بعد مضي ستة شهور على التحالف الانتخابي بين حزب "التجمع الوطني الديموقراطي" و "الحركة العربية للتغيير" الذي شكل عشية الانتخابات البرلمانية في اسرائيل، أقر "البيان التنظيمي" الذي قدمته اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث ل"التجمع" فك هذا التحالف "الذي ألحق ويلحق الضرر بالحزب". وقال سكرتير "التجمع" عوض عبدالفتاح الذي لم يخف معارضته للائتلاف الانتخابي منذ البداية أن المؤتمر على "وشك اتخاذ قرار بفك الشراكة التي لم تمارس أصلا" بين حزبه الذي يترأسه النائب العربي عزمي بشارة والحركة العربية للتغيير برئاسة أحمد الطيبي. وأشار عبدالفتاح في حديث خاص ل"الحياة" الى أن الخط السياسي الذي انتهجه الطيبي منذ الانتخابات الاسرائيلية "يتناقض ونهج الحزب... وأبعد الكثيرين من مؤيدي الحزب عنه وألحق ضررا كبيرا"، معربا عن اعتقاده بأن قرار التحالف الذي اتخذه بعض القياديين في الحزب "كان خطأ ولكن التجمع لم يكن في ظروف سهلة تمكنه من الاختيار". وأوضح عبدالفتاح أن قرار التحالف مع حركة الطيبي جاء "بسبب الحصار والهجوم الذي تعرض له التجمع في الحملة الانتخابية الامر الذي حمل بعض الناس على الشك في أن يقدر التجمع على النجاح في هذه الانتخابات وحده". وأضاف: "تبين لنا أن هذا التحالف أضر بالحزب وغالبية الناس قالوا لنا انهم لم يصوتوا لنا بسبب هذا التحالف". ووقع بشارة والطيبي على عقد "إئتلاف انتخابي" بين حزبيهما قبل أيام معدودة من اجراء الانتخابات البرلمانية في اسرائيل في شهر أيار مايو الماضي بعد تبلور قناعات لدى بشارة وبعض قياديي التجمع أن هنالك "مؤامرة" لاسقاط مرشحي التجمع في هذه الانتخابات "من قبل بعض الاحزاب العربية وأوساط أخرى" لدفن التيار القومي العربي في اسرائيل. واعتبر الدكتور جمال زحالقة أحد قيادي "التجمع" فك التحالف مع الحركة العربية للتغيير "انسجاما مع الذات ومع جمهور التجمع ونواته الصلبة التي طالبت بفك الائتلاف الذي ابتعد كثيرون منهم عن التجمع بسببه". وقال ل"الحياة" أن الطيبي قام "بتصرفات فردية خارجه عن الاطار العام للحملة الانتخابية وعكست مواقفه السياسية التي تتعارض في جوهرها وفكر التجمع الذي يرتكز على الهوية القومية للعرب الفلسطينيين في اسرائيل ومحاربة الاندماج والانصهار والصهينة". وأشار الى أن الطيبي تقدم باقتراح قانون على الكنيست الاسرائيلية يدعم دخول النواب العرب في لجنة "الخارجية والامن" التابعة للكنيست وهو ما يرفضه التجمع بشكل قاطع "لأنه يخلق مزاجا عاما لدخول الجيش الاسرائيلي". ورأى في تقديم الطيبي اقتراحا بسن قانون "لجمع شمل العائلات" على اساس "قانون العودة" اليهودي انسجاما مع طرح حكومة ايهود باراك التي ترى أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين يقتصر على "استعداد اسرائىل للنظر في بعض الحالات المحدودة لجمع شمل العائلات فقط". من ناحيته أكد الناطق الرسمي باسم الحركة العربية للتغيير اسامه السعدي أن حركته "لم تبلغ بقرار من هذا النوع". وقال ل"الحياة": "نأمل أن يُسمع رأي الأخوة في التجمع الذين أيدوا فكرة التحالف منذ بدايتها خلال المؤتمر وأن يتغلب صوتهم على الاصوات التي لا تخدم مصالح الجماهير العربية في اسرائيل". وأضاف أنه اذا اتخذ هذا القرار بالفعل "فهذا يؤكد أن تحالفهم معنا كان تحالف مصالح وليس تحالفا استراتيجيا بين أطراف التيار القومي كما أعلنا عندما عقد التحالف". ووصف اتهامات قياديي التجمع للطيبي بأنها "ذرائع وحجج واهية لا يوجد لها أي قاعدة على أرض الواقع لتبرير قرار فك الشراكة الذي اتخذ منذ قيامها من قبل بعض الاشخاص". وأضاف أن الحركة مشغولة بخدمة الحقوق العربية وتقديم مشاريع قوانين على غرار المشروع الذي قدمه الطيبي أول من أمس والذي يطالب باخراج منظمة التحرير الفلسطينية من "قائمة المنظمات الارهابية". وأعتبرت قيادة "التجمع" في اليوم الاول للمؤتمر الثالث الذي عقد في مدينة الناصرة أمس أن "قضية الطيبي" أصبحت "في طي الماضي" وأن التركيز في أوراق العمل التي قدمت أمام 450 مندوباً منتخباً لمناقشتها ينصب على "تطوير شعار دولة لكل مواطنيها" الذي أطلقه التجمع. وقال زحالقة أحد أعضاء اللجنة التحضيرية: "نواجه الآن قضية مهمة جدا: وضع الحدود الفاصلة بين مطلب المساواة العادل وما نسميه الاندماج والاحتواء في دولة تعرف نفسها بأنها صهيونية". وأوضح أن الشعار المرفوع يعكس اشكالية، إذ أن مطلب "دولة لكل مواطنيها" يفتح الافاق لاندماج غير مضبوط ويجب أن يقرن هذا المطلب بالتشديد على الهوية القومية للعرب في اسرائيل". ويناقش المؤتمرون خلال يومين خمس وثائق حزبية تتضمن البيان التنظيمي وبرنامج الحزب ودستوره ومشروع قرارات اضافة الى اجراء انتخابات جديدة لقيادة "التجمع".