باشرت قوات من الشرطة العسكرية اليمنية حملة واسعة لملاحقة العسكريين من أفراد القوات المسلحة وقوى الأمن الذين يتعاطون القات ويرتادون اسواقه. وكان الرئىس علي عبدالله صالح أصدر توجيهات صارمة بمنع العسكريين من تعاطي القات أثناء ادائهم الخدمة. وعلمت "الحياة" أن دوريات الشرطة العسكرية، ذوي القبعات الحمر، تمكنت أمس من اعتقال عدد من الجنود والضباط بملابسهم الرسمية وهم يشترون القات الذي بدا بعض اسواقه في العاصمة شبه خال مما دفع الباعة الى التذمر. وذكر بعضهم ان ضباطاً "تخفوا" بملابس مدنية لتفادي ملاحقتهم. ورحب رئىس الجمعية الوطنية لمكافحة القات السيد أحمد جابر عفيف بالإجراءات الحكومية، واعتبرها بداية مشجعة لمحاربة ظاهرة تعاطي القات في اليمن. وقال: "نأمل بأن تتحول هذه التعليمات والقرارات إلى واقع ملموس، وأن يولي الرئىس علي صالح مكافحة الظاهرة جهداً إستثنائياً كي يتمكن اليمن من التخلص من هذه الشجرة". وقال عدد من مزارعي القات في ضواحي صنعاء إن مناطقهم وقراهم اعتادت هذه الزراعة التي "حققت ارباحاً طائلة حسّنت الاحوال المعيشية لسكان الريف". وأكدوا ل"الحياة" عدم مقدرتهم على استبدال نبات بتلك الشجرة. وتقدر العائدات السنوية لبعض مزارعي القات بملايين الريالات، وتعتمد اسر كثيرة في اليمن على هذه الزراعة والاتجار بمحاصيلها، فيما يعتبر عدد من الجمعيات الأهلية القات آفة خطيرة تنجم عنها أضرار صحية واجتماعية واقتصادية. ويرى عفيف ان تعاطي اليمنيين، ذكوراً وإناثاً، القات هو أحد أبرز معوقات التنمية في البلد، وسبب رئيسي لمشكلات إجتماعية ولمرض السرطان والتهاب الكبد. ويشير الى "تقارير طبية تظهر ان نسبة عالية من الاصابات بالسرطان لدى اليمنيين سببها تعاطي القات، بسبب معالجة الفلاحين هذه الشجرة بأنواع من المبيدات والمواد الكيماوية المحرمة دولياً". وتقدر جمعيات مكافحة القات في اليمن حجم التداول النقدي بهذه التجارة بنحو 400 بليون ريال يمني. وهذا المبلغ ، إذا كان صحيحاً، يفوق حجم الموازنة السنوية للدولة اليمنية! وكانت تقارير رسمية افادت أن شجرة القات تستنزف ما يزيد على ستين في المئة من كمية المياه الجوفية، وتحتل سبعين في المئة من المساحة المزروعة في البلاد، ويتسبب تعاطي القات في هدر ملايين الساعات من حياة اليمنيين. وما يثير قلق الأوساط الرسمية هو تزايد استهلاك المواطنين واتساع تعاطي القات في صفوف الشباب والطلاب. وارتفعت اخيراً الأصوات المنادية بمكافحة هذه الظاهرة، وتنظم جمعيات ندوات وحلقات نقاش لتثقيف المواطنين وشرح اخطار الظاهرة. ورفعت الجمعية الوطنية شعار "يمن بلا قات" قبل بدء القرن الواحد والعشرين، واتخذته عنواناً لصحيفة تصدرها شهرياً.