصناعات والمأكولات اللبنانية، أفادت في التعريف بلبنان والعالم العربي. وعام 1975 جرى التنسيق مع وزارة السياحة لتتولى كل ما يخص شؤون السياحة الداخلية من ترخيص مطاعم وترتيب الأنشطة في لبلاد، في حين بقي العمل الخارجي من صلاحيات المجلس وحده، والذي كان يرأسه السيد ميشال خوري آنذاك. وبعد عام من تسلّمه رئاسة الجمهورية سنة 1983 قرر أمين الجميل، بعد اصطدامه ببيروقراطية الأجهزة الحكومية، أن يدخل تغييراً على طريقة تشغيل المجلس ليدار بطريقة القطاع الخاص. وأصدر لهذا الغرض مرسوماً اشتراعياً خاصاً زاد صلاحيات المجلس الذي غيّر اسمه إلى المجلس الاقتصادي والعلاقات الخارجية، وعين على رأسه السيد سامي مارون. وتحول المجلس حينها إلى "سوبر وزارة" مما لفت الأنظار اليه. كما تحول إلى أداة في يد الرئيس الجميل تتولى القيام بكل شيء في الخارج. وعندما أتى الرئيس الهراوي إلى السلطة، وكان ميشال سماحه حينها وزيراً للسياحة، جرى إلغاء المرسوم وجُمّد المجلس وأعيدت كل الصلاحيات إلى وزارة السياحة. ولكن طوال الوقت، ولأن المكاتب كانت باسم مجلس السياحة ولأن الدولة لا تستطيع أن تتعاقد مع القطاع الخاص لأغراض وأنشطة هدفها الربح، مثل تنظيم المعارض وغيرها، استمر استعمال المجلس. ورفض وزير السياحة السابق نقولا فتوش إحياء المجلس، واقتصر استعمال المجلس ومكاتبه على دوره كجمعية للمعارض وبأمر من وزار السياحة، ومن دون وجود هيئة إدارية تتولى تسييره. ومنذ وصول الرئيس الحالي إميل لحود اهتم بتنشيط السياحة وسعى إلى تفعيل المجلس السياحي، الذي عاد لينشط منذ ثمانية شهور، ولكن كهيئة استشارية ومن دون أن تعاد اليه الصلاحيات السابقة.