مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في إيران في شباط فبراير المقبل، تسعى الأطراف المعنية إلى تثبيت مواقعها على خريطة التحالفات، وسط سيل من لوائح المرشحين دفعه الاصلاحيون إلى أرض "المعركة"، فيما استمرت المداولات بين التيارين الدينيين، اليمين المحافظ واليسار الاصلاحي. وعقد في طهران الاجتماع الثاني ل"جماعة العلماء المجاهدين" و"رابطة العلماء المناضلين" بحضور علماء الحوزة الدينية في قم. وعلم أن السلطات الإيرانية تتجه إلى رفع الإقامة الجبرية عن حسين علي منتظري في شكل تدريجي. وفي حديث إلى "الحياة" قال وزير الثقافة والإرشاد عطاء الله مهاجراني أن الانتخابات "ستكون نزيهة كونها تخضع لسلطة الحكومة من الناحية الإجرائية، ولسلطة مجلس صيانة الدستور من ناحية الإشراف". وتوقع فوز الاصلاحيين بأكثرية مقاعد البرلمان، وأضاف: "نعرف مجتمعنا تماماً، وهناك أدلة منها انتخابات الرئاسة والانتخابات البلدية، ما يقودنا إلى القول أن الأكثرية البرلمانية ستكون من دون أدنى شك لمصلحة جبهة الثاني من خرداد" تاريخ فوز الرئيس محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية عام 1997. واستبعد مهاجراني في شكل مطلق حدوث اضطرابات قبل الانتخابات، معتبراً أن "كل التيارات والفئات السياسية وصلت إلى درجة كافية من الوعي، لذلك سنشهد انتخابات هادئة ونزيهة". وعن طبيعة المنافسة الآن قال مهاجراني: "منذ الانتخابات الرئاسية نالت فئات متنوعة تراخيص لممارسة العمل السياسي، وهي تملك الآن صحفاً تنطق باسمها، لذلك يمكن القول أن المناخ السياسي الحالي شفاف جداً قياساً إلى ما كان عليه في الماضي". وزاد ان التيارات والأحزاب "باتت معروفة أكثر لدى الشعب، لكنها لا تركز على طرح برامج عملها بل على الشخصيات والأفراد". ودعا الأحزاب إلى طرح برامجها ورأى أن الائتلاف بين التيارات الداعمة لخاتمي لا يعني أن يكون ائتلافاً مطلقاً، أي أن يؤدي إلى لائحة انتخابية واحدة. طبيعة الاختلاف ولفت إلى أن طبيعة الاختلاف الموجود قد تتركز على أسماء ستة أشخاص في طهران مثلاً، من أصل ثلاثين عدد مقاعد العاصمة في البرلمان، بمعنى أن "الاتفاق" سيكون في حدود ثمانين في المئة بالنسبة إلى المرشحين، مع احتمال التوصل إلى لائحة واحدة ولكن ليس بالضرورة على مستوى ايران كلها "لأن هناك عوامل مؤثرة وخصوصيات في المحافظات الصغيرة". وتوقع أن يتوصل الاصلاحيون إلى "ائتلاف واضح" على مستوى طهران ومراكز المحافظات. إلى ذلك، اعتبر مهاجراني أن حرية الصحافة لن تتعرض للخطر، على رغم أنه أبدى تشاؤماً بالحكم المتوقع في محاكمة وزير الداخلية السابق عبدالله نوري. وأخذ على هيئة المحلفين اصدار توصياتها بالإدانة قبل اطلاعها على آخر المرافعات التي سيقدمها نوري. ورد مصدر قضائي معتبراً أن الهيئة عملت بحسب القانون الذي يقضي بضرورة إبداء وجهة نظرها في القضية بعد انتهاء المحاكمة، موضحاً أن محامي عبدالله نوري طلب مهلة لتنظيم ما قدمه من مراجعات أثناء المحاكمة، وبالتالي لا وجود لمراجعات جديدة. علماء الدين في غضون ذلك كانت الانتخابات في صلب اهتمامات الاجتماع الثاني لكبار علماء الدين، المنتمين إلى تياري اليمين واليسار، إضافة إلى جمعية علماء حوزة قم. ومن أبرز الحاضرين الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني والأمين العام ل"جماعة العلماء المجاهدين" آية الله مهدوي كني والأمين العام ل"رابطة العلماء المناضلين" حجة الإسلام مهدي كروبي. وعقد الاجتماع في طهران تحت عنوان الوحدة والاتفاق بين قوى الثورة خصوصاً علماء الدين، ونوقشت خلاله "الوسائل العملية لتحقيق الوفاق والتفاهم" وقضايا مهمة بينها الانتخابات البرلمانية. واعتبرت صحيفة "القدس" المحافظة أن "تفاهم القوى الثورية لا يعني بالضرورة تحقيق ائتلاف سياسي"، مشيرة إلى أن هذه القوى ينبغي أن تراعي قواعد التنافس النزيه والحيوي وأن تقدم للانتخابات لوائح متعددة تعرض من خلالها برامجها. وتوقعت مصادر برلمانية أن تساعد هذه الاجتماعات في تهيئة أجواء هادئة لإجراء الانتخابات بعيداً عن التوتر والتشنج، ولم تستبعد مصادر في التيار المحافظ أن تفضي هذه اللقاءات إلى توافق على عدد من الأسماء المرشحة. ويعزز هذا التوجه تأكيد مصدر حكومي ل"الحياة" أن مصلحة الحكومة هي أن "يضم البرلمان المقبل رجالاً أقوياء مثل رفسنجاني ومهدي كروبي، وناطق نوري"، بمعنى أن يتشكل مجلس يشبه أول برلمان عرفته إيران بعد الثورة. على صعيد آخر، أكد مصدر في وزارة الداخلية معلومات عن رفع تدريجي للإقامة الجبرية المفروضة على حسين علي منتظري، لكنه تحفظ عن إعلان المدة التي سيتطلبها رفع كل القيود عن منتظري.