سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤتمر في جنيف للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر وضع خطة لأربع سنوات . "تيتانيك" العالم تكاد تغرق... من جراء الحروب والكوارث فهل تلبي الحكومات والمؤسسات والأفراد نداء "قوة الإنسانية" لانقاذها ؟
"التيتانيك العالمية ستغرق بكل ما عليها، وعلينا العمل لإنقاذ هذه السفينة". صرخة تحذير، من مئات الصرخات، أطلقتها ممثلة البرتغال ماريا سواريز، تلخص الهم الإنساني الذي ساور المؤتمر السابع والعشرين للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر عقد في جنيف بين 31 تشرين الأول/ أكتوبر و6 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999، ووضع من أجل رفع هذا الهم، خطة تحرك طموحة للسنوات الأربع المقبلة، تؤكد أن "قوة الإنسانية" شعار المؤتمر لا يمكن أحداً أن يستهين بها. المؤتمر الذي يعقد مرة كل أربع سنوات، تميز هذه السنة بكثافة حضوره، إذ جمع ممثلي حكومات 188 دولة موقعة اتفاقات جنيف توفير الحماية للمدنيين خلال الحرب في الذكرى الخمسين لوضعها، وممثلي 176 جمعية وطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وكان، بحق، أكبر تظاهرة انسانية في القرن العشرين، ممهداً لخطوات انسانية تتخطى الحدود والاعتبارات والإيديولوجيات، لقرن مقبل، وألفية ثالثة، خصوصاً "ان المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تواجه، على نحو متزايد، أوضاعاً يغلب فيها تكاثر أعمال العنف، والانهيار التام للبنى التحتية للدول، والتداخل المطرد بين العمل السياسي والنشاط الإجرامي"، على ما قال رئيس اللجنة الدولية للصليب كورنيليو سوماروغا في افتتاح المؤتمر. وحذر من "سقوط عدد أكبر من الضحايا مستقبلاً بسبب النمو السكاني الديموغرافي، ومن تزايد ضعف حال السكان وتعرضهم للخطر نتيجة للتنامي الحضاري وتدهور أحوال البيئة الطبيعية، وخصوصاً انتشار الأسلحة من مختلف الأنواع"، متوقعاً "ازدياد النزاعات الداخلية، نتيجة لسقوط مبدأ الاستقطاب الثنائي". انطلاقاً من المخاوف التي لخصها سوماروغا، ووافقه فيها كثر من المشاركين في المؤتمر، كانت خطة العمل التي نوقشت في الاجتماعات التمهيدية وفي جلسات العمل الرسمية، وفي الكواليس، وأقرها الجميع، في النهاية، من دون تحفظ، وهي تهدف الى تعزيز احترام القانون الإنساني الدولي والتزام أحكامه وتوفير الحماية لضحايا الحرب، واسترداد الإنسان وكرامته مكانتهما في جوهر الفكر والقرار السياسيين "لأن الإنسان يمثل دائماً الغاية الأساسية التي من أجلها تعمل الدولة والمجتمع الدولي"، بحسب سوماروغا. أوليست السياسة أخطر علم، لأن مادتها الأساسية الإنسان؟ "المحارب الثالث" وتعمل "الحركة الدولية" التي تضم الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الوطنية، والدول الأطراف في اتفاقات جنيف، من أجل تنفيذ خطتها الجديدة، وكما عملت سابقاً، يقول الفرنسي مارسيل جونو "ان عدد الخصوم لا يزيد عن اثنين، إلا أننا نجد دائماً طرفاً ثالثاً مقاتلاً بالقرب منهما، وأحياناً في ما بينهما". وهذا "المحارب الثالث" هو مندوب الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر الذي يخاطر بحياته من أجل غاية انسانية نبيلة، ويمكن أن نكونه، جميعاً. أكثر من 200 شخص تكلموا خلال المؤتمر ولخصوا في سبعة أيام مشاكل العالم وأزماته. وإذا بدا للمتتبع أن كلاً منهم كان يغني على ليلاه، لتركيزه على موضوع أو مواضيع تخصه أو تعني دولته أو جمعيته أو منظمته، إلا أن الأصوات جميعاً شكلت، في الختام، جوقة واحدة على درجة عليا من الانسجام، لتنشد "اعلاناً مشتركاً" وخطة العمل. الاعلان المشترك يدعو الإعلان المشترك الذي تلته ناشطة في الصليب الأحمر السويسري في الجلسة الختامية العالم عشية القرن المقبل، الى التفكير، لكنه يعتبر أن المناسبة تحمل الصليب الأحمر والهلال الأحمر والحكومات أطراف اتفاق جنيف، على القلق. ففي مقابل المتغيرات الإيجابية التي شهدتها السنوات الماضية، ما زالت الحروب تعصف بدول عدة: اعتداءات تستهدف الشعوب وخصوصاً المدنيين" مئات الآلاف من الأشخاص مهددون بترك منازلهم" القانون الإنساني الدولي عرضة للانتهاك. الكوارث الطبيعية تهدد بمحو وجود عدد كبير من الناس" الأمراض، القديم منها والحديث، تنشر الألم" الخدمات الصحية والاجتماعية والنظم الاقتصادية تجهد لإرضاء استحقاقات متنامية. وعليه، فالأكثر ضعفاً، أينما كان، هم أكثر من يتألم. وحيال هذه الحقائق، تكون هذه التعهدات: تقديم المساعدة والدعم الحقيقيين، أينما كان وحيث يجب، لانقاذ حياة ملايين البشر، وتحسينها" دعم الالتزام الجماعي حيال القانون الدولي الإنساني" النضال من أجل الكرامة الإنسانية ومن أجل احتراف تبادل المساعدة، من دون تمييز، لتخفيف ما تسببه الكوارث والحروب من انعكاسات" مساندة ملايين المتطوعين في الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في العالم أجمع، هم الذين يجسدون، كل يوم، الإلتزام الإنساني. فقوة الإنسانية هي قوة الإلتزام الفردي والعمل الجماعي، وعلى الجميع التحرك لتخفيف الألم، وتأكيد احترام الكرامة الإنسانية وإرساء مجتمع أكثر أخوة. اعلان لا يمكن أحداً إلا الموافقة عليه، وكان خلاصة معبرة لما رددته كلمات المشاركين وطالبت به، وان اختلف الأسلوب أو النبرة أو الموقع أو القضية. وكان بالتالي صدى، بقوة الصوت، لتحقيقات ميدانية أجريت في 15 بلداً ما زالت تشهد حروباً أو نزاعات مسلحة، ضمن مشروع للصليب الأحمر الدولي عنوانه "أصوات ضحايا الحرب، حتى الحرب لها حدود"، وأعد في الذكرى الخمسين لتوقيع اتفاقات جنيف. خطة العمل أما خطة العمل التي وضعتها رئيسة "الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر" الأميرة الهولندية مارغريت بأنها "موحية"، وقال السفير الكندي فيليب كيرش ان نصوصها "تعبر خير تعبير عن وجهات جميع المشاركين في المؤتمر، ضمن توازن مقبول"، فتستمر أربع سنوات 2000 - 2003 ضمناً، وتقع في 17 صفحة فولسكاب بالفرنسية وتتناول ثلاثة مواضيع رئيسية: الأول حماية ضحايا النزاعات المسلحة من طريق احترام القانون الدولي الإنساني والتزام أحكامه، والثاني العمل الإنساني خلال الحرب وغيرها من الكوارث، والثالث اقامة شراكة ديبلوماسية لتحسين المستوى المعيشي لمن هم أكثر ضعفاً ومعرضون للأخطار. وكان لكل موضوع أهداف نهائية واجراءات مقترحة، هنا ملخص لها: 1 - في حماية ضحايا النزاعات، دعت الأهداف النهائية كل أطراف النزاعات المسلحة الى: الاحترام التام لالتزاماتهم، كما نص عليها القانون الدولي الإنساني لجهة حماية المدنيين وغيرهم من ضحايا النزاع ومساعدتهم، مع ضرورة احترام ممتلكاتهم" واقامة حاجز فاعل يحول دون الافلات من العقاب، من خلال مجموعة القوانين الوطنية والمعاهدات الإنسانية، في ما يتعلق بقمع انتهاكات القانون الدولي الإنساني" والبحث في وضع نظام عادل للتعويضات" والقبول العام للقانون الدولي الإنساني واعتماد الدول كل التدابير اللازمة، على المستوى الوطني، لضمان تنفيذ الإلتزامات التي تقع على عاتقها، بموجب هذا القانون. تكامل التزامات الدول، بموجب القانون الدولي الإنساني، مع الإجراءات المعنية وذات الصلة، وتعميمه على الأشخاص والأجهزة المعنيين" و"استخدام الأسلحة بما يتوافق وما يرد في القانون الدولي الإنساني، واقامة أنظمة ناجعة لمراقبة الأسلحة والذخائر، ووضع حد للمأساة الناجمة عن الألغام الأرضية المضادة للأفراد". ومن الإجراءات المقترحة لتحقيق هذه الأهداف: ان يحس الجميع أنهم معنيون بتوفير الحماية والاحترام للمدنيين، وخصوصاً النساء والأطفال والمسنين والمعوقين والمهجرين، وبالتالي للممتلكات والتراث الأدبي وأماكن العبادة والمقار الديبلوماسية" وأن تعطى أوامر صارمة لمنع الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني، ضمن آليات ناجعة لتأمين احترام هذه الأوامر" وأن يفسح في المجال أمام المنظمات الإنسانية للقيام بدورها" وأن تقام مناطق انسانية محمية" وأن يمنع اللجوء الى التجويع طريقة لشن حرب" وفي حال الانتهاكات الخطيرة أن تتخذ الدول الموقعة اتفاقات جنيف، فردياً أو جماعياً، الإجراءات اللازمة، بالتعاون مع الأممالمتحدة وبموجب شرعتها، وبمشاركة المنظمات الإقليمية، وفقاً للقاعدة القانونية نفسها، وأن تكثف المنظمات الإنسانية جهدها لتطبيق مبدأ عدم اشراك الأطفال الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة في النزاعات المسلحة" وأن تفي الدول بالتزاماتها الدولية منع جرائم الحرب، وتتعاون في ما بينها حيث تدعو الحاجة، وأن تسوق الأشخاص الذين ارتكبوها أو أمروا بارتكابها أمام محاكمها الخاصة، أو إذا شاءت، ووفقاً لقوانينها، أمام محاكمة دولة أخرى، لمحاكمتهم وانزال العقوبات المناسبة في حقهم، وفقاً للقانون الدولي" وان الدول مدعوة الى التفكير جدياً في المشاركة في وضع المحكمة الجزائية الدولية موضع الإنشاء والتزام نظامها الأساسي" وأن تتخذ اجراءات لاحترام شارة الصليب الأحمر والهلال الأحمر" وأن يصبح القانون الدولي الإنساني مادة في صلب برامج التنشئة العسكرية والأمنية والوظيفية، وبالتالي مادة تثقيفية تعمم على الناس وفي وسائل الإعلام" وان تتعاون الدول وتتحاور لإيجاد أفضل السبل لمساعدة ضحايا الحروب. 2 - في العمل الإنساني خلال الحروب والكوارث، دعت الأهداف النهائية الى استجابة فعلية للاحتياجات في حالات الكوارث من خلال تحسين مستوى الاستعداد لمواجهتها، على المستويين الوطني والعالمي" وتعزيز آليات التعاون والتنسيق في ما بين الدول والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وغيرها من المنظمات" واعداد ما يلزم لاعتبار حقوق الأكثر ضعفاً المعرضين للمخاطر واحتياجاتهم الملحة، أولوية قصوى في اطار العمل الإنساني" وفهم دور كل من العناصر الفاعلين، سياسياً أو عسكرياً أو انسانياً، وتوفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني. ومن الإجراءات المقترحة في هذا المجال: وضع خطط على المستوى الوطني لمواجهة الكوارث الطبيعية أو تحديث الخطط القائمة أصلاً، بربطها، إذا كان ذلك ضرورياً، بالإجراءات الدولية للتدخل، مع تحديد مسؤوليات المجتمعات الوطنية ودورها بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية المعنية، وبالتالي مع المؤسسات الإنسانية الدولية التي تتوافر لديها الإمكانات فضلاً عن الخبرة اللازمة، القيام بدراسات أو الأخذ بما وضع منها عن تقلبات المناخ في العالم لدرء مخاطر الكوارث التي يمكن أن تقع مستقبلاً" وتعزيز التعاون والتنسيق، على المستويين الداخلي والدولي، ضمن استراتيجية لبرمجة المساعدات وتفعيلها خلال الأزمة أو بعدها" واعتماد السرعة في اتخاذ القرارات وتنسيق الجهود، واحترام حق الإنسان مهما كبر حجم المأساة أو صعب الوضع. وفي هذا الإطار، ضرب مثل، خلال جلسات المؤتمر، عن التعاون بين اليونان وتركيا، حكومة ومؤسسات وشعباً، بعد الزلزالين الكبيرين اللذين هزا البلدين، قبل شهرين، على رغم العداء السياسي القائم بينهما، وكذلك عن التعاون الدولي لمواجهة اعصار "النينيو" في أميركا اللاتينية. وأشير، خلال احدى الجلسات، الى حاكم محلي في احدى الدول الأفريقية سرق المساعدات التي قدمت الى بلده المنكوب، ووزعها على زملائه في "الحاكمية" وبعض المقربين منه وأقاربه، من دون أن تحاسبه حكومته على فعلته. ولفت البعض الى أهمية الاستعانة بمشاهير في مجالي الفن والرياضة لتعميم ثقافة صناعة السلم والوقاية من الكوارث، عبر وسائل الإعلام وفي ندوات ومحاضرات ونشاطات ميدانية. 3 - في اقامة الشراكة الديبلوماسية لتحسين المستوى المعيشي للأكثر ضعفاً المعرضين للأخطار: نصت الأهداف النهائية على تحسين حال هؤلاء الصحية بتعزيز التعاون بين الدول والجمعيات الوطنية" واتخاذ مبادرات جديدة لتلبية احتياجاتهم والحد من التمييز واللجوء الى العنف داخل المجتمعات المحلية" وزيادة قدرات الجمعيات الوطنية واقامة شراكة فاعلة مع الدولة، والتعاون مع المنظمات المعنية. ومن الاقتراحات المطروحة على هذا الصعيد: افساح الحكومات في المجال أمام الحركات والجمعيات والمنظمات الوطنية والدولية للمشاركة في رسم السياسات والخطط المستقبلية، والتعاون بين الحكومات والمجتمعات الوطنية والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات الوطنية والدولية الفاعلة، خصوصاً في مجال الصحة ومكافحة الأمراض المعدية كالسل والسيدا الإيدز ووفيات الأطفال" وادراك كل العاملين في هذه المجالات، رسميين ومعنيين ومتطوعين، حقوق الإنسان وتجاوز الفوارق الثقافية والدينية بينهم وبين الآخرين في عمليات المساعدة والانقاذ، خصوصاً عندما يكون الضحية طفلاً مثلاً" والأهم العمل على القضاء على بذور العنف إذا كان المراد التوصل الى سلام فعلي ودائم، كما اقترح برنامج الأممالمتحدة للتنمية. التعهدات لم تقتصر نتائج المؤتمر على خطة العمل والإعلان المشترك، بل رفدته تعهدات، بلغ عددها 387، تقدمت بها 163 جمعية وطنية من الصليب الأحمر والهلال الأحمر والاتحاد الدولي للجمعيات و85 حكومة وتسعة مراقبين. وأهمية هذه التعهدات أنها تجاوزت الخاص الى العام، ما يعني رغبة في العمل معاً سعياً الى بلوغ هدف مشترك، كما قالت السفيرة يولاند بيكيه التي أوجزت الاتجاهات الرئيسية للتعهدات بالآتي: حظر التجنيد العسكري عمن هم دون الثامنة عشرة وخطر اشراكهم في النزاعات المسلحة وحماية الأطفال ومساعدتهم من الناحيتين القانونية والعملية التطبيقية" وزيادة مستوى نشر القانون الدولي الإنساني والتزام المصادقة على البروتوكولين الإضافيين لاتفاقات جنيف وسحب التحفظات عن هذه الاتفاقات" نشر معاهدات ومواثيق أخرى مثل اتفاق أوتاوا في شأن حظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمصادقة عليها" وتعزيز الدور والمسؤوليات لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر كعمل إضافي ومعاون للخدمات الإنسانية للحكومات" وتعزيز القوانين الوطنية بما يوفر الحماية لشارتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر" وزيادة حجم اشراك المرأة وتمثيلها في أجهزة صنع القرار" وتنفيذ البرامج الصحية والاجتماعية لاستجابة الاحتياجات المتغيرة" وتعزيز دور الصليب الأحمر والهلال الأحمر في الاستجابة والاستعداد لمواجهة الطوارىء" والاستعانة بالمتطوعين وتدريبهم وحفز الشباب لضمان مشاركته الفاعلة في وضع البرامج وتنفيذها. قيادة الخطة ولوضع خطة العمل والإعلان المشترك والتعهدات موضع التنفيذ، لا بد من قيادة، هي اللجنة الدائمة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تضم تسعة أعضاء. وتم انتخاب خمسة أعضاء منهما في اليوم ما قبل الأخير من المؤتمر، هم ممثلو الاتحاد الدولي للجمعيات، على أن ينضم اليهم لاحقاً رئيس "الاتحاد" وأمين السر ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر وممثل آخر عن اللجنة. والأعضاء المنتخبون هم: رئيستا اللجنتين الوطنيتين للصليب الأحمر في هولندا والسويد الأميرة مارغريت وكريستينا ماغنوسون، ورئيس الصليب الأحمر الياباني تاداتيرو كونو، ورئيسا جمعيتي الهلال الأحمر في الأردن والمملكة العربية السعودية محمود الحديد وعبدالرحمن السويلم. وبانتهاء ولاية رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر كورنيليو سوماروغا، اختير خلفاً له السويسري ياكوب كالمبرغ. ويلاحظ أن قارتي أوروبا وآسيا تسيطران على هذه اللجنة، في غياب ممثلي قارات أميركا وأفريقيا وأوقيانيا، علماً أن المسؤول السابق في الإدارة الأميركية لورنس ايغلبرغر ترشح اليها ولم يحالفه الحظ...! تسعة أشخاص إذاً على رأس هذه الحركة الدولية يتعاونون مع الحكومات والجمعيات الوطنية والمنظمات الدولية، لتعزيز "قوة الإنسانية" في العالم، في السنوات الأربع المقبلة، خصوصاً أن المؤتمر الذي انتخب رئيس الهلال الأحمر المصري ممدوح جبر رئيساً له، تعهد "التغلب على أي عائق يمكن أن يواجهنا على الطريق السريعة التي تقودنا الى الألفية الثالثة"، على ما قال جبر الذي أضاف: "ان خطة العمل المعتمدة ستحول النظرية تطبيقاً، والطموح واقعاً فعلياً". عندما أبحر 2224 شخصاً من جنسيات عدة، من مرفأ ساوثمبتون البريطاني، في نيسان ابريل 1912، على متن باخرة "تيتانيك" التي "لا تحرق ولا تغرق"، كان ثمة أمل يحدوهم بحياة وبفرص عمل في العالم الجديد، أكثر وأفضل مما كانت توفره لهم دولهم، خصوصاً أوروبا التي أنهكتها الحروب الداخلية والأزمات. لكن جبل جليد صغير. قضى، في ثوانٍٍ على حلمهم الكبير، فأغرق السفينة التي لم ينج من ركابها سوى 1100 شخص. فهل تستطيع "تيتانيك" العالم اليوم أن تدرأ خطر جبال الجليد الكثيرة، في إبحارها نحو قرن وألفية جديدين. وبالتالي الى آمال وأحلام كثيرة؟ وهل يعي قباطنتها أن مصير الإنسانية ليس ملكاً لأي منهم، بل هو في أيديهم جميعاً، فيعملون معاً على ايصال السفينة الى شاطئ الأمان، فتسلم هي، ويسلمون؟ الأرقام والإحصاءات التي قدمت في مؤتمر الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر في جنيف قوة الإنسانية قد تكون كلها معروفة ومألوفة، لمن يتابع أخبار العالم، حروباً وكوارث، في شكل يومي. لكنها حين تتلى أو توزع في منشورات أو كتيبات، وتتكرر في كلمات ممثلي 188 حكومة و176 جمعية وطنية للصليب والهلال الأحمر، فضلاً عن منظمات دولية إنسانية واجتماعية، عرضوا هموم العالم ومشاكله، تجعل من يجمعها يصاب بذهول، ويحس ان الخطر يحدق فعلاً بالكرة الأرضية، اذا لم يتم تداركه. وعليه تصح قولة تهكمية اطلقتها احدى المشاركات في المؤتمر "ينبغي لنا ان نتابع العمل في منطقة تشهد حرباً او كارثة طبيعية حتى بعد رحيل فريق الCNN ! "الحياة" التي تابعت المؤتمر، في أيامه السبعة، سجلت الأرقام والإحصاءات الآتية: - نصف سكان الأرض، اي نحو ثلاثة بلايين نسمة، يعيش كل منهم بأقل من دولارين في اليوم. - بليون و300 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر. - 800 مليون نسمة في العالم يعانون سوء التغذية. - اكثر من نصف مدن العالم إما تعاني كثافة سكانية، وإما انها مدن صفيح، وغالبية ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، تقع في هذه المدن. - سقط في رواندا من جراء الحرب مليون و200 الف قتيل مدني. - مليون ونصف مليون شخص يموتون سنوياً في حوادث طرق. - الأمراض المنتقلة الى الانسان عبر الماء تتسبب سنوياً بقتل خمسة ملايين طفل. - في الدول النامية، يحرم بليون شخص ماء الشفة، ونحو بليونين لا تتوافر لهم المستلزمات الصحية الضرورية. - ربع سكان العالم لا يتأمن لهم الماء النظيف. - 100 مليون عدد اطفال الشوارع في العالم. - الزلزال الذي ضرب احدى المناطق التركية قبل شهرين أتى على نحو نصف مساحة هذه المنطقة، اي ما يعادل مساحة سويسرا، وإعصار "ميتش" الذي ضرب هندوراس قضى في يومين على 60 في المئة من اقتصادها، وقتل 5700 شخصاً، وتضرر من جرائه مليون ونصف مليون شخص، فضلاً عن آلاف المفقودين. - 90 في المئة من الكوارث تصيب الدول النامية، وتؤدي الى انهيارات اقتصادية فيها. - 280 بليون دولار هي خسائر الكوارث الطبيعية في العالم، ويمكن توظيف سُبع هذا الرقم في اجراءات وقائية للحدّ منها او درء اخطارها. - ثماني ضحايا من كل عشر في العالم، من النساء والأطفال. - تسعة من عشرة اشخاص في افريقيا هم نساء يعتبرن رب الأسرة الفعلي، لأنهن يعملن في الزراعة ويُعِلْنَ عائلاتهن. وفي آسيا ثمانية من عشرة. - نسبة وفيات الأطفال الحديثي الولادة في الرأس الأخضر 100 في الألف، فيما النسبة في العالم المتمدن 6 في الألف. - 23 مليون شخص مصابون بالإيدز في أفريقيا ومليون ونصف مليون في أميركا اللاتينية. - 90 في المئة من وفيات الإيدز تسجل في افريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا. - تسع دول افريقية سينخفض متوسط السن فيها 17 سنة عام 2010، عما هو عليه الآن. - ستة آلاف طفل يموتون شهرياً في العراق من جراء الحصار المفروض عليه. - منحت جائزة نوبل للصليب الاحمر الدولي اربع مرات. - 7 نيسان ابريل 2000 يوم عالمي مخصص للدم السليم. - احدى المشاكل التي تصدى لها مؤتمر "قوة الإنسانية" التراجع الهائل في عدد المتطوعين في جمعيات الصليب والهلال الأحمر. إذ انخفض من 220 مليون متطوع عام 1990 الى 105 ملايين هذه السنة. وعلى رغم ذلك قام الاتحاد الدولي لهذه الجمعيات بأكثر من 260 عملية اغاثة في العالم منذ العام 1996 حتى آب اغسطس 1999. وأهم ما نفّذه في العام الجاري شمل كوريا الجنوبية صحة وتأهب للكوارث، وبنغلادش اعادة تأهيل ما بعد النزاع وتأهب للكوارث وبناء قدرات، وأفغانستان صحة وتأهب للكوارث، البلقان حركات السكان، اميركا الوسطى اغاثة ضحايا إعصار "ميتش" وإعادة تأهيل، كولومبيا إغاثة ضحايا الزلزال وإعادة تأهيل. واستفاد من هذه الخدمات نحو 5،12 مليون نسمة، وقدرت كلفتها بأكثر من 140 مليون دولار أميركي.