تسلم المدعي العسكري المصري في نيابة أمن الدولة أمس أوراق قضية "النقابات المهنية" المتهم فيها 20 من قادة جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة على رأسهم النائب السابق أمين الصندوق في نقابة المحامين مختار نوح. وينتظر أن تبدأ النيابة العسكرية تحقيقات جديدة مع المتهمين الذين كانت أجهزة الأمن قبضت على 16 منهم منتصف الشهر الماضي اثناء اجتماع عقدوه في مقر "اتحاد المنظمات الهندسية الإسلامية" في ضاحية المعادي، جنوب العاصمة، في حين قبض لاحقاً على الأربعة الآخرين، وبينهم الأمين العام لنقابة المهندسين الدكتور محمد علي بشر في منازلهم. وأحيل الجميع على النيابة التي وجهت لهم تهم "التخطيط لاختراق النقابات المهنية للعمل على نشر أفكار جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة ومبادئها، والانضمام الى تنظيم سري أسس على خلاف أحكام القانون، وحيازة مطبوعات تحوي عبارات مناهضة تحض على كراهية نظام الحكم وإزدرائه". وأفادت مصادر مطلعة أن النيابة العسكرية ستواجه المتهمين بتسجيلات جرت للاجتماع المذكور وأخرى لاتصالات هاتفية بين بعضهم بعضاً تحدثوا فيها عن خطط التنظيم في الفترة المقبلة، إضافة الى وثائق ضبطت أثناء الاجتماع وفي منازلهم. ورجحت المصادر أن تبدأ محاكمة المتهمين قبل نهاية الشهر الجاري، بعدما يحدد المدعي العام العسكري إحدى دوائر المحكمة العسكرية العليا ليمثل المتهمون أمامها. وفي المقابل بدأ محامو المتهمين إجراءات للطعن بالمادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية التي تمنح الرئيس المصري حق إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية في ظل قانون الطوارئ المعمول به في البلاد منذ 1981. وقال المحامي عاطف عواد ل"الحياة" إن هيئة الدفاع قدمت طلباً الى رئيس المحكمة الدستورية العليا لتحديد جلسة للنظر في طعن كان محامون أقاموه في 1995 في شأن المادة المذكورة لإثبات عدم دستوريتها ولم تفصل فيه المحكمة بعد. ومعروف أن "الإخوان" تعرضوا في ذلك العام لأكبر حملة حكومية ضدهم منذ 25 عاماً، إذ قبض على أكثر من 60 من قادتهم على رأسهم الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء الدكتور عصام العريان، والأمين العام لاتحاد الأطباء العرب الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح وإحالتهم على ثلاث دوائر عسكرية في ثلاث قضايا منفصلة. واعتبر المحامي عواد أن إحالة القضية الجديدة على القضاء العسكري "تثبت أن التهم الموجهة الى المتهمين غير كافية لإدانتهم إذا مثلوا أمام محكمة مدنية"، لكنه رأى أن القضية الأخيرة "تمنح المتهمين تعاطفاً وتتيح للإخوان مناخاً إعلامياً يمكنهم من خلاله توطيد العلاقات مع القوى السياسية الأخرى التي تخالفها في المبادئ، ولكن تتفق معها على معارضة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري". وعلمت "الحياة" أن عدداًَ من كوادر "الجماعة" طلبوا من اعضاء في مكتب الإرشاد "وضع حد لسياسات جعلت السلطات تتصيد العناصر النشطة من اعضاء التنظيم من دون التعرض لرموز الجماعة من الشيوخ"، واعتبرت مصادر في الجماعة أن غياب أي رد فعل من جانب "التنظيم الدولي للإخوان" على اعتقال نوح وزملائه وكذلك إحالتهم على القضاء العسكري "يعكس حجم المشاكل التي يعانيها التنظيم والخلافات التي تعصف بين قادته"، وأشار هؤلاء الى حملة تبناها بعض قادة "الإخوان" خارج مصر في 1995 وجهود بذلها بعضهم تضمنت إيفاد محامين أجانب يعملون في منظمات حقوقية دولية الى مصر لمتابعة المحاكمات العسكرية لعناصر الجماعة التي جرت في ذلك العام. من جهة أخرى قال بيان أصدره "المرصد الإعلامي الإسلامي في لندن" إن اسلامياً مصرياً توفي نتيجة لسوء الأوضاع داخل السجون المصرية، وذكر البيان الذي حصلت "الحياة" على نسخة عنه أن محمود عجمي مهلهل معوض وهو في العقد الثالث من العمر توفي في 21 تشرين الأول اكتوبر الماضي داخل سجن دمنهور، مشيراً الى أن معوض "كان يتمتع بصحة جيدة عند اعتقاله"، وأوضح البيان أن أسرة الإسلامي المصري تسلمت جثته وتعرضت لضغوط لعدم تسريب خبر وفاته. وذكر أن معوض هو الشقيق الأصغر للإسلامي سيد عجمي مهلهل الذي يقيم في بريطانيا، والمحكوم غيابياً من محكمة عسكرية مصرية بالسجن لمدة عشر سنوات في قضية "العائدون من ألبانيا". وطالب المرصد المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان القيام بإجراء تحقيق وافٍ في ملابسات الوفاة.