تراجعت السلطة التشريعية مجدداً امس عن قرارها البحث في حجب الثقة عن المجلس الوزاري الفلسطيني، وأجّلت المناقشة الى منتصف حزيران يونيو. وجاء التأجيل بعد يومين على اعلان السلطة الفلسطينية تشكيل لجنة للاصلاح الاداري في الوزارات واقرار الرئيس ياسر عرفات خمسة قوانين، ووسط ارتفاع اصوات نيابية محذرة من تمييع عمل المجلس التشريعي ودوره من خلال عمليات التأجيل المستمرة منذ اكثر من سنة في ما يتعلق بحجب الثقة عن الحكومة الفلسطينية. وشهد المجلس التشريعي خلال جلسة امس في مدينة رام الله جدلاً صاخباً بين النواب الذين شددوا على ان يكون هذا هو التأجيل الاخير فيما صوتت غالبيتهم لمصلحة القرار على رغم تحفظها عنه. ووصف نائب عن حركة "فتح" اعلان تشكيل لجنة الاصلاح الاداري ب "حقن مورفين جديدة تعطى للجسد المجلس التشريعي كلما اقترب من وضع يده على الجرح الذي قارب ان يكون جسداً ميتاً". وحذر من "مفاجأة" المجلس باعلان موقف جديد في الخامس عشر من حزيران موعد الجلسة الاستثنائية الخاصة للبحث في حجب الثقة عن المجلس الوزاري. وانتقد النائب عبدالفتاح حمايل فتح التأجيل بشدة، وقال ل "الحياة" ان ارجاء التصويت على هذه المسألة التي طرحت للمرة الاولى العام الماضي "اصبح ظاهرة، فكلما اوشك المجلس على ان يمارس دوره بحسب القانون لوضع حدّ لمهزلة التمييع تجاهل قراراته، يتم تبني توجهات لتمييع الوضع". وأبدى تفاؤلاً ضئيلاً بأن يتم البحث في حجب الثقة الشهر المقبل، معرباً عن اعتقاده بأنه سيجري "تنفيس الامور مجدداً عن طريق بعض القضايا الشكلية بما لا يمس الجوهر". واعتبر ان المسألة "ليست متعلقة بهذا الوزير او ذاك بل بالنهج الذي تسير عليه الوزارات، وهو مبني على الفردية والعفوية وغياب دور المؤسسة وعدم احترام الآخرين". وكان المجلس التشريعي هدد بحجب الثقة عن المجلس الوزاري بناء على تقريرين احدهما حكومي في شأن تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي في معظم الوزارات الفلسطينية وتورط وزراء، الا ان عرفات اكد مرات انه بصدد اجراء تغييرات جذرية في تشكيلة حكومة السلطة الوطنية من دون ان يحدد سقفاً زمنياً لتنفيذ قراره. واتهمت النائبة راويا الشوا رئاسة المجلس التشريعي ب "تمييع الوضع" من خلال تبني افكار واقتراحات ودعوة بعض النواب لطرحها من اجل اتخاذ القرارات الحاسمة. وقالت ل "الحياة" ان "رئاسة المجلس ضعيفة، تعمل كأنها موظفة لدى السلطة". لكن النائب مروان البرغوثي، رئيس حركة "فتح" في الضفة الغربية، رأى في اقرار عرفات مجموعة من القرارات "خطوة ايجابية في الطريق الصحيح"، مشيراً الى ضرورة انتظار ما سيحصل خلال الاسبوعين المقبلين. وقال البرغوثي ل "الحياة" ان المجلس الذي تشكّل حركة "فتح" 70 في المئة من اعضائه، "تمتع بالصبر لفترة طويلة، لكننا وصلنا الى نقطة لا نستطيع فيها تحمل التجاهل اكثر من ذلك"، واصفاً العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بأنها "غير صحية". ورداً على سؤال قال البرغوثي ان وضع النواب "الفتحاويين" في المجلس "ليس سهلاً"، فحركة فتح هي التنظيم القائد في السلطة التي يرأسها عرفات". مضيفاً ان عليها في الوقت نفسه التزامات نحو ناخبيها. ويجمع النواب الفلسطينيين على ان حال الاحباط السائدة بينهم بسبب مماطلة السلطة التنفيذية في اقرار قراراتهم وتنفيذها وتزداد مع اقتراب انتهاء الفترة الزمنية القانونية لصلاحيات المجلس التي تنتهي مع انتهاء المرحلة الانتقالية للاتفاقات المعقودة مع اسرائيل. وقال حمايل: "اخشى ان يستمر التمييع والتأجيل والمماطلة الى ان تنتهي صلاحيات المجلس العام المقبل".