بطلة لبنان في الفروسية سهام عسيلي من الفتيات العربيات القليلات اللواتي تجرأن وخضن ميدان رياضة يعتبرها كثيرون وقفاً على الرجال لما تتطلبه من جهد ولما يحيق بها من مخاطر. بين سهام عسيلي والجياد "عِشرة عمر" كما يقال، فقد انتقلت اليها "عدوى" ركوب الخيل من والديها ولم تتجاوز الخامسة من العمر. ولما بلغت السابعة كانت تمتطي الخيل لوحدها، وحين احتلت المرتبة الثالثة في أول دورة لبنانية تشارك فيها لم تكن تتعدّى الثانية عشرة من عمرها. تربّعت سهام على عرش بطولة لبنان عام 1992 في دورة الفروسية الأولى بعد الحرب، وحازت بطولة "المحبة والسلام" في اللاذقية عامي 1992 و1993 وفازت بالبطولة في دورة الملكة علياء في الأردن عام 1993، واحتلت المرتبة الأولى في دورة "الوفاء لباسل الأسد" عام 1995، وشاركت أخيراً في الدورة العربية في الاردن ونجحت في اجتياز التصفيات لكنها ليست راضية عن نتيجتها البتّة وتردها الى "غياب وجود مدرّب لتشكيل فريق وإدارته وشحنه بالمعنويات، ووصول جوادي الى الاردن قبل يومين بينما كانت الخيول ترتاح في الاردن منذ أكثر من اسبوع. وقد وصلت "ايا" في شاحنة غير مكيّفة ودرجة حرارتها 41"، بعد مشاركتها في دورة فقرا الدولية، وحيازتها المرتبة الأولى. الخيل بالنسبة الى سهام من أساسيات الحياة، وليست من الكماليات كما يعتقد بعضهم: "لا أستطيع العيش من دونها أو أصبح أسيرة الحزن. إنها تعطيني السعادة وتعزيني في الأوقات العصيبة وتصنع التوازن في حياتي". تتمرّن سهام ثلاث ساعات يومياً وتعترف ان الفروسية رياضة متعبة جداً "لكنني اعتدت عليها وبتّ أعشقها ولا استطيع التخلي عنها". ثمة منافسة واضحة بين سهام وزملائها الشبان في ميدان الفروسية "إنهم يشعرون بالغيرة حين أربح"، وتروي قصة حصلت معها اخيراً في دورة فقرا "فقد كنت أتنافس مع الفارس السوري ياسر الشريف في الفئة أ، وكاد يغلبني في اليوم الاول وفي المساء بينما كنا ومجموعة من الاصدقاء بدأ ياسر يمازحني ويسخر مني ويغيظني بتعليقاته، ومما قاله لي "انسي العالي الجسر لن تجتازيه في حياتك كلها". هذا القول شحنني بالغيظ والإندفاع وأعطاني معنويات كثيرة جعلتني أفوز بالمباراة". شارك في دورة فقرا الأخيرة فرسان من سورية والأردنولبنان ولديهم جياد يساوي سعر بعضها 400 ألف دولار بينما لا يتعدى سعر فرس سهام ال24 ألفاً، فهل يعني ذلك ان الفارس أهم من الفرس؟ تعتبر سهام ان "الحصان مهم جداً لكنه لا يكفي للربح ان كان الفارس ضعيفاً والعكس صحيح". أما في اختيارها جواد فتعتمد على ان يكون "شجاعاً قوياً" مثل "زيادو" الذي ربّحها دورات عدة، "عنده قلب يعطي بقوة ويحسّ بالفارس". وتشبه العلاقة بين الفارس والخيل العلاقات الانسانية العادية. وكثيراً ما فشلت سهام مع أحصنة لأنها لم تتوافق معها. آخر "صديقة" لها هي "دون"، فرس عمرها تسعة اعوام تحبّها كثيراً وتشبه بلونها رمال الصحراء الذهبية كما خيوط الشمس. لا تفكر البطلة الشابة باعتزال الفروسية رغم الصعوبات التي تواجهها وأقلها مصاريف الجواد التي تتعدّى أحياناً ال700 دولار شهرياً تدفعها من جيبها الخاص، بالاضافة الى التمارين اليومية وغياب أي دعم مادي من الدولة. الى ذلك، تؤثر صداقتها العميقة مع الخيول على علاقاتها الخاصة "فالرجل لا يحتمل ان تكون امرأة مهووسة بالخيول الى هذا الحدّ، بل يريد الحب كله له وحده وهذا الامر يؤذيني كثيراً". تطمح سهام عسيلي الى حيازة بطولات عربية بينما حلم العالمية لا يزال بعيداً. أما السبب فتردّه "الى عدم اعطاء البلدان العربية الأهمية الكافية للفروسية". وتدعو سهام الى التشبّه ببلدان مثل "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وهي دول تنفق ملايين الدولارات على هذه الرياضة بغية المشاركة في الألعاب الأولمبية. ختاماً، تشجّع سهام الشباب ولا سيما الشابات العربيات على خوض ميدان الفروسية، "لأن الخيول أجمل ما في الوجود تنشل الإنسان من مشاكله وتقوّي صحته وتريحه نفسياً وتجعله يسعى نحو الأفضل بسبب جوّ المنافسة الذي تخلقه".