كرسي الدراسات العربية في جامعة اوتاوا العاصمة الفيديرالية لكندا تأسس، كما يقول رئيسه الدكتور عبدالله عبيد، عام 1982 نتيجة كثرة عدد الطلاب من أصل عربي وخصوصاً من أصل لبناني مع الهجرة التي حصلت أثناء الحرب في لبنان، وضم آنذاك 30 طالباً توزعوا في صفين أحدهما فرنسي اللغة والآخر انكليزي اللغة. اليوم تضم الدراسات العربية ما يزيد عن 300 طالب يتوزعون في ثلاثة عشر صفاً تشمل حالياً بالإضافة الى تدريس اللغة دراسة الحضارة العربية بشقيها القديم والجديد، ودراسة الآداب العربية بدءاً من الجاهلية وحتى العصر الحديث، وهي تعطى في صفوف الحضارة والآداب باللغتين. مع اعطاء نماذج بالعربية لمن يحسنونها، وبالطبع مترجمة الى الانكليزية والفرنسية لسائر الطلاب. ويقول الدكتور عبيد "ان الانجازات التي تحققت منذ ذلك التاريخ هي انفتاح الجامعة على العالم العربي، لذا ترتبط الجامعة حالياً بمعاهدات مع جامعات في العالم العربي يزيد عددها على العشرين بروتوكولاً أو اتفاقية، وتشمل البلدان الآتية: السعودية، الكويت، عمان، العراق، اليمن، لبنان، تونس، الأردن، المغرب وموريتانيا. والمعاهدات مع هذه البلدان لا تقتصر على جامعة واحدة بل على مجموعة من الجامعات. وفي لبنان نتيجة لهذا الانفتاح تربطنا علاقات بالجامعة اليسوعية حيث أوفدنا أحد الاساتذة بنفقة جامعة اوتاوا لتدريس أصول الترجمة لمدة خمسة أشهر. كما افتتح رئيس جامعة اوتاوا مكتباً في بيروت بصفته رئيس تدريس اللغات في البلدان الناطقة بالفرنسية لمساعدة المدارس والجامعات التي تعلم اللغة الفرنسية، كما شاركت الجامعة في مؤتمرات الجامعة الاميركية اللبنانية في جبيل. كما تربطنا علاقة متينة الآن مع جامعة البلمند بعد توقيع الاتفاقية بين البلدين اثناء زيارة الدكتور ايلي سالم الى جامعة اوتاوا. كما استضافت الجامعة الصيف الفائت عميد كلية الادارة في جامعة البلمند لمدة خمسة اسابيع لمواكبة التطور الحاصل في هذا الحقل، وقام بزيارة لبنان نواب ورئيس الجامعة وأمين عام الجامعة الدكتور بوشيه والدكتوران جيل باتريه وميشال بيير. وفي 17 ايار مايو الماضي زار جامعة اوتاوا رئيس جامعة اللويزة اللبنانية وعميد كلية العلوم فيها لإجراء محادثات حول ارسال طلاب للحصول على شهادة الدكتوراه في الحقول المطلوبة للتعليم في الجامعة. وفي ما يتعلق بالأردن هناك 15 استاذاً يدرّسون في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية تخرجوا من جامعة اوتاوا. ولدينا أربعة وثلاثون طالباً سعودياً في حقل الطب يتدربون في مستشفيات الجامعة، وهذا العدد يتكرر كل سنة. وهذا الانفتاح أدى الى منح دكتوراه فخرية الى عدد من العرب، على رأسهم الملك الراحل الحسين بن طلال ورئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري وسلطان عُمان السلطان قابوس، وأخيراً الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي في السعودية". وعن المسؤولين والاكاديميين العرب الذين ساهموا في دعم كرسي الدراسات العربية، يقول الدكتور عبيد "ان عشرات المحاضرات ألقاها اخصائيون وجامعيون عرب، أخص منهم الأردني الراحل محمد ابراهيم استاذ اللغات والترجمة، ومن المغرب الطاهر بن جلون وادريس شرايبي والمسرحي المعروف الطيب الصديقي، كما قدمت فرق موسيقية من المغرب مساهمات ترتدي الطابع المغربي الاندلسي. واستضافت الجامعة كبار المسؤولين العرب في زياراتهم الى اوتاوا، بينهم على سبيل المثال الأمير الحسن بن طلال ووزير خارجية تونس ووزير خارجية سورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى في المغرب، فهناك بروتوكول لتدريب القضاة في جامعة اوتاوا. كما استقبلنا رئيس جامعة موريتانيا الدكتور محمد ولد ألبت، وقدم رئيس جامعة مؤتة الأردنية السابق الدكتور عدنان بخيت محاضرة عن الأرض العربية خلال الحكم العثماني، والدكتور سعد حجازي جاء يحمل رسالة تهنئة من الملك الراحل حسين بن طلال لمناسبة مرور 150 سنة على تأسيس جامعة اوتاوا، وقدم باسم الملك ثلاث منح لدراسة الدكتوراه في الجامعات الأردنية الثلاث: العلوم والتكنولوجيا، جامعة اليرموك والجامعة الأردنية. كما قمت باصطحاب مجموعة من الطلاب صيف 1989 لدراسة اللغة والحضارة العربية في الأردن في جامعة اليرموك خلال دورة صيفية مكثفة. وكانت النتيجة رائعة جداً. ويقوم حالياً عدد من اساتذة جامعة اوتاوا والجامعات التي تربطنا بها بروتوكولات بتبادل الزيارات تبادل ثقافي بين جامعتين وتبادل الدراسات في بعض الموضوعات، ومنها المتعلق بدراسة المياه الجوفية والسطحية في الشرق الأوسط والهندسة بكل فروعها والطب والعلوم والبيئة. وانطباعات الدكتور عبدالله عبيد عن العلاقات بين بلدان العالم العربي وكندا، أوجزها بالآتي: "إنها علاقات جيدة وهذا لا يعني انه لا يمكن ان تتحسن في المستقبل فإمكانية التطور والتنمية متوافرة، والرغبة عند الكنديين متوافرة فكندا محبة للسلام وليست لها أهداف استعمارية توسعية مما حدا بالبلدان العربية ان تنفتح اكثر فأكثر على كندا، من هنا نجد ان تبادل التمثيل الديبلوماسي يزداد سنة بعد سنة، ففي اوتاوا اليوم حوالى ست عشرة سفارة ل16 بلداً عربياً. والتبادل التجاري بين السعودية وكندا، مثلاً، يزيد عن بليون وثلاثمئة مليون دولار، ونتيجة لحسن العلاقات بين البلدين سمحت كندا للرعايا السعوديين بالدخول من دون تأشيرة. حتى التعامل بين كندا والجزائر البلد الذي يغلي على فوهة بركان أدى الى علاقات تجارية ممتازة تتجاوز قيمتها بليون دولار، وهكذا الحال بالنسبة الى سائر الدول العربية، ففي الأردن مثلاً فتحت كندا مكتباً للوكالة الكندية للانماء الدولي لتقوية العلاقات بين البلدين وبين كندا والمنطقة العربية بصورة عامة. وتقوم كندا بدعم السلطة الفلسطينية اقتصادياً عبر الجمعيات غير الحكومية الانسانية كما تدعم اقامة مؤسسات تعليمية مشتركة بينها والعالم العربي في بعض الحالات، مثالاً على ذلك مؤسسة الحريري التي سميت ب"الجامعة" معهد الدراسات التكنولوجية في بيروت، وقد افتتح هذا المعهد عامه الدراسي الأول في شهر ايلول سبتمبر الفائت لاستقبال الطلاب من لبنان ومن المنطقة العربية، وبرامج المعهد وإدارته كلها كندية وهو يتبع لمعهد كوبلاند في غربي كندا، مما يسمح لحاملي الشهادات من هذا المعهد بمعادلتها في كندا من دون صعوبة".