ما إن عرفت محدثتي المخرجة السينمائية والتلفزيونية الشابة أنني من بلد يجاور لبنان، حتى علت وجهها علامات الأسى «آه نعم، في لبنان تعاني الإثيوبيات كثيراً، لقد تناولت أعمال تلفزيونية هذه القضية». استر بدان جاءت من إثيوبيا إلى مهرجان نانت السينمائي مشاركة في فيلم قصير أخرجته، هي أيضاً ممثلة سينمائية وتعمل في التلفزيون الإثيوبي وقد أخرجت مسلسلات. وفي حديثها معي أشارت إلى أن التلفزيون الإثيوبي يحاول بث حملات دعائية لثني الفتيات عن الذهاب إلى لبنان، أو لإرشادهن إلى أفضل الطرق للحفاظ على حقوقهن. وأكدت أن هذا الأمر يشغل الناس كثيراً في بلدها، وأن ثمة مسلسلاً أثار الاهتمام والحزن هناك حين عرض لأنه تناول قصة حقيقية لشابة إثيوبية. إذ بين العمل جهود عائلة باعت ما تملك واستدانت لتستطيع أن ترسل ابنتها للعمل خادمة في لبنان، لكن ذهابها كان بلا عودة، لأن تلك المسكينة ماتت هناك بعد أن ألقت بها مخدومتها من النافذة. وشرحت المخرجة الشابة الصورة التي قدم بها المسلسل اللبنانيين قائلة انهم «يسيئون معاملة الخدم ويضربونهم ويقيدون حريتهم: لا زيارات، لا طعام، لا مهاتفة للأهل...». وحين تحاول إحداهن الهرب من هذه الظروف القاسية فإن «القتل» سيكون جزاءها. لكن محدثتي استدركت قائلة إن بعضهن يتمتع بشروط عمل جيدة، وأن ثمة فقيرات ما زلن يرغبن بالذهاب إلى لبنان أملاً بتحسين حياتهن. استر بدان كتبت سيناريو حول هذه القضية حوّل إلى تمثيلية إذاعية، وهي بصدد تحويله إلى فيلم تلفزيوني قصير. فماذا لو فعلت، كيف سيكون رد الفعل في الخارج... وحتى في لبنان، إن عرض فيه المسلسل؟ فالقصة، المأخوذة عن واقعة حقيقية، تصور معاناة الخادمة الإثيوبية التي عليها تلبية طلبات الأهل من الهدايا التي لا تنتهي من دون إدراك منهم لوضعها الحقيقي في بلاد الغربة، كما عليها تحمل ظروف عملها القاسية، وهو ما يضطر بعضهن للعمل في الدعارة ويعرضهن للإصابة بالأمراض المزمنة. وإذ تختم استر حديثها بالقول انهم يحاولون من خلال هذه الأعمال التلفزيونية الضغط على الحكومة لتمنع الفتيات من السفر للعمل في الخارج، يصبح ضرورياً التساؤل حول سمعة لبنان إزاء هذا «الفضح التلفزيوني» وحول مصير الخادمات الإثيوبيات أنفسهن!