على رغم القضايا الاقتصادية الملحة المطروحة أمام القمة الخليجية التي ستعقد في الرياض في 27 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، والمتمثلة في تسريع التكامل الاقتصادي لمواجهة العولمة والحاجة إلى مزيد من التنسيق الخليجي لتصبح أوضاع النفط في معادلة تحرير التجارة الدولية، يفرض الشأن السياسي والشأن الأمني نفسيهما بقوة على أعمال القمة، في ضوء المتغيرات التي تعيشها المنطقة، والاستعداد لدخول الألفية الثالثة باستراتيجية مشتركة. ولعل أبرز القضايا السياسية التي ستواجهها القمة علاقات الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون مع دول الجوار، خصوصاً إيران التي اتخذت في عهد الرئيس محمد خاتمي منحى الحوار مع دول الخليج، مما انعكس تحسناً في علاقات إيران مع السعودية ودول أخرى. لكن قضية الجزر الإماراتية تقف عقبة أمام تطبيع كامل بين طهران ودول المجلس، خصوصاً في ضوء الموقف الإماراتي الداعي الى تقويم مهمة اللجنة الثلاثية الخليجية التي كلفت تهيئة الأجواء الخليجية لتهيئة الأجواء لمفاوضات مباشرة بين الإماراتوإيران، وإلى وضع مهمة اللجنة على جدول أعمال القمة، وتشديد الإمارات على ضرورة الربط بين تفعيل التعاون مع إيران وتسوية مشكلة الجزر. "درع الجزيرة" وهناك أيضاً مشكلة العراق وتأثيراتها الإقليمية في ظل مواقف دولية مؤثرة ترى ضرورة مراجعة الحصار الاقتصادي لأسباب إنسانية وتجد هذه المواقف صدى في بعض دول الخليج التي تشدد على ضرورة تنفيذ العراق الكامل لقرارات الشرعية الدولية وتسوية مسألة الأسرى. وكان المجلس الوزاري الخليجي شدد في أيلول سبتمبر الماضي على "دعم الجهود المبذولة لضمان إعادة الإجماع بين أعضاء مجلس الأمن حول المسألة العراقية" وفي الوقت ذاته إعداد استرتيجية للتعامل مع المسألة العراقية بكل سيناريواتها المحتملة. ولا تقل مسألة الأمن في الخليج أهمية عن باقي القضايا السياسية في ضوء ظروف المنطقة التي تفرض على دول الخليج التفكير جدياً في بناء قوة إقليمية، وأثبتت أزمة الخليج الثانية صحة هذا الطرح. وكانت دول مجلس التعاون قطعت خطوات ملموسة في هذا المجال منذ إنشاء قوة "درع الجزيرة" عام 1986، واكتسبت هذه الخطوات قوة دفع إضافية بعد الاحتلال العراقي للكويت، فأقرت قمة المنامة في كانون الأول ديسمبر 1994 "تطوير قوة "درع الجزيرة" لتصبح قادرة على التحرك السريع"، ثم وافق وزراء دفاع دول الخليج عام 1997 على مضاعفة عدد أفراد تلك القوة من 12 إلى 15 ألف عسكري ينتمون إلى الجيوش الستة. كما وافق الوزراء على تنفيذ مشروعي "حزام التعاون" و"الاتصالات المؤمنة". ويهدف مشروع "حزام التعاون" إلى ربط شبكات الرادار والإنذار الجوي لدى دول مجلس التعاون، فيما يهدف مشروع "الاتصالات المؤمنة" إلى إقامة شبكة اتصالات بين غرف العمليات في الجيوش الستة.