عندما غادر رونالدو برشلونة متوجهاً إلى ميلانو ليلتحق بفريقها العريق انتر ميلان عام 1997، بكت المدينة الاسبانية بأكملها لفراقه وتوقعت أن تسوء حال فريقها الشهير بعد رحيل أفضل لاعب في العالم. وسعى المسؤولون في النادي الكاتالوني إلى ايجاد البديل المناسب طويلاً إلى أن وجدوا غايتهم في برازيلي آخر هو ريفالدو الذي كان يلعب وقتها ضمن فريق ديبورتيفو كورنا الاسباني أيضاً. العرض كان مغرياً... والالتحاق بفريق برشلونة يمثل أمنية غالية لكل لاعب، لكن علمه بقدر المسؤولية التي ستقع عليه، خصوصاً تجاه الجماهير التي ستقارن حتماً بينه وبين "فقيدها" رونالدو، جعله يتردد في بداية الأمر... لكن بعد مفاوضات استمرت أشهر عدة، اقتنع ريفالدو وصار برشلونياً. ومع مرور الأيام مسح "صاحبنا" ذكريات أنصار برشلونة عن رونالدو على الصعيدين المحلي والأوروبي... محلياً ساهم بشكل كبير في حصول فريقه على لقب بطولة اسبانيا مرتين في أول موسمين لعب له فيهما... وأوروبياً صار برشلونة المرشح الأول للفوز بدوري أبطال أوروبا بعد العروض الرائعة التي قدمها حتى الآن. ويرجع الكثيرون تأهل الفريق الاسباني إلي الدور الثاني من البطولة الأوروبية أساساً إلى ريفالدو الذي صال وجال وقاد فريقه إلى انتصارات مدوية على أرضه وخارجها ما رشح اللاعب للفوز بالكرة الذهبية الأوروبية ولقب أفضل لاعب في العالم لعام 1999. بكاء المدينة لم يستمر بكاء مدينة برشلونة طويلاً لأنه سرعان ما أثبت ريفالدو علو كعبه، وأكد أنه البديل المناسب ل "طفرة" الكرة البرازيلية رونالدو. ولمست الجماهير الفارق المهم بين الاثنين... فالأول يلعب ويجد ويبذل كل جهد ممكن من أجل برشلونة، فيما كان الفريق بأكمله يلعب في الماضي من أجل الثاني. ومع هذا الفارق المهم أدركت الجماهير ان فريقها صار قادراً على انتزاع اللقب من منافسه العنيد ريال مدريد، وهو ما لم يتحقق في عهد رونالدو. وبالفعل صدق حدس أنصار برشلونة وفاز فريقهم بالبطولة المحلية مرتين متتاليتين موسمي 1997-1998 و1998-1999. وعشق الشعب الكاتالوني ريفالدو ليس فقط لاخلاصه وخصاله الجيدة فحسب، لكن ايضاً لأنه الوحيد الذي انتقد مدربه الهولندي لويس فان غال غير مرة من دون ان يتجرأ الأخير على إبعاده عن صفوف الفريق لأنه يدرك أولاً ان لاعبه غالباً ما يكون على حق... وثانياً لأنه يمثل العنصر الأساسي الأول لتشكيلته برغم أن فريقه يعج بالنجوم. وان كان لفان غال رأي خاص جداً في ريفالدو: "ريفالدو صار ذلك اللاعب الشهير بعد أن تدرب تحت اشرافي لأنني علمته كيف يوظف موهبته ومهاراته لمصلحة الفريق. استطعت ان اوقف ميوله الاستعراضية وأحد من انانيته التي كانت تسيطر على أدائه، وتخلى عن أكبر عيوبه وهو الاحتفاط بالكرة كثيراً بداع ومن دون داع... ومن لا يصدقني فليسأل زاغالو"! وكان المدرب البرازيلي المخضرم ماريو زاغالو أبعد ريفالدو عن منتخب بلاده لمدة عام كامل بسبب احتفاظه بالكرة أكثر من اللازم في المباراة النهائية لاولمبياد اتلانتا عام 1996 ما سبب هدف الفوز لنيجيريا في الدقائق الأخيرة. قصة كفاح فضائية ريفالدو قصة كفاح مثمر أنهت مرحلة من الفقر والحرمان: "عانيت الفقر طويلاً، واضطررت للعمل صغيراً كي أساهم في نفقات أسرتي وبالتالي لم أعش طفولتي أبداً. أحببت كرة القدم جداً منذ نعومة أظافري وكنت أشعر بأنني غير قادر على ممارستها لضيق ذات اليد، كنت أركل أي شيء أمامي متمنياً أن يتحول إلى كرة. حلمت كثيراً بأن أكون لاعباً مرموقاً وان ألعب دولياً وأن أحقق شهرة واسعة، لكن أحلامي لم تصل يوماً إلى الحدود التي وصلت إليها حالياً". وإذا كان اسطورة الكرة البرازيلية والعالمية بيليه امتلك القدر الأكبر من حب الجماهير على مر العصور، فإن كل من لديه علاقة باللعبة أكد على أن ريفالدو سينال حباً أكبر خصوصاً في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة في عالم الاتصالات والفضائيات، حتى بيليه نفسه أكد ذلك: "ريفالدو سيحظى بقدر كبير من الحب لدى الجماهير في كل أنحاء العالم... فرصته أكبر من تلك التي حظيت بها لأنه يعيش عصر الفضائيات وصورته والأداء الرائع الذي يقدمه وأهدافه الكثيرة الجميلة يراها الملايين يومياً عبر مئات القنوات التلفزيونية. إنه لاعب مميز واعتقد أنه يستحق ما ناله وما سيناله مستقبلاً لأنه مخلص وخلوق، وسيكون من العدل جداً ان يحصل على الكرة الذهبية الأوروبية ولقب أفضل لاعب في العالم عن العام 1999". واعتبر ريفالدو أن شهادة بيليه في حقه هي أعلى تقدير ناله في حياته: "تمنيت أن تكون شهادة بيليه مكتوبة بخط يده حتى أضعها في إطار من ذهب وأعلقها على جدار البهو الرئيسي في منزلي... ما قاله الاسطورة عني يدفعني إلى تقديم المزيد من الجهد والعرق لأصل إلى أرفع مستوى ممكن". رجل "بيتوتي" وريفالدو رجل "بيتوتي" بمعنى أنه يعشق قضاء أي لحظة فراغ في بيته مع عائلته التي يعتبرها كل شيء في حياته، وهو على عكس رونالدو لا يعشق السهر ولا يحب الوجود في الأماكن المزدحمة: "أسرتي هي أغلى ما أملك... هي استثماري الحقيقي. أحب أن اقضي كل دقيقة ليس لديّ فيها ارتباط مع الكرة مع زوجتي روزي وطفلاي ريفالدينيو 4 سنوات وتاميريس سنتان. اشترطت على ديبورتيفو ثم برشلونة ان يكونوا معي في اسبانيا وان اصطحبهم خلال الارتباطات الأوروبية كلما أمكن ذلك لأنني لا أتصور أبداً ان أكون في مكان وهم في آخر". ولأن ريفالدو لم يعش طفولته فعلاً، فإنه يسعى إلى تعويضها حالياً: "أتحول إلى طفل صغير عندما ألعب مع ريفالدينيو وتاميريس وأشعر وقتها بأنني في عالم لم أعشه من قبل... اعتقد أنه أمر طبيعي لأنني لم أعش طفولتي بسبب الفقر المدقع الذي كانت تعاني أسرتي منه. أتمنى ان أوفر لعائلتي كل ما يجعلها تحيا "عيشة هنية"، لكن المهم ان أكون معها وهي تستمتع بحياتها حتى تكتمل سعادتي". ماذا قالوا عن ريفالدو؟ الهولندي يوهان كرويف، المدرب الأسبق لبرشلونة: "ريفالدو واحد من اللاعبين القلائل في العالم الآن الذين يشدونك لمشاهدتهم ويؤكدون لك أنه ما زالت هناك كرة قدم حقيقية. برغم أنه برازيلي، إلا أنه يلعب بأسلوب أوروبي متطور جداً، ويتميز بقدراته الفائقة على تحويل الملعب في لمح البصر. لكن اسمحوا لي ان أوضح ان ندرة اللاعبين المميزين في العالم حالياً رفعت كثيراً من قيمة ريفالدو". الايطالي فابيو كابيللو، مدرب ريال مدريد سابقاً وروما حالياً: "يكفي أن برشلونة الذي لم يتمكن من الحصول على لقب الدوري في عهد رونالدو، حصل عليه مرتين مع ريفالدو وهو أول المرشحين للاحتفاظ به فضلاً عن اعتباره من ضمن الفرق المرشحة للفوز بدوري أبطال أوروبا. ريفالدو غيّر شكل برشلونة تماماً وبعد ان كان فريق النجم الواحد دائماً في عهد مارادونا أو روماريو أو رونالدو، صار فريقاً يلعب كرة جماعية شاملة". واندرلي لوكسمبورغو، مدرب البرازيل: "دربته عندما كان لاعباً مغموراً في بالميراس ولم أشك لحظة في أنه سيصبح نجماً كبيراً، وأنه سيكون يوماً من الأيام العنصر الاساسي في منتخب البرازيل. اعتقد أن كل مدرب يتمنى أن يكون لديه لاعب مثله، وهو يشكل مع أموروز ورونالدو أقوى مثلث هجومي في العالم حالياً". رونالدو، لاعب انتر ميلان الايطالي: "ليست هناك صداقة قوية بيني وبين ريفالدو ولا نتهاتف أبداً، لكن عندما نجتمع مع المنتخب نتحدث طويلاً. اعتبره اللاعب رقم واحد في العالم حالياً والأجدر بالفوز بلقب الأفضل فعلاً برغم انني أسعى جدياً لاستعادة اللقب". اللاعب الأرجنتيني السابق والناقد الرياضي حالياً فالدانو: "لديه أهم مميزات لاعب خط الوسط المهاجم الناجح، وأهم هذه المميزات أنه يعرف كيف يتحرك في الملعب ويراوغ ببراعة وتسديداته قوية وتمريراته متقنة. لا استطيع ان أجزم بأنه أفضل لاعب في العالم حالياً لكن ما استطيع أن أؤكده انه الأكثر جاهزية". ريفالدو تاريخ وأرقام ولد ريفالدو فيكتور بوربا فيريرا في 19 نيسان ابريل 1972 في راشيف في ولاية برنامبوكو شمال البرازيل. يبلغ طول قامته 87.1 متراً ويزن 75 كيلوغرماً. بدأ مشواره الكروي مع فريق سانتاكروز وانتقل إلى موجي ميريم وهما فريقان صغيران في مدينته. انتقل إلى كورينثيانز عام 1992، ولعب بعدها بعام واحد مع المنتخب. انتقل إلى بالميراس عام 1994... ومعه فاز بدوري ساوباولو ثم بطولة البرازيل. وصل إلى اسبانيا مطلع موسم 1996-1997 وانضم إلى ديبورتيفو كورونا الذي لعب له 41 مباراة سجل خلالها 21 هدفاً. انتقل إلى برشلونة مطلع موسم 1997-1998، وسجل في الموسم الأول 19 هدفاً في 34 مباراة، وفي الثاني 24 هدفاً في 37 مباراة. حصل مع برشلونة على لقب الدوري المحلي موسمي 1997-1998 و1998-1999. أشهر من حمل الرقم 10 من البرازيليين بعد بيليه وريفيلينو وزيكو. لعب مع المنتخب 34 مباراة أحرز خلالها 16 هدفاً.