اقترحت دوائر اقتصادية في الإمارات فك ارتباط الدرهم بالدولار وربطه بسلة عملات، لتجنيب الاقتصاد الوطني الهزات التي قد يتعرض لها، وقد تفقده المكاسب التي جناها جراء قوة الدولار الذي يرتبط به سعر الدرهم منذ إصدار العملة الوطنية. وجاء في دراسة عن غرفة تجارة وصناعة دبي "ان ربط الدرهم بالدولار قد ينتج عنه فائدة للعملة الوطنية وللاقتصاد المحلي على المدى القصير، لكن على المدى الطويل، من الصعب تحقيق ذلك بسبب تعدد التهديدات التي تواجه العملة الأميركية سواء نتيجة العجز التجاري الأميركي المتصاعد أو بسبب توقع التحسن الاقتصادي في بعض الدول التي تعتبر عملاتها عالمية وأساسية". لكن مصادر مصرفية محلية قالت ل"الحياة" إن دعوة غرفة تجارة وصناعة دبي يصعب تبنيها في الوقت الحاضر، نظراً إلى أن الجزء الأكبر من تعاملات التجارة الخارجية لدولة الإمارات تتم بالدولار الأميركي في الوقت الحاضر الذي تقوم فيه صادرات الإمارات الوطنية، التي يشكل النفط الجزء الأكبر منها، بالدولار الأميركي. وكان محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان ناصر السويدي جدد مطلع الشهر الجاري جدوى الاستمرار في ربط الدرهم بالدولار الأميركي عبر حقوق السحب الخاصة، وقال: "إن الدولار هو عملة التجارة العالمية بنسبة تصل إلى 80 في المئة. أما في دولة الإمارات فإن 48 في المئة من تجارتها الخارجية هي مع دول شرق آسيا التي ترتبط عملاتها مع الدولار الأميركي، في حين ان 12 في المئة من تجارة الإمارات هي مع الولاياتالمتحدة، أي أن 60 في المئة من تجارة الإمارات مقومة بالدولار، أما بالنسبة للنفط، فهو مقوم بالدولار الأميركي بنسبة 100 في المئة". وأضاف: "أمام المعطيات الحالية وما دامت تجارة الإمارات مرتبطة بالدولار، وايراداتها المالية مرتبطة بالدولار، فمن الطبيعي أن يكون الدرهم مرتبط هو الآخر بالدولار الأميركي"، مشيراً إلى أنه "عند وجود تغير جوهري في مثل هذه المعطيات، فإن الإمارات ستيعد النظر بربط عملاتها بالدولار". لكن غرفة دبي أشارت في دراستها إلى أن تحسن أسعار صرف العملات الدولية، وما سيترتب عليه من ارتفاع في أسعار صرف عملات بعض دول العالم، إضافة إلى وضع اليابان باعتبارها الشريك التجاري الأكبر لدولة الإمارات والارتفاع المستمر في أسعار صرف عملتها مقابل الدولار، سيحتم إعادة النظر في الربط بين الدرهم والدولار، بطريقة تجعل هناك قدراً ولو محدوداً من الارتباط بين الدرهم والين الياباني بحيث يؤدي ارتفاع العملة اليابانية إلى ارتفاع الدرهم أيضاً ولو بنسبة محدودة. وبنت الغرفة التوصية بالتحول عن سياسة ربط الدرهم بالدولار إلى ربطه بسلة عملات مختارة باعتبارها البديل الأمثل والأكثر فائدة وملاءمة للاقتصاد الوطني على أن تشمل هذه السلة العملات الخاصة بالدول التي تحتل مكانة على قائمة الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، مع أعطاء الوزن النسبي الأكبر للدولار نظراً لأهميته عالمياً وبالنسبة لدولة الإمارات التي يتم تقويم الصادرات النفطية به. ولفتت الغرفة إلى أن الانهيار الذي أصاب العملة الأميركية خلال الأعوام الثلاثة الماضية وتراجعها بنسبة 30 في المئة أمام الين كان له تأثيره البالغ على اقتصاد دولة الإمارات الذي يعتمد على الواردات اليابانية في سد أكثر من 30 في المئة من احتياجاته السلعية. واعترفت دراسة الغرفة ان تغيير سياسة سعر الصرف في أي دولة لا يمكن ان يكون بمثابة مسألة سهلة بأية حال، لا سيما في حالة دولة الإمارات التي هي جزء من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي التي ترتبط عملات خمس دول منها بالدولار الأميركي، الذي يعتبر عنصراً مهماً في منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط أوابك ومنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وهما المنظمتان اللتان تلتزم غالبية الدول المشاركة فيهما بربط عملاتها بالدولار، مشيرة إلى أن خروج الإمارات عن هذا الاجماع واتجاهها إلى سياسة مختلفة، يجب ان تتم بالتنسيق بين هذه الدول على الأقل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.