من ناحية مبدئية، يأتي عرض فيلم "جان دارك" من اخراج الفرنسي لوك بيسون، في وقته تماماً، بحيث يمكن القول ان المصادفات تخلق احياناً منطقها الخاص. فاليوم، ثمة حرب "لحوم" معلنة وصاخبة بين الانكليز والفرنسيين تهدد بأن تستعر اكثر. وما فيلم "جان دارك" سوى استعادة لحرب انكليزية - فرنسية قديمة، يرى التاريخ الفرنسي ان "القديسة جان" ابلت خلالها بلاء حسناً. وطردت الانكليز فاكّة الحصار عن اورليان، قبل ان تخفق في حصار باريس ويقبض عليها الانكليز ويحرقونها بتهمة السحر والشعوذة. حكاية جان - دارك هذه ما فتئت تغذي المخيلة والفخر الفرنسيين منذ زمن طويل. وفيلم بيسون هو الرقم 50 تقريباً في سلسلة الافلام الفرنسية والعالمية التي حققت عنها، ناهيك عن ان ثمة اكثر من الف كتاب يتحدث عنها. وفيلم بيسون الجديد منتظر، خاصة ان بطلته هي عارضة الأزياء الشهيرة ميلا جافوفيتش تحيط بها كوكبة من الاسماء اللامعة، من فاي داناواي الى جون مالكوفيتش وداستن هوفمان. نذكر ان هذا الفيلم كان من شأنه اليوم ان يغيظ الانكليز، لولا الكاتب الموسوعي الفرنسي روجيه كاراتيني الذي اختار هذا الوقت بالذات ليصدر كتاباً بالفرنسية عن جان - دارك، يحاول فيه ان ينسف اسطورتها من الأساس، قائلاً انها من اختراعات القرن التاسع عشر، حين احتاجت فرنسا الى اختراع ابطال وهميين. ويرى كاراتيني، الذي نقلت امهات الصحف الانكليزية تأكيداته هذا الاسبوع، انه ربما كانت هناك فعلاً، فلاحة فقيرة حاربت الانكليز يوماً.. لكن الواقع التاريخي يقول ان الانكليز ابداً لم يحاصروا اورليان، وان من قبض على جان - دارك وأحرقها هي محاكم التفتيش الفرنسية، وليس الانكليز. والسجال مفتوح بالطبع.