بدأ المستشار الألماني غيرهارد شرويدر أمس الاحد، زيارة إلى أكبر قوتين اقتصاديتين في آسيا، هما اليابانوالصين، في جولة قد تكون مضامينها السياسية أكثر من الاقتصادية، إذ يصر شرويدر على أن المنطقة أكثر من مجرد مكان لعقد الصفقات. برلين - د ب أ - تعد زيارة غيرهارد شرويدر للصين واليابان التي تستغرق ستة أيام، الأولى من هذا النوع التي يقوم بها الزعيم الالماني إلى آسيا منذ توليه السلطة قبل عام تقريباً. وتستمد الزيارة أهميتها من أن اليابانوألمانيا اللتين خرجتا مهزومتين من الحرب العالمية الثانية، هما الان ثاني وثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم على التوالي ولكن من دون دور سياسي يتوازى مع وزنهما الاقتصادي. وبالنسبة الى الصين، نقل مسؤول ألماني بارز عن شرويدر قوله "إن الصين تمثل أكثر من مجرد سوق بالنسبة لي". وقال المسؤول إن الرسالة التي يحملها شرويدر إلى القادة الصينيين هي أن بكين تعد ذات أهمية حاسمة بالنسبة لأوروبا في ما يتعلق بسياساتها الداخلية والخارجية. وأضاف المسؤول ان "الصين لها من الثقل ما يوجب إشراكها في تسوية المشاكل الدولية الصعبة". ولا ينفي ذلك أنه في ما يتعلق بالحديث عن إقامة علاقات أوثق، فإن زيارة المستشار تركز كثيرا على القضايا التجارية. ويرافق شرويدر على نفس الطائرة وفد مكون من كبار رجال الأعمال الألمان وعلى رأسهم وزير الاقتصاد فيرنر مويلر. وتتطلع ألمانيا إلى زيادة التجارة مع البلدين نظراً إلى العجز في ميزانها التجاري معهما. حقوق الإنسان في الصين وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين ألمانياوالصين في مجال الاعمال، إلا أن المسؤولين يقولون إن هناك اختلافا في الرأي بين الدولتين ولا سيما في ما يتعلق بحقوق الإنسان وكذلك هضبة التبت. ويعتزم شرويدر الذي يضع ذلك نصب عينيه، التأكيد على أهمية حقوق الانسان كأحد عناصر بناء النظام القانوني الكلي وحكم القانون في الصين، وذلك أثناء المحادثات التي سيجريها مع القادة الصينيين بمن فيهم رئيس الوزراء جو رونغجي والرئيس جيانغ زيمين. وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن يتم الاعلان عن مشاريع جديدة كبرى خلال الزيارة الحالية، إلا أن شرويدر يعتزم متابعة اقتراحه بعقد قمة ثنائية ألمانية - صينية حول البيئة في أيلول سبتمبر عام 2000. كذلك يتضمن جدول أعمال مباحثات الجانبين، تطلعات الصين للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. اليابان وعضوية مجلس الأمن وفي اليابان يجتمع المستشار الالماني مع كيزو أوبوتشي رئيس الوزراء، كما يلتقي بالامبراطور أكيهيتو. وقال المسؤول إن هناك تشابهاً شديداً في أوجه الجدل الدائر حاليا في كل من ألمانياواليابان، ومضي يعدد بعض الامثلة، مشيرا إلى الاصلاحات التي يسعى الطرفان إلى إدخالها على دولة الرفاه في البلدين والمشاكل التي يمثلها العدد الكبير من السكان المسنين ونشر القوات العسكرية في الخارج. وتابع المسؤول الالماني: "ليست هناك مشاكل بين اليابانوألمانيا، بل على النقيض هناك العديد من أوجه التشابه". وإلى جانب الآمال التي تعقدها كل من ألمانياواليابان على الانضمام إلى مجلس الامن، فإن الاجتماع بين شرويدر وأوبوتشي سيكون مقدمة لتولي اليابان رئاسة مجموعة الثمانية التي تضم الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم وروسيا خلفاً لألمانيا في نهاية العام الحالي. وكان مسؤولون ألمان دأبوا على التأكيد أن برلين تعتزم توسيع مجال اهتمامها على الساحة الدولية بمجرد التحرر من الاعباء التي تفرضها عليها رئاستها الحالية لكل من الاتحاد الاوروبي ومجموعة الدول الثماني. غير أن هؤلاء أصروا أيضاً على أن الاستراتيجية الجديدة التي تعتمدها الحكومة الالمانية بقيادة الحزب الاشتراكي الديموقراطي تجاه القارة الآسيوية، "لا تشكل مجرد توسيع للخطة ذات الصبغة التجارية" التي وضعتها حكومة المستشار الالماني السابق هيلموت كول. وكانت "الاستراتيجية الآسيوية" التي وضعها كول في بداية التسعينات ساعدت المستشار السابق على بلورة نفوذ سياسي جديد في المنطقة. واستهدفت هذه الاستراتيجية توجيه استثمارات ألمانية إلى الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو في ذلك الحين. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الالمانية إن زيارة شرويدر "ستكون ذات لهجة مختلفة"، مؤكداً أنه ستتبعها في بداية العام المقبل جولة آسيوية مطولة ليوشكا فيشر وزير الخارجية الالماني. ويذكر أن شرويدر اضطر إلى اختصار زيارة رسمية للصين في شهر أيار مايو الماضي بسبب الاستياء الذي أبدته بكين تجاه قصف طيران حلف شمال الأطلسي ناتو لسفارتها ببلغراد في أوج النزاع في كوسوفو. وعلى نسق زيارته للصين، يأمل مستشارو شرويدر أن تتخطى محادثات طوكيو مع كيزو أوبوتشي رئيس وزراء اليابان حدود المسائل التجارية التقليدية. وخلال زيارة لبرلين أخيراً، قال ياسو تانابي رئيس قسم العلاقات الاوروبية - الآسيوية بوزارة التجارة والصناعة الدولية اليابانية، انه "يمكن للطرفين أن يتعلما من بعضهما". وقال تانابي إن الدولتين "أظهرتا قوة ملحوظة خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في مجال مواجهة العديد من التحديات المماثلة مثل الاصلاح الهيكلي، في نفس الوقت الذي أبقى فيه البلدان اقتصاديهما على طريق التنمية المستديمة". وأضاف: "وكذلك واجهت الدولتان تحديات في مجال تحديد الدور الذي يجب عليهما الاضطلاع به داخل المجتمع الدولي في مرحلة ما بعد الحرب". وأشار أيضاً إلى أنه بنفس الطريقة التي هدد بها النزاع في كوسوفو استقرار أوروبا، فإن اليابان تواجه مخاطر أمنية مماثلة في شمال شرقي آسيا.