كشف بيتر هين، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، للمرة الأولى أن بريطانيا حققت تقدماً كبيراًَ في محادثاتها مع فرنسا حول القرارالخاص بالعراق، والذي من المقرر ان يصدره مجلس الأمن الدولي. وقال الوزير المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط إن هذا التقدم يثير الكثير من التفاؤل بقرب إصدار قرار يحظى بالاجماع ويؤمن للشعب العراقي احتياجاته الإنسانية بشكل مباشر. وأعلن الوزير، خلال الحديث الذي أدلى به ل"الحياة" في مكتبه بوزارة الخارجية البريطانية، انه في حالة التزام النظام العراقي هذا القرار، فستتوقف الضربات الجوية، ولكن ستبقى الطائرات في أماكنها لاستخدامها إذا ما كان هناك اضطرار لذلك. وعن الدولة الفلسطينية واستعداد بريطانيا للاعتراف بها، قال هين إن بريطانيا ستكون من أوائل الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية حينما يتفق عليها وتعلن كجزء من الاتفاق النهائي، مؤكداً أن بريطانيا لا تريد إعلاناً لهذه الدولة غير ناضج أو سابقاً لأوانه. وقال الوزير البريطاني إنه التقى في نيويورك الرئيس اللبناني أميل لحود وفاروق الشرع وزير الخارجية السوري ووزير خارجية إسرائيل ديفيد ليفي. وأضاف انه يتفهم رغبة سورية في استئناف المفاوضات من حيث توقفت، لكنه أكد قناعته بأن سورية وإسرائيل مستعدتان للجلوس إلى طاولة المفاوضات، مبرراً ذلك بأنه ليس بين البلدين عقبات كبيرة مثل قضيتي القدس واللاجئين. ووصف ايهود باراك رئيس وزراء إسرائيل بأنه قد يكون مفاوضاً صعباً وقاسياً، ولكنه في النهاية صادق ويفي بوعوده. وعن لقائه مع الرئيس لحود، قال إنه قائد "عصري"، وانه اعجب بخطوات الاصلاح الاقتصادي العصرية التي يتخذها، خصوصاً خطواته من أجل التخلص من الفساد لإعطاء ثقة للمستثمرين الأجانب. وفي ما يتعلق بإيران قال إن الخلافات بينها وبين بريطانيا هي جزء من الماضي، فمثلما دعمت إيران الارهاب في السابق، فإن بريطانيا دعمت الشاه. وقال إنه يرى ضرورة تشجيع التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، مضيفاً انه لذلك دعا وزير الخارجية الإيراني الدكتور كمال خرازي لزيارة لندن. وفي ما يأتي نص الحديث: أمضيت اليومين الماضيين في باريس، حيث تركزت محادثاتك على الوضع في الشرق الأوسط وكذلك افريقيا، ما هي أهم النقاط التي أثيرت خلال محادثاتك في ما يتعلق بالشرق الأوسط، ولماذا هذا الحوار أو التنسيق؟ - الواقع انني أجريت محادثات على أعلى المستويات في وزارة الخارجية الفرنسية، وهذه أول زيارة رسمية لي للعاصمة الفرنسية، وقد استطعت أن أؤكد للفرنسيين اننا نريد تحقيق تقدم سريع لإصدار قرار بالاجماع في مجلس الأمن حول العراق. واليوم أشعر بالكثير من التفاؤل بأننا سنحصل على هذا الاجماع وسنصدر القرار. لقد تحقق الكثير من التقدم في هذا المجال خلال الأيام القليلة الماضية بيننا وبين الفرنسيين، واعتقد انه إذا ما اتفقنا، نحن الاثنين، فسنحصل على موافقة الباقين. وهذا تطور جديد، خصوصاً أن التشاؤم كان يعم الأجواء، وكان الكل يشعر بالتشاؤم. واليوم يمكنني القول إن هناك فرصة واقعية لإصدار قرار اجماعي عن مجلس الأمن بشأن العراق. كيف حصل هذا، وأي منكما قدم تنازلات أو تخلى عن موقفه أو آرائه؟ - هذه ليست مسألة تخل عن موقف أو تغيير رأي، بل ملاحظة ان هناك جوانب مختلفة لتفاصيل معينة، خصوصاً بالنسبة إلى تعليق العقوبات والتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل. لقد بحثنا في تفاصيل كيفية الوصول إلى هذا الهدف، وتفاصيل تفعيل عملية رفع سقف مبيعات النفط العراقي من أجل تأمين الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، وكيفية ايصالها مباشرة إلى المواطنين العراقيين، بدلاً من تحويلها إلى النظام هناك، الأمر الذي من شأنه إثراء أركان النظام العراقي بدلاً من إطعام الشعب أو تأمين احتياجاته الطبية. هل وصلتما معاً إلى طريقة تؤمن هذا مئة في المئة؟ - قدمنا اقتراحات حول آلية القيام بهذا العمل، والمسألة الآن هي بناء الثقة بالنسبة إلى التفاصيل، وهذه الاقتراحات ستؤدي إلى تفعيل عملنا، وسنقرر خطواتنا المقبلة تجاه العراق، ونقرر التقدم الذي من المتوقع ان نحققه. واليوم لدينا بدلاً من حالة الشلل التي كانت تسيطر على الموقف، تقدم، وهذا هو هدفنا. هل تعتقد ان الحكومة العراقية ستقبل اقتراحاتكم هذه؟ - سأشعر بالدهشة إذا لم تقبل، خصوصاً أمام الاجماع الذي سيظهره مجلس الأمن، بل اعتقد انه سيكون غريباً أن يحرك صدام ساكناً أمام العالم الخارجي، وهو من دون شك سيخسر احترام كل العالم. ولكن الواقع ان من الصعب الاعتقاد بأن صدام حسين سيضطرب أو يقلق من عدم احترام العالم له...؟ - والواقع أن صدام مهزوم، وبنيته التحتية مدمرة، ونظامه يكاد ينهار، ولا بد أن يكون من مصلحته الشخصية القبول بهذا القرار. وهل يتضمن هذا القرار نظاماً لعودة لجنة "أونسكوم" أو نظام مشابه لها إلى العراق؟ - لا اريد التحدث عن الماضي، ولا اريد الحديث عن عودة "أونسكوم" أو غيرها، بل إن هناك نظاماً جديداً من أجل مراقبة تسلح العراق وتخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل. نريد لهذا النظام أن ينجح وأن يكون مقبولاً من قبل جميع المهتمين بهذا الأمر. نريد ان يتأكد جميع سكان المنطقة، وكذلك أهل العراق، ان صدام حسين لم يعد قادراً على تهديدهم وإثارة رعبهم بواسطة أسلحة الدمار الشامل التي يملكها. على صدام حسين أن يعلم أنه لن يكون له، ولا للعراق، مستقبل إلى أن يتأكد الجميع من أن قدراته الارهابية هذه انتهت. لو صدر هذا القرار وجرى العمل به، فهل تتوقف الضربات الجوية ضد العراق وتنتهي مبرراتها؟ - نحن لا نريد شن هجمات جوية على العراق، ولا نحبها. ولا نريد هذا النواع، بل نريد ايجاد حلول لهذه الضربات ولهذا النزاع. وهذا القرار ر يعبّر عن تغيير في سياستنا نحو العراق، أو لأهداف هذه السياسة التي تقوم على أننا نريد رؤية عراق ديموقراطي يحترم مواطنيه والعالم بدلاً أن يهدد بالعنف. وما أريد قوله هو إن امكاناتنا لشن هذه الهجمات ستبقى في مكانها، وسنستعملها إذا ما اضطررنا لذلك. نحن تريد تجنب هذه الضربات، فنحن لا نستمتع بها. في باريس اليوم ضجة قائمة حول انتخابات المدير العام لمنظمة "يونيسكو"، ونحن العرب المسلمين لدينا مرشح يعتبر بطلاً في شتى الحقول الديبلوماسية والادبية والسياسية والثقافية، هو سفير المملكة العربية السعودية في المملكة المتحدة وايرلندا، فما هو موقفكم من مرشحنا؟ - لقد تعرفت إلى الدكتور غازي القصيبي، وأعجبت بشخصيته، وحضوره المميز، وهو يستحوذ على احترام كبير، ولكنني لم أبحث هذا الموضوع في باريس. غير أن الدول الأوروبية بحثت الموضوع خلال وجودنا في الأممالمتحدة، وليس هناك اجماع أوروبي على أي مرشح، ونحن في بريطانيا لا نعلن اسم المرشح الذي سننتخبه، غير انني اعتقد بأن الدكتور القصيبي ذو شخصية جذابة وقوية وهو مرشح قوي... بل قوي جداً. هل لدى الحكومة البريطانية أو الاتحاد الأوروبي اقتراحات أو أفكار جديدة من أجل تفعيل عملية السلام بين الإسرائيليين من جهة، واللبنانيين والسوريين من جهة أخرى، ما هي؟ - الواقع انني من الذين يعتقدون بأن لبريطانيا التزاماً تاريخياً في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً ان صداقات جيدة تربطنا مع الفلسطينيين والإسرائيليين والدول الأخرى في المنطقة. لقد التقيت رئيس الجمهورية اللبنانية قبل أسابيع قليلة، كما قابلت قبل نحو عشرة أيام في نيويورك الوزير فاروق الشرع الذي أشعر بالأسف الشديد لإصابته بالوعكة الصحية، وأتمنى له الشفاء العاجل. ونحن في الواقع لدينا أفكار عديدة قدمناها للجميع. والرسالة الأهم الآن هي أن هذه فرصة ذهبية يجب علينا ألا نخسرها، بل أن نتمسك بها ولا نضيعها، خصوصاً على المسارين السوري واللبناني، وذلك لأن المرحلة المقبلة ستكون صعبة جداً، ومن هنا علينا عدم إضاعة الفرصة. أما بالنسبة إلى المسار الفلسطيني - الإسرائىلي، فعلى رغم وجود مشاكل صعبة جداً، مثل القدس واللاجئين والشخصية النهائية للدولة الفلسطينية، لكن هناك اليوم اتفاقاً، وذلك لأننا نضع الأسس للسلام والاستقرار الاقتصادي والأمني والتسامح المتبادل. وكل هذا يستغرق وقتاً لبنائه، شأنه شأن بناء أي أسس لأي بناء، إذ من دون الأساس لا يمكن بناء المنزل، وربما يكون علينا تحسين هذا البناء، وتغيير بعض نظمه، ولكن ما نتحدث عنه اليوم هو بناء الأمس. وفي ما يتعلق بسورية وإسرائيل، فقد التقيت وزيري خارجية البلدين في نيويورك وقلت لهما إن من المهم جداً أن لا تجد عقبات قبل جلوسهما إلى طاولة المفاوضات. وأنا اتفهم موقف سورية في رغبتها بدء هذه المفاوضات من حيث توقفت قبل سنوات قلية، ولكنني مقتنع، بعد لقائي مع كل من وزيري خارجية البلدين، انهما جاهزان لكي يتفقا، ولا توجد هناك عقبات كبيرة مثل القدس أو اللاجئين. وإذا كان عرفات وبارك يستطيعان الحديث حول هذه المشاكل الصعبة، فأنا اعتقد بأن باراك والرئيس السوري حافط الأسد وزملاءهما يستطيعون بدء الحوار بسرعة. إذن ما الذي يقف في طريقهما؟ وأين المشكلة؟ - اعتقد بأن المشكلة هي في ايجاد الثقة المتبادلة، ومشكلة الثقة بالنفس. ونحن نحاول العمل على ايجاد هذه الثقة وبنائها. ونقول إن كل أسبوع يمر من دون أن يبدأ الحوار بين سورية وإسرائيل، يعد وقتاً طويلاً وخسارة كبيرة، فالساعة تدور بسرعة. ما هي أهم القضايا التي تركز عليها لقاؤك مع الرئيس اللبناني أميل لحود؟ - لقد ترك الرئيس اللبناني لديّ أثراً طيباً، وشعرت بأنه رئيس ذو شخصية مميزة، وأنه قائد عصري. واعجبت بخطوات الاصلاح الاقتصادي العصرية التي يتخذها، مع أنها تتسبب في بعض التشويش. وعرضت على الرئيس لحود خبراتنا الجيدة في حقل التطوير العصري في مجال الاقتصاد والميادين الأخرى التي يحتاجها لبنان. كما أبلغت الرئيس اللبناني اعجابنا بالخطوات التي تتخذها حكومته من أجل التخلص من الفساد في الحياة العامة اللبنانية، لأن هذا يعطي ثقة للمستثمرين الأجانب، وتحدثنا عن جنوبلبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي إذا ما أوفى باراك بوعوده وانسحب. واعتقد بأنه رجل يصون وعوده، وقد برهن على ذلك. تحدثت عن أن الخطوات التي يتخذها الرئيس اللبناني في عصرنة الاقتصاد قد تحدث تشويشاً، ماذا تقصد بذلك؟ - أعني ان أي تغيير من القديم إلى الجديد قد يحدث تشويشاً أو تغييراً قد يزعج بعض الناس. ولكن هناك حلاً لذلك، فربما بعضهم قلق من هذا التغيير، ولكني اعتقد بأنه مصمم على المضي في إزالة الفساد. واعتقد بأن لبنان لن يكون جذاباً للمستثمرين من دون اتمام هذه الاصلاحات. هل ستكون بريطانيا من أوائل الدول الأوروبية والعالمية التي تعترف بالدولة الفلسطينية المقبلة، التي نأمل أن تكون عاصمتها القدس الشرقية؟ وهل ستعترفون بهذه العاصمة؟ - لن أحكم الآن، ومسبقاً، على كيف ستحل قضية القدس، بينما الفلسطينيون والإسرائيليون لهم روابط وثيقة بالقدس. وأنا أفهم ذلك، وبينما القدس مهمة للمسلمين واليهود، علينا العمل حول هذا. واعتقد بأن الحل المنتظر للوصول إليه في العام المقبل لن يكون مثالياً، كما لن يكون سهلاً بينما تاريخ المدينة وهويتها شيئان يتحمل مسؤوليتهما اليهود والمسلمون. ولكننا سنكون من دون شك، من اوائل الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية حينما يتفق عليها وتعلن كجزء من هذا الاتفاق، وحين يتضح الاتفاق النهائي. نحن تربطنا صداقة قوية بالفلسطينيين، ولا نريد اعلانا لهذه الدولة غير ناضج او سابقاً لأوانه. هل سيكون لمثل هذه الدولة، التي ستعلن، قوام الدولة التي يمكنها البقاء، وتكتب لها الحياة، ضمن معطيات الدول جغرافياً واقتصادياً وسياسياً. - اعتقد بأن الاتفاق الخاص بالمعبر الآمن هو خطوة مهمة الى الامام وهذه الخطوة لا بد ان تؤكد مجدداً ان باراك انسان يحافظ على وعوده، وانه مختلف بالفعل عن بنيامين نتانياهو، واعتقد ان باراك برهن الى الآن على انه اوفى بوعوده، مع ان بعض الناس يشك في ذلك. قد يكون مفاوضاً صعباً، وقد يكون قاسياً، ولكن صادق، واعتقد بأن من الضروري ان تقوم في النهاية علاقة وثيقة، سياسياً واقتصاديا وثقافياً وديبلوماسياً، بين الدولة الفلسطينية والدولة الاسرائيلية. ولكي تكون فلسطين دولة تستطيع ان تبقى على قيد الحياة، فهي في حاجة لأن تكون لديها صلات اقتصادية وثيقة جدا مع جيرانها المباشرين، اسرائيل ومصر والأردن وسورية، وطبعاً بلدان الشرق الاوسط الاخرى. اما اذا بقيت منطقة معزولة، فانها لن تستطيع العيش، وهذا ليس ممكناً ضمن منطق الاقتصاد العالمي. من المفروض ان تعيد الدول الاوروبية تمثيلها الديبلوماسي مع ليبيا ولكن ليس لديكم حتى اليوم سفير في ليبيا، ما هو السبب؟ وهل تعتقد ان الدول الاوروبية ستلتزم عدم بيع اسلحة لليبيا؟ بعض الناس يشك بذلك؟ - علاقتنا مع ليبيا تتطور بسرعة نحو الأفضل. لنا قائم بالاعمال، ونحن بصدد ارسال سفير الى ليبيا. ولا شك ان العلاقات تحسنت بعد التقدم الذي شهدته قضية الشرطية إيفون فليتشر وبعد حلحلة قضية لوكربي. نحن نريد ان نقيم علاقات ديبلوماسية كاملة مع ليبيا في اقرب فرصة. وأود ان ازور ليبيا عندما يكون الوقت مناسباً. وآمل ان يكون هذا قريباً وليس بعد وقت طويل. ونحن نأمل ان تتخذ نفس الخطوات مع ايران، وربما قريبا مع العراق بعد تغيير الوضع فيه. فهذان البلدان اللذان كانا خارج المجتمع الدولي هما دولتان مهمتان جداً داخل الأسرة الدولية. ولكن يجب عليهما العودة الى هذه الأسرة على اساس الثقة. وعليهما ان ينبذا الارهاب والاعتداءات او الحروب. واعتقد ان هذه هي القناعة التي وصلت اليها ليبيا وايران، وآمل ان يصل اليها العراق ايضا. وماذا عن بيع ليبيا الأسلحة؟ - أنا لا أريد أن تبيع أي دولة أسلحة الى ليبيا، لأن ليبيا لم تقنع العالم الخارجي بعد بأنها دولة تريد هذا السلاح للدفاع عن نفسها فقط، وسجلها كان سيئاً في الماضي. وللأسف ان بيع الاسلحة مصدر كسب مادي، وهناك تجار سلاح في كل انحاء العالم، ولولا وجود هؤلاء لكان العالم مكاناً اكثر اماناً. سيزور روبن كوك وزير خارجيتكم ايران قريباً. فماذا تأملون من هذه الرحلة؟ وهل انتهى الخطر الايراني على منطقة الخليج؟ - ان لايران تاريخها المعاصر الذي يجب عليها التأمل فيه، ونحن بدورنا قدمنا دعمنا للشاه في حين انه كان علينا ان لا نفعل ذلك. وانا اقول علناً للشعب الايراني انه كان علينا عدم دعم الشاه. ولكن هذا هو الماضي، وهو جزء من تاريخنا. كما ان ايران دعمت الارهاب في السابق، ونحن نريدها ان تتخلص من هذه الصورة. ان لدينا اليوم اشارات وحقائق تشجعنا على القول إنها تفعل ذلك. وما يحصل في عهد الرئيس محمد خاتمي مشجع ونحن نؤيده. ان ايران تسير اليوم على الطريق الصحيح، وهي تأخذ مكانها كقوة مهمة في الشرق الأوسط، مهمة استراتيجياً واقتصادياً. ونحن نتخذ خطوات عديدة لتشجيع التعاون الاقتصادي والاستثماري معها. وقد دعونا وزير الخارجية خرازي لزيارة لندن. اذن ستذهب انت الى الخليج في نهاية الشهر الحالي لتقول لأصدقائكم ان ايران لم تعد تشكل خطراً عليهم؟ - لا يزال هناك بعض الاسئلة على ايران ان تجيب عليه. وكلما تطورت علاقتنا الديبلوماسية معها، استطعنا الحصول على هذه الاجابات. والرسالة هي ان الدول الخارجة على القانون الدولي والمنبوذة من هذا المجتمع لن تحصل على اي شيء ينفعها. في الأشهر الاخيرة اكدت سياستكم الخاصة بإيواء بعض العناصر المتطرفة والمنبوذة في بلادها، انها سياسة خاطئة، وتعلمون اليوم ان بريطانيا استخدمت كقاعدة للتخطيط للارهاب. فهل ستتغير سياستكم إزاء طالبي "اللجوء السياسي" كما يدعون هم أنفسهم؟ وهل تعلمتم دروساً جديدة؟ - بريطانيا تتمتع بسجل مشرف في التعامل مع الليبراليين والذين لهم آراء سياسية مختلفة عن آراء حكامهم، وسنظل نفعل ذلك. ولكننا لن نكون وطناً آمناً لهؤلاء الذين يشجعون او يخططون لأعمال عنف وارهاب. نعم، لقد راقبنا احداث الأشهر الماضية، ونحن ندرس خطوات للرد عليها. وقلت سابقاً، وأقول الآن انه اذا ما وجد اي دليل على تورط احد هؤلاء اللاجئين السياسيين، فسنأخذ هذه الدلائل التي ستتوافر لدينا ديبلوماسياً او عن طريق آخر، واذا كانت هذه الدلائل كافية وذات طبيعة اجرامية، فاننا سنحاكمهم. ونحن نراقب الوضع عن كثب، كما اننا مستعدون للقيام بكل الخطوات اللازمة. ولكننا في الواقع بحاجة الى مساعدة الدول الاخرى من اجل القيام بذلك. وهل تحصلون على هذا التعاون، وهذا الدعم؟ - لقد قلت لجميع وزراء الخارجية والسفراء الذين قابلتهم خلال الشهرين الماضيين: قدموا لنا الدليل ونحن نهتم بالباقي، او اعطونا معلومات ونحن سنحصل على الدليل اذا كان هناك اي دليل. ستزور الخليج قريباً، حسبما فهمت، فأي الدول ستزور، وما هي اهداف هذه الزيارة؟ - سأقوم اولاً بجولة افريقية ازور خلالها كينيا وتنزانيا وأوغندا. فلقد ولدت في كينيا ونشأت في جنوب افريقيا. ثم سأزور السعودية والكويت ودولة الامارات العربية المتحدة خلال الاسبوع الاخير من الشهر الحالي. وكما تعلمين فان هذه البلدان مهمة جداً لنا، وعلاقتنا وطيدة معها. وأريد تعميق صداقتنا التاريخية وعلاقاتنا الاقتصادية والدفاعية معها، خاصة الكويت، التي تشعر بالقلق على أمنها بينما المعتدي موجود على حدودها. هذه الزيارة زيارة صداقة وسياسة ودعم دفاعي. هل لديك أية نية لزيارة فلسطين واسرائيل ولبنان وسورية؟ اعتقد ان روبن كوك سيزور فلسطين واسرائيل الشهر المقبل، وسأزور أنا المنطقة بعد ذلك بقليل. لا بد انك التقيت المعارضة العراقية في نيويورك، وهم طالما كانوا مستاءين من العلاقة مع وزارة الخارجية البريطانية، فكيف هي علاقتكم اليوم، وهل تعتقد انه يمكن ان تكون لهذه المعارضة اي دور فعال في الوصول الى نظام ديموقراطي في العراق؟ - لا بد انك لم تقابلي احداً منهم خلال الأيام العشرة الاخيرة، فلقد التقيت بهم وكان اللقاء فاتراً في البداية، ولكننا خرجنا منه والعلاقة جيدة جداً. لقد قابلتهم جميعاً، ونصيحتي لهم ان يتحدوا لكي يستطيعوا العمل على محاربة القمع في بلدهم، والوصول الى النظام الديموقراطي الصحيح. لقد كنت ووالدي من الذين ناضلوا من اجل الحرية والديموقراطية في جنوب افريقيا. وانا افهم معاناة اولئك الذين يحاربون ويناضلون من اجل الحرية والديموقراطية والمساواة. والمعارضة العراقية لن تصل الى تحقيق اهدافها من دون نبذ الخلافات والاتحاد. خاصة وانهم يحاربون طاغياً قل ما شهد مثيلاً له. وفي النهاية، فإن الحرية والعدالة ستربحان، لقد هزم هتلر وميلوشوفيتش وكل الديكتاتوريين، ولن يبقى صدام حسين الى الأبد.