أبقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، الذين التقوا في الرياض أمس، اجتماعهم مفتوحاً على أن يستكمل في 26 الشهر الجاري، عشية القمة الخليجية التي ستبدأ أعمالها في العاصمة السعودية في 27 تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وبعد جلسة افتتاحية وجلستين مغلقتين في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في الرياض، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن الوزراء أعدّوا جدول أعمال القمة العشرين، التي ستكون الأخيرة في القرن العشرين، مؤكداً أن أهميتها "تكمن في الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية، وستكون لها كلمة بما يؤثر إيجاباً على أمن المنطقة واستقرارها وازدهارها". وشدد على وجود "مشاكل عالقة" في إطار العلاقات الخليجية الإيرانية تجب معالجتها "كي تستقيم الأمور" وعلى رأسها قضية الجزر الثلاث. واللافت أمس كان تكتم الوزراء وامتناعهم عن الادلاء بتصريحات بمن فيهم وزير الخارجية الاماراتي السيد راشد عبدالله النعيمي، إذ أحالوا الصحافيين على وزير الخارجية السعودي. وكانت سادت تكهنات عن تشبث الامارات بطرح تقويم مهمة اللجنة الثلاثية الخليجية على جدول أعمال القمة المقبلة، لمراجعة ما حققته لتهيئة الأجواء لمفاوضات مباشرة بين الامارات وايران على الجزر الثلاث. وسألت "الحياة" الأمير سعود الفيصل هل تعد اللجنة لتحرك جديد فأجاب باقتضاب: "منذ شكلت اللجنة، نؤكد أنها ترفع تقاريرها إلى القمة ولن أستطيع قول شيء في هذا الإطار". ورداً على سؤال آخر ل"الحياة" هل اقتنعت الإمارات بعدم طرح قضية الجزر على جدول أعمال قمة الرياض، قال وزير الخارجية السعودي بعد الجلسة المغلقة الثانية للمجلس الوزاري: "لا تصدق ما تكتبه الصحف في بعض الأشياء. هناك لجنة مكوّنة لهذا الغرض وهي تدرس الموضوع". وسئل أيضاً هل تؤيد دول الخليج تعليق العقوبات المفروضة على العراق فأجاب: "موقفنا في مجلس التعاون معروف. نريد رفع المعاناة عن الشعب العراقي، لكن عدم تنفيذ الحكومة العراقية قرارات مجلس الأمن هو العائق". واختصر وزراء الخارجية جلسات اجتماعهم الذي كان مقرراً أن يختتم اليوم، وكان وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أول من غادروا القاعة قبل نحو ساعة من انتهاء الجلسة الثالثة لمقابلة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وتسليمه رسالة من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وبعدما أدلى الأمير سعود الفيصل بتصريحات مقتضبة اثر الجلسة، اصطحب الوزراء في سيارته إلى المطار. وفي الجلسة الافتتاحية ألقى الأمير سعود الفيصل كلمة شدد فيها على أن مسيرة مجلس التعاون أثبتت أنه "أنشئ ليبقى" كما أثبتت قدرتها على "الصمود" على رغم "صعوبات وتحديات ومراهنات" على استمرارها. ولفت إلى ضرورة "توحيد القرار السياسي والاقتصادي والأمني لدول المجلس" الذي "نريد له أن يكون رادعاً ذا صدقية ضد كل اعتداء محتمل، وحصناً منيعاً في وجه كل من يضمر له السوء". وتحدث عن جدول أعمال "حافل" أمام المجلس الوزاري الذي سيرفع توصياته إلى قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون خلال قمة الرياض. وأشار ضمناً إلى تقدم المواضيع الاقتصادية لتوازي في أهميتها باقي ملفات القمة، موضحاً أن هذا الجانب يأتي في مقدم المسائل المهمة. ونوه بقرار البحرين السماح لمواطني دول المجلس بتملك العقارات والأراضي أسوة بالمواطنين البحرينيين. ونبه إلى أهمية استكمال دول الخليج خطوات في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية. وشدد على أن "نظام بغداد مستمر في أسلوب المراوغة والمماطلة والتهرب من الامتثال الكامل لقرارات الشرعية الدولية، مع ما يترتب على ذلك من استمرار لمعاناة الشعب العراقي وتهديد لوحدة العراق وسيادته" محمّلاً الحكومة العراقية وحدها مسؤولية تلك المعاناة. وذكّر بمبادرات عربية ودولية طرحت لإيجاد "آلية ومنهجية فاعلة لرفع الحظر الاقتصادي". وتطرق وزير الخارجية السعودي إلى ملف العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران، مكرراً أن "تقدماً ملموساً" تحقق نتيجة "التوجه الإيجابي للحكومة الإيرانية". لكنه نبه إلى وجود "مشاكل عالقة" مع طهران تنتظر حلاً "كي تستقيم الأمور وعلى رأسها قضية الجزر الثلاث" الاماراتية، التي تعتقد أبو ظبي بضرورة الربط بين ايجاد تسوية لها وبين تفعيل التعاون الخليجي مع إيران. وأعرب الأمير سعود الفيصل عن "تفاؤل" بعدما ذكّر بتكليف اللجنة الوزارية السعودية القطرية العمانية تهيئة الأجواء لإيجاد آلية للتفاوض المباشر بين الامارات وايران، لافتاً إلى ما أظهره الرئيس محمد خاتمي من "رغبة في بدء صفحة جديدة من العلاقات الخليجية الايرانية يسودها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون المثمر". وجدد دعم مجلس التعاون الجهود المبذولة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن عملية السلام شهدت "بصيصاً من الأمل" بعد توقيع اتفاق شرم الشيخ.