سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الحياة" ترصد رحلة الفتيات الخادمات من أديس أبابا إلى بيروت : 17 ألف أثيوبية متروكات من دون رعاية ديبلوماسية إنتهاكات تطاول جواز السفر وسوء معاملة والهرب لا يشكل ضماناً 1 من 2
تعترف السيدة دلال بأن الخادمة التي استقدمتها أخيراً من أثيوبيا عبر أحد المكاتب في بيروت هي أفضل من سابقتها السري لانكية، وأنها الخيار الصائب لحل مشكلة العمل المنزلي ورعاية الأطفال منذ قررت الإنجاب من دون التخلي عن الوظيفة. لكن الجهد الذي تقوم به هذه الخادمة والذي يتجاوز 18 ساعة عملاً يومياً من دون يوم راحة مع بقائها حبيسة المنزل، ثلاث سنوات متتالية، لا يحق لها خلالها التحدث إلى أحد أو الإتصال به، يبقى عرضة لانتقاد السيدة وقد تترجمه صراخاً وشتماً وحتى ضرباً، وفي اعتقادها أنها تدافع عن استثمار حصلت عليه في مقابل مبلغ يفوق 1500 دولار وقد يتجاوز بعد مرور السنوات الثلاث، خمسة آلاف دولار بدل رواتب وتأمين إجازة عمل وفحوص طبية، من دون إحصاء بدل مسكن وطعام وملبس ودواء. الخادمة اللبنانية نادر وجودها في منازل اللبنانيين منذ أن اكتشفوا اليد العاملة الرخيصة الآتية من شرق آسيا وأفريقيا، ويمكن إحصاء أكثر من 15 بلداً يضخ إلى لبنان نساء ورجالاً يخدمون في البيوت والمصانع والشركات والمستشفيات وفي الشوارع، بغض النظر عن اليد العاملة الآتية من البلدان المجاورة. وفي غياب أي إحصاء رسمي وكامل لحجم العمالة الأجنبية في لبنان يمكن رصد الدول الوافدة منها وهي: سريلانكا والفيليبين ومدغشقر والهند وموريشيوس وغانا وبوركينا فاسو وساحل العاج ونيجيريا وبنغلادش وأوغندا وأثيوبيا وأريتريا وتوغو والسودان وأوغندا. واللافت منذ خمس سنوات تزايد الخادمات الأثيوبيات في لبنان ومنافستهن الشديدة للخادمة السري لانكية بعدما اكتشفت ربّات البيوت فيهن مزايا لا تتوافر، بحسب أقوالهن، في الخادمة السري لانكية لجهة الهدوء والنظافة والجمال الذي يتلاءم والمزاج اللبناني. ويحصي مكتب المحاماة لروجيه حنا في بدارو الذي يتابع أوضاع الرعايا الأثيوبيين في لبنان بالتنسيق مع السفارة الأثيوبية في القاهرة أكثر من 17 ألف خادمة أثيوبية بمعدل ألف واحدة تستقدم شهرياً في مقابل 50 فتاة يغادرن الى بلادهن. إستقطاب الفتيات تحوّل تجارة مربحة تدرّ آلاف الدولارات على العملاء خصوصاً في أثيوبيا مروراً بمكاتب السفر في أديس أبابا وصولاً الى مكاتب الخدم في لبنان. وعدد هذه المكاتب التي تتعامل مع عملاء أثيوبيين 58 على الأراضي اللبنانية. فمشكلة "الإستعباد الحديث"، وهو مصطلح بات يتم تداوله في الأممالمتحدة وتقام من أجله دورات بحث في جنيف، تبدأ في بلد "المنشأ" قبل أن تتفجر في منزل المخدومين. ويقول نيغوسي وهو مواطن أثيوبي يقيم في بيروت منذ العام 1997 بعدما تحول من سائح الى مترجم دائم ما بين الخادمات الأثيوبيات والمكاتب وأرباب العمل والشرطة والأمن العام "ان معظم الخادمات يحملن شهادة الثانوية العامة ولم تتوافر لهن فرص عمل في بلدهن فيفكرن في السفر للعمل في الخارج ولو بصفة خادمات، علماً ان هذا النوع من العمل لم تعتده الفتاة الأثيوبية، ويعتبر "دونياً" في بلادها، إلا أنها مستعدة لتأديته في الخارج طمعاً بمردود مالي مغرٍ. والوكيل الذي تهمّه أموال سيجنيها من الفتيات يصوّر لهن العمل على غير ما هو عليه، كأن تعمل في تنظيف مكاتب شركة قبل الظهر وبعده يمكنها متابعة دراستها الجامعية، أو أنها ستعمل في سوبر ماركت. اما البلد الذي سيتم ارسالها اليه فيتوقف على مقدرتها المالية ويرتفع المبلغ الذي تدفعه الى الوكيل الى ألف دولار اذا اختارت بلداً خليجياً وينخفض الى 300 دولار اذا اختارت لبنان، علماً ان الفتيات يستدنّ المبلغ في اغلب الاحيان على امل تسديده لاحقاً. وتختلف التسعيرة باختلاف الرواتب التي ستتقاضاها الفتاة ويقال لها ان الراتب في الخليج يصل الى 150 دولاراً في حين لا يتجاوز 100 دولار في لبنان، وهو يبقى مغرياً بالمقارنة مع رواتب اثيوبيا التي قد لا تصل الى 50 دولاراً". غالباً ما يتمركز الوكلاء في أديس أبابا وقد يوسع بعضهم نشاطه الى الاقاليم. ففي العاصمة مكاتب سفر وتجارة وخدمات تمارس تحت هذا الغطاء تجارة الخادمات التي تستوجب اخضاع الفتاة لفحوص طبية عن أمراض السل والسيدا والصفيرة والسفلس والملاريا، ولفحص الحمل قبل 48 ساعة من مغادرتها بلدها. ويطلب الوكيل من الفتاة اجراء الفحوص في مختبرات تم التعاقد معها لتكون مسؤولة عن النتائج التي تعطيها إذا تبين لاحقاً ان الفتاة "غير سليمة"! فتجارة الخدم غير مشروعة في أثيوبيا وفي حال تم توقيف احد الوكلاء بهذه التهمة فلا نصوص قانونية توضح العقوبة، علماً ان الوكلاء يعمدون الى محو آثار اي دليل يشير الى تجارتهم فهم لا يعطون الفتيات ايصالات بالمبالغ التي يتقاضونها منهن، والفتاة بدورها لا تكشف عن مدبر سفرها الى الخارج وتكتفي بالقول امام الأجهزة الأمنية في المطار أن شقيقتها او أحد اقاربها في البلد المقصود أمّن لها العمل، إذ أن تأشيرة الدخول المطبوعة على جواز سفرها هي تأشيرة عمل والقانون الأثيوبي لا يمنع مواطنيه من مغادرة البلاد بغرض العمل في الخارج. رحلة العذاب تبدأ من اللحظة التي توافق فيها الفتاة على العمل خادمة خارج بلدها من دون عقد عمل يوضح الواجبات والحقوق، وإذا كان البلد المقصود لبنان فإن الأمر يزداد تعقيداً اذ لا تمثيل ديبلوماسياً لأثيوبيا سفيرتها في بيروت تقيم في القاهرة، أي غياب المرجع والسند. وما أن تصل الفتاة الأثيوبية الى بيروت حتى يعمد الأمن العام الى مصادرة جواز سفرها لتسليمه الى كفيلها الذي بات عليه وفق الإجراءات الجديدة المتخذة تسلمها شخصياً خصوصاً ان اسمه موجود على جواز سفر الفتاة. واعتادت مكاتب الخدم، بدورها، على توصية المخدومين بمصادرة جواز سفر الخادمات وعدم اعادته إليهن إلا بعد انتهاء عقد العمل الذي يتم توقيعه في المكتب وباللغة العربية التي لا تفقه الخادمات الأجنبيات شيئاً منها ولا عن مضمون العقد، وإذا تم التدقيق في عملية مصادرة جواز السفر فإنها لا تعني سوى انتهاك قوانين الدولة التي تنتمي اليها الخادمة وهو ما لاحظه تقرير عن لبنان وضعته اللجنة التي تتابع تطبيق مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية "إذ أن الكثيرين من العمال الأجانب صادر أصحاب الأعمال الذين يعملون لديهم جوازات سفرهم، وهذه الممارسة التي سلمت الحكومة بوجوب معالجتها معالجة مرضية اكثر لا تتفق مع المادة 12 من العهد". وأوصت اللجنة في التقرير الصادر في العام 1997 بأن "تتخذ الدولة الطرف تدابير فاعلة لحماية حقوق هؤلاء العمال الأجانب بمنع مثل هذه المصادرة وتوفير وسائل متيسرة وفاعلة لاسترداد جوازات السفر". ويعتقد المخدومون ان مصادرة جواز السفر يمنع الخادمة من الهرب ومغادرة البلاد، علماً ان تأشيرة الدخول الممهورة على جواز سفر الفتاة لا تزيد مدتها على ثلاثة أشهر، وبعدها تصبح اقامتها غير مشروعة في لبنان ما لم تستصدر اجازة عمل لها، وإلا تلاحقها الأجهزة الأمنية بتهمة الإقامة خلسة، علماً ان معظم المخدومين لا يعمدون الى اصدار اجازة العمل بل يكتفون بناء على نصيحة مكاتب الخدم بإجراء تسوية لوضع خادماتهم في نهاية عقد العمل. وكم يغص سجن النساء بخادمات أجنبيات لا تهمة ارتكبنها سوى انهن لا يملكن اجازة عمل. والمعلوم ان الحكومة الأثيوبية لا تعطي جواز سفر صالحاً لأكثر من سنتين وإذا كان الأمن العام اشترط لإعطاء تأشيرة الدخول ان يكون جواز السفر صالحاً ل15 شهراً فإن المشكلة التي تواجه الخادمات لاحقاً تبرز مع انتهاء صلاحية جواز السفر، فمَنْ الذي يجدده وكيف في غياب السفارة الأثيوبية وحتى القنصلية؟ يقول المحامي حنا ان عملية التجديد كانت حتى زمن قريب تتم في السفارة الأثيوبية في القاهرة، وكانت الفتيات يتكبدن في نتيجتها مبالغ كبيرة، والآن تم اعتماد إجراء جديد فيأتي القنصل الى بيروت مرة كل شهرين لإنجاز المهمة وتبلغ الكلفة الآن 54 دولاراً. والسؤال المطروح، كيف تقبل الحكومة الأثيوبية بإرسال رعاياها الى بلد لا وجود ديبلوماسياً لها فيه، وهي تعلم ان كلفة تجديد جواز السفر توازي في بعض الأحيان راتباً تتقاضاه الفتاة وقد لا تملكه، خصوصاً اذا هربت من منزل مخدوميها أو لم يلتزم هؤلاء اعادتها الى بلادها، بل يطردنها في نهاية فترة العقد الى الشارع من دون اعطائها رواتبها او بطاقة سفر تعيدها الى بلادها؟ ولامبالاة الحكومة الأثيوبية حيال رعاياها، ربما لأنهن خادمات، تنسحب ايضاً على الحكومة اللبنانية التي تسمح، وهي غير الملزمة أصلاً، للخادمات بدخول أراضيها بجوازات سفر تنتهي صلاحيتها بعد اقل من سنة ونصف السنة، علماً ان مدة عقود العمل في لبنان لا تقل عن ثلاث سنوات عملياً، وما يمنع لبنان من التنسيق المباشر مع اثيوبيا في وقت يبيح لنفسه التنسيق مع مكاتب الخدم التي رخّص لها تجارتها بسلع وليس ببشر؟ ولأنها سلعة فأن مكاتب الخدم اعتادت في السابق "بيع" الفتيات في ما بينها ما يمحو اي اثر للفتاة في حال انقطعت اخبارها عن اهلها، وإذا كانت اجهزة الدولة اللبنانية من خلال إجراءاتها الجديدة جعلت مكاتب الخدم الوسيط بين الكفيل والخادمة وحصرت علاقتها مباشرة بالكفيل الذي بات مسؤولاً عن الفتاة التي استقدمها على اسمه حتى لحظة مغادرتها الأراضي اللبنانية، فأن هذا الإجراء يعفي مكتب الخدم من مسؤوليته حيال الخادمة ويمنح الكفيل سلطة ابتزازها في مقابل اعادة جواز سفرها اليها والموافقة على سفرها. يستطيع الأب سليم رزق الله، وهو من الناشطين في مجال رعاية العاملات الأجنبيات في لبنان، التحدث بأكثر من عشر لغات هي لسان الخادمات في لبنان اللواتي هربن من منازل مخدوميهن او طردن منها ظلماً، ولجأن إليه. وهو يستعد الآن للسفر الى أديس أبابا لتأمين رجل دين ل14 ألف خادمة أثيوبية في لبنان يعتنقن الديانة المسيحية الأرثوذكسية لمتابعتهن رعوياً. ولا يستطيع الأب رزق الله وصف ما يحدث في لبنان بين الخادم والمخدوم "إلاّ بالعبودية" وهو حين راح يتفقد مئات من الخادمات من مختلف الجنسيات تجمّعن في مدرسة الجمهور لصلاة يوم الأحد وقضاء يوم إجازة من العمل، استوقفته العشرات ولكل منهن مشكلتها. يقول "أنا أتجاهل الشرطة وهي تتجاهلني، احاول ان اصل الى تسوية بين الكفيل والخادمة الهاربة، فتارة انجح، وطوراً لا، خصوصاً عندما يطلب الكفيل مبلغ 2500 دولار لإعادة جواز السفر الى الخادمة، وهو مبلغ لا تملكه هي ولا أي جهة قادرة على تسديده عنها في حين ان تكليف محام للدفاع عن الخادمات الموقوفات في السجون يتطلب توكيلاً من الكاتب العدل، والوكالة لا يمكن تحريرها في غياب جواز السفر، علماً ان عملية تخليتهن تستوجب دفع جزاء بقيمة 950 دولاراً تمنع الفتاة بعدها من العودة الى لبنان، خمس سنوات. المتعارف عليه في لبنان وفي الدول العربية ان العمل المنزلي لا قيمة له. فالرجل الذي يحترم المرأة التي تعمل في منزلها لا يحترم بالتأكيد العمل المنزلي نفسه، لأنه غير مستعد للقيام به، في حين ان توجه المرأة الى العمل خارج المنزل وهو في الأغلب نتيجة الضائقة الإقتصادية لم توازه تغيرات تخفف من الأعباء المنزلية الملقاة على كاهلها. فلا مؤسسات لرعاية الأطفال او المسنّين، اضافة الى ان قيم المجتمع لم تتغير، والواجبات العائلية هي نفسها والبيوت المفتوحة للضيافة والولائم عادات لم يُستغنَ عنها ما يعني تضخم العبء الملقى على المرأة، والنساء المستعبدات يستعبدن غيرهن من دون ان يفطن للأمر، خصوصاً اذا كان هذا الغير من بلد تتعارض تقاليده ومفاهيمه مع تقاليد البلد الذي هو فيه وينعدم التواصل ما بين اللغتين العربية والأمهرية، وتزيد الصدمة التي تعانيها الخادمة نتيجة طبيعة العمل الذي ستقوم به في تعقيد العلاقة ما بين الطرفين، وقد تنتهي الى تنافر. فأما أن يتحول خضوعاً بسبب القسوة التي تمارس على الفتاة التي لا حول لها، وأما هرباً من المنزل والدخول في متاهة اخرى، وقد تجري العلاقة في مسارها الطبيعي في منازل تعترف بحقوق البشر. قالت "ماسيما" وهي فتاة أثيوبية عملت في منزل مخدوميها ثلاث سنوات، انها جاءت الى مدرسة الجمهور لتصلي من اجل ان يحترم الإنسان أخاه الإنسان، وهي لحسن حظها، كما تقول، تعمل في منزل محام وزوجته وأولاده الثلاثة ولا يمكنها مقارنة وضعها بوضع صديقتها "غيتي" التي عندما رشّت سيدتها المنزل بمبيد للحشرات أخذت خادمتها الى منزل الأقارب لخدمتهم في الوقت الضائع. الأب مارتن ماك درموت من اللجنة الرعوية من اجل المهاجرين الأفارقة والآسيويين التي تتابع اوضاعهم في لبنان، يقول ان احدى الفتيات الأثيوبيات شكت إليه سلوك سيدتها قائلة: "كنت اتمنى لو ان سيدتي تتحدث إليّ، إنما هي طول الوقت تصرخ في وجهي وكأنني حيوان". ويعتقد "ان المسألة ليست حقوق المرأة لأن المعاملة السيئة تصدر من امرأة على اخرى، في حين ان الرجل اذا لم يعتد على الخادمة يقف على الحياد... ربما لأنه يعامل زوجته بالطريقة نفسها". ولدى الأب مارتن اقتناع كامل بأن "بعض النساء في لبنان ينفقن على خادماتهن اقل مما ينفقنه على كلابهن". ويسأل "هل اجريت تحقيقات جدية في حالات الوفاة الناتجة مما يعلن انه انتحار، خصوصاً من الشرفات؟". ولكن ماذا عن مصير الفتاة التي تهرب من منزل مخدوميها؟ كثيرات منهن يتهمن بالسرقة وهي وسيلة يلجأ إليها المخدوم لدى المخفر احياناً بنصيحة "رسمية" كي تتمكن الاجهزة الأمنية من ملاحقة الخادمة كون الأمر يتفاوت ما بين جنحة وجناية، بحسب الظروف التي تحيط بقصة السرقة ليلاً ام نهاراً، خلع باب او ما شابه، لأن الإبلاغ عن الهرب وحده لا يخضع صاحبه للملاحقة الجزائية لأنه نقض لعقد إداري. وتقول السيدة تينا نقاش وهي من المتطوعات لملاحقة ظاهرة "العبودية" في لبنان أن "لا احد يملك إحصاء لعدد الخادمات اللواتي تحولن الى الشارع نتيجة الهرب او الطرد وأكثرهن من التابعية الأثيوبية وصغيرات السن، صدمن بطبيعة العمل الذي اخترنه وتعرض بعضهن لتحرش جنسي، ولغياب السفارة التي تحمي حقوقهن وتعيدهن الى بلادهن على غرار ما تفعله السفارتان السري لانكية والهندية وغيرهما". وتعتقد السيدة نقاش "ان حصر علاقة الخادمة بكفيلها يفترض ان يقلل من حالات الغبن اللاحقة بها، ولكن إذا كانت الحكومة الأثيوبية لا تريد الدفاع عن رعاياها فلماذا يُطلب من الحكومة اللبنانية تحمل مسؤوليتهم، علماً ان من واجب الدولة اللبنانية حماية حقوق العامل الأجنبي الذي دخل أراضيها في شكل قانوني ومن المطار وليس خلسة؟". وترى السيدة نقاش "ان من الإجراءات المطلوب تنفيذها اجبار اللبنانيين على تسجيل خادماتهن في سفارات بلادهن، مع اقتناعها التام بأن اي انسان يدخل مكتب الخدم لا بد من ان يخرج منه مستعبداً لإنسان لأنه اجرى اتفاقاً مع تاجر ودفع له مالاً ليستخدم انساناً لا يُعقد الاتفاق معه مباشرة. ويقضي الإتفاق بأن إذا لم يردّ الكفيل الخادمة الى المكتب في حال لم تعجبه خلال ثلاثة اشهر، لا يعود يمكنه استرداد ماله، ما يعني تحويل الخادمة استثماراً". ويرصد نيغوسي تجمعات للأثيوبيات اللواتي هربن من منازل مخدوميهن في ضواحي بيروت وجبل لبنان، "بعضهن يعمل بأجر شهري قيمته 250 دولاراً أو بالساعة والبعض اصطادته الأندية الليلية. لكن الجميع يعمل من دون اجازة عمل وبالتواطؤ مع ارباب العمل والويل لفتاة اذا مرضت او تعرضت لحادث يستدعي دخولها المستشفى، فلا ضمانات لديها وعليها دفع الكلفة الباهظة من جيبها". في سجلات المحامي حنا 67 حال وفاة لخادمات اثيوبيات نتيجة التعذيب في المنازل او المرض او الانتحار او الحوادث، وخمس حالات جنون بسبب الإعتداء الإسرائيلي على لبنان في حزيران يونيو الماضي وإصابات بالصدمة العصبية، وآخر حالة وصلت الى مكتبه، فتاة اثيوبية تعرضت للعض من مخدومها. السيدة دلال شأنها شأن جميع سيدات المجتمع اللبناني، تعتقد "ان في الكلام عما تتعرض له الخادمات الكثير من المبالغة لأن المسألة في رأيها اكثر تعقيداً من ذلك. فهي تتعلق بشخص غريب ليس مصدر ثقة يشاركك منزلك وطعامك وخصوصياتك"، وهي تعتقد "ان بعض الخادمات يحتجن الى القسوة احياناً لدفعهن الى اتقان عملهن". السيدة دلال لم تتمالك نفسها عن شتم خادمتها عندما اوقعت فنجان القهوة على سجادتها العجمية الثمينة، وتحذيرها لها من انها لن تنام الليل اذا لم تُعد الى السجادة بريقها ... كانت الساعة الحادية عشرة ليلاً