دعا تقرير دولي السلطة الفلسطينية إلى استعجال الاصلاحات المؤسساتية والدستورية الضرورية لقيام نظام ديموقراطي يقوم على مبدأ استقلال السلطات التنفيذية والتشريعة والقضائية. ويتضمن التقرير، الذي سيبحثه وفد فلسطيني مع مسؤولين أوروبيين في الثالث والرابع من الشهر المقبل في بروكسيل، الكثير من التوصيات، مشدداً على ضرورة "خفض عدد المؤسسات العامة المرتبطة برئاسة السلطة الفلسطينية"، والتخلي عن سلطاتها إلى الجماعات المحلية، و"تمكين المجلس التشريعي الفلسطيني من الاضطلاع بدور مراقبة سير الموازنة العامة"، و"عدم اضطلاع وزارة العدل بالدور الذي يتحمله النظام القضائي". وتأتي هذه التوصيات في الوقت الذي أعدت فيه السلطة الفلسطينية نفسها لخوض مفاوضات الوضع النهائي وإعلان الدولة الفلسطينية في غضون العام المقبل. وتبدو بمثابة مساهمة لمساعدة السلطة الفلسطينية على وضع أسس دستورية صحيحة تقوم عليها الدولة المنشودة. وأعد التقرير "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك بتمويل من المفوضية الأوروبية، كما ساهمت في إعداده شخصيات سياسية تحملت مسؤوليات حكومية في البلدان الأوروبية مثل وزراء الخارجية السابقين فيليبي غونزاليس ودوغلاس هيرد وهانز ديتيرش غينشر، وخبراء الشؤون الدولية من الفلسطينيين والأوروبيين والأميركيين. وكانت السلطة الفلسطينية تعرضت لانتقادات كثيرة استهدفت، نسبياً، اتساع صلاحيات الرئيس ياسر عرفات وحالات هدر المال العام وانتهاكات حقوق الإنسان وتقييد دور المجلس التشريعي وتدخل الأجهزة التنفيذية في سير المحاكم. ومن دون استباق نتائج مفاوضات الوضع النهائي، حذر التقرير من التحديات المتزايدة التي ستواجهها السلطة في العقد المقبل بسبب الضغط الديموغرافي وما يتولد عنه من اتساع حاجات الانفاق العام في ظل محدودية موارد الخزانة العامة. كما حذر من أن تأخر الاصلاح قد يؤدي إلى تقلص دعم الدولة المانحة التي تواجه مساءلات النواب حول ارتفاع مستويات الدعم للفلسطينيين وتقلصه بالنسبة إلى البلدان النامية الأخرى، وشدد على أن "انعدام الاصلاح ليس خياراً". وعلى صعيد السلطة التنفيذية، لاحظ التقرير الدولي أن تركز السلطة وقرارات التسيير ونقص إسناد الصلاحيات الإدارية للجهات المحلية "أدى إلى إضعاف القدرة التنفيذية في نظام إداري ومالي متزايد التعقيد". وأوصى ب"وضع برنامج حكومي ملزم بالنسبة إلى الوزراء في نطاق قيود الموازنة، وخفض عدد المؤسسات العامة المرتبطة برئاسة السلطة وإسناد صلاحياتها إلى الجهات الحكومية المعنية والجماعات المحلية". وفي شأن صلاحيات السلطة التشريعية، قال إن على "السلطة التنفيذية ان تمكن المجلس التشريعي من مراجعة الموازنة وأداء تنفيذها". كما يتوجب عليها دعم "قيام المجلس الأعلى للقضاء" وضمان استقلاله، من جهة، وتحديد صلاحيات وزارة العدل من جهة أخرى "حتى لا تضطلع بالدور نفسه الذي يتحمله المجلس الأعلى للقضاء".