التقى السفير الاسرائيلي الأسبق ايتامار رابينوفيتش والمعلق في "يديعوت احرونوت" شمعون شيفر على اعتبار ان التحقيقات التي تنشرها "الحياة" لباتريك سيل هي محاولة لدعم الموقف السوري من شروط استئناف المفاوضات مع اسرائيل. واكتفى الاثنان بنفي ان يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اسحق رابين تعهد الانسحاب من هضبة الجولان السورية المحتلة الى ما وراء حدود 4 حزيران يونيو 67. ولكن الملاحظ ان تكرار النفي يبقى قاصراً عن توفير رد على المعطيات الجديدة التي يوردها سيل حول سلسلة اللقاءات التي عقدها مسؤولون اميركيون مع نظرائهم الاسرائيليين والسوريين والتي كانت "الوديعة"، بالصيغة التي تتحدث عنها دمشق، محورها. رابينوفيتش:"التزام" رابين كان صيغة افتراضية رابينوفيتش :"التزام" رابين كان صيغة افتراضية ... اتيح لي في الماضي مخالفة مواقف سيل وتفسيراته، لكنني احترمت دوما فهمه الدقيق للسياسة السورية وشخصية الأسد. وها هو سيل في مقالاته الحالية ينضم الى محاولة تخليص سورية من وضعها المحرج الحالي. الرأي السائد في الحلبة الدولية هو ان محاولات اعادة المفاوضات الاسرائيلية السورية وصلت الى طريق مسدود بسبب اصرار سورية على شرط مسبق للعودة الى التفاوض وهو ان يلتزم رئيس الوزراء ايهود باراك الانسحاب من مرتفعات الجولان الى حدود 4 حزيران يونيو 1967. هذا الموقف السوري يفتقر الى تأييد المجتمع الدولي. وتهدف جهود سيل الى دحض الرأي المتعارف. وللتوصل الى هذا الهدف يقدم سيل حجة مزدوجة تنطوي على تناقض داخلي: أ ان اسحق رابين "الزم" نفسه الانسحاب الى خطوط 4 حزيران، وان شيمون بيريز كرر الالتزام. ب ان اسحق رابين لم يردفعلا التوصل الى اتفاق مع سورية، بل كان يتلاعب مع الأسد. ويرفق سيل الادعائين بعرض تفصيلي مثير، وغير دقيق في معظمه، لمجرى المفاوضات بين اسرائيل وسورية خلال عهدي اسحق رابين وشيمون بيريز. ومن المهم للرد على هذه الرواية للاحداث التركيز على ما يلي: أ لم "يلتزم"اسحق رابين أبدا الانسحاب الى حدود 4 حزيران 1967. ويذكر سيل في مقالته انني كنت في الغرفة عندما تم "ايداع" الصيغة الافتراضية، ويمكنني ان أؤكد انها كانت صيغة افتراضية واحتمالية، وليس التزاما أو وعدا او اتفاقا. وهذا، بالمناسبة، ما اكده الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية. ب في آب أغسطس 1993 كانت لرئيس الوزراء رغبة جدية في التقدم نحو ذلك الهدف السلام، وكانت القضية وقتها الخيار بين سورية وأوسلو كالخطوة الأولى. دافع رئيس الوزراء لاختيار أسلو وتأجيل التحرك نحو سورية كان خيبة أمله في مواقف الأسد. ومع مرور الوقت تزايدت شكوك رابين في جدية الأسد. ويمكنني القول بكل ثقة ان الأسد لو كان وافق في اي وقت على حضور اجتماع ثلاثي مع كلينتون ورابين أو بيريز لاحقا لكانت النتيجة التوصل الى اتفاق مع سورية. ج المذهل والمثير للفضول ان سيل يرفض عند تناول فترة نتانياهو في السلطة أن يذكر المفاوضات بين الأسد شخصيا وصديق نتانياهو رجل الاعمال اليهودي الأميركي رونالد لودر. وحسب بعض معاوني نتانياهو فان الأسد وافق على بعض التنازلات، من بينها استمرار الوجود الاسرائيلي في جبل حرمون بعد الانسحاب. ان موافقة الأسد على التفاوض لهذه الفترة الطويلة مع مبعوث نتانياهو والتنازلات التي نسبها اليه اولئك الذين فاوضوه قضايا لا تزال بحاجة الى ايضاح. لا شك ان الخلاف على المفاوضات بين اسرائيل وسورية سيستمر خلال السنين المقبلة، لكن القضايا الحقيقية تتعلق بامكان العودة الى التفاوض في المستقبل القريب. ان مهمة كل المطلعين على الخلاف الاسرائيلي السوري ويريدون له الحل ايجاد صيغة خلاقة تمكن من ردم الهوة بين الموقفين الاسرائيلي والسوري، والا فسنقضي السنين المقبلة في خلاف لا ينتهي والاتهامات المتبادلة بين الموقفين. شيفر: حاجة سورية تحت عنوان "لماذا يتحدث سيل الآن؟" كتب المعلّق الصحافي الاسرائيلي شيمون شيفر في صحيفة "يديعوت احرونوت" امس التحليل الآتي: "ان باتريك سيل هو الصحافي الغربي الوحيد الذي يستطيع الوصول الى الرئيس حافظ الاسد، وهو في المقابل ينشر الرواية السورية للاحداث من دون اي اعتبار للنقد ومن دون تنقية تلك الرواية، ظاهرياً، كصحافي. ان حاجة السوريين الحالية لنشر روايتهم بواسطة باتريك سيل هي نتيجة للقرار الاميركي بدعم الرواية الاسرائيلية في النزاع مع سورية، وهو النزاع ذاته الذي هو سبب التأخير في استئناف المفاوضات. ويطالب الاسد بأن يتعهد باراك علناً بما يقول ان رابين وبيريز وعداه به: انسحاب الى خطوط 4 حزيران يونيو 1967. اما اسرائيل فتؤكد: لم يعط وعد كهذا ابداً. وقد اصدر الاميركيون اخيراً بياناً يقول: لم يتعهد رابين قط بأنه مقابل سلام مع سورية سينسحب الى خطوط 4 حزيران 1967. اقنع نتانياهو الادارة الاميركية بأن تكتب اليه رسالة في اوائل عهده أعفت اسرائيل مما يؤكده الاسد. ونجح باراك في اقناع الاميركيين باستبدال تصريح علني بالرسالة السرية. ان ما يقوله سيل انما يعكس ما يعتقد به كثيرون في صورة غير رسمية: ان فرص استئناف المفاوضات تزداد تضاؤلاً. ويرفض باراك وشخصيات كبيرة في الادارة الاميركية الاقرار علناً بأن هذا هو الوضع الآن. ويعتقد هؤلاء بأن من الافضل ابقاء الكرة في الهواء. وهذا هو المنطق الكامن وراء قول مارتن انديك قبل بضعة ايام ان الفطر لا ينمو الا في الظلام. قال ايتامار رابينوفيتش الذي كان رئيس الوفد الاسرائيلي الى المفاوضات مع سورية في عهد رابين، في محاضرة ألقاها في الآونة الاخيرة في فيلادلفيا، ان فرص استئناف المفاوضات "ضئيلة جداً" ولم يعد رابينوفيتش مرغماً على التقيد بملاحظات السلوك الديبلوماسي. وقال مسؤول اسرائيلي له صلة بالمفاوضات منذ سنوات: "في اليوم الذي يعلنون فيه ان المفاوضات ستستأنف سنعلم ان باراك قد اذعن للاسد ووافق على صيغة 4 حزيران 1967. والاسد لن يكتفي بأقل من ذلك".