جائزة نوبل للآداب للعام 1999 اعطيت للروائي الألماني غونتر غراس 71 عاماً، هو الذي انتظرها منذ اكثر من عشرين سنة وكان معه على لائحة الانتظار كتاب كبار من حضارات مختلفة. راجع ص 22 هذه المرة لم تنشغل الصحافة بأسماء المتوقع فوزهم، اذ اعلنت الأكاديمية السويدية الثلثاء الماضي انها ستسمي الفائز يوم الخميس ولم يكن الوقت كافياً لنشر ترجيحات اسماء. الأمين العام الجديد لجائزة نوبل للآداب هوراس انغدال اطل ظهر امس من مبنى بيت البورصة في استوكهولم وأعلن اسم غونتر غراس أمام حشد من الصحافيين والمهتمين. وحين تلقى الكاتب الخبر في المانيا علق بسخريته المريرة: "اشعر بأنني على وشك الابتسام. لقد انتظرت الجائزة عشرين سنة وهذا جعلني احتفظ بشبابي وحيوتي، اما الآن فإنني استعيد عمري الطبيعي". وقال إنه لا ينوي إرجاء موعد حدّده مع طبيب الأسنان "لأنه سيساعدني على تهدئة اعصابي"! وبثت اذاعة "ان دي آر - 3" في شمال المانيا مقابلة معه، قال فيها إنه ينوي تقديم جزء من القيمة المادية للجائزة 960 ألف دولار الى "مؤسسة غراس للغجر"، معرباً عن قلقه العميق على مصير الغجر في كوسوفو. وأعرب المستشار الألماني غيرهارد شرودر عن سروره بفوز غونتر غراس ووصفه بأنه "أمر عظيم بالفعل". ويجسد غراس جيلاً من الروائيين الألمان في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية سعوا الى المانيا اكثر انسانية وتقدمية. ولد في مدينة دانتزيغ وشهد صعود النازية واندلاع الحرب التي استدعي للمشاركة فيها قبل ان تعتقله القوات البريطانية. وبعد نهاية الحرب مارس النحت وتكشف عن كاتب كبير لدى صدور روايته "الطبل الصفيح" عام 1959، وأعقبتها روايات وكتابات متعددة تميزت بالغنى الفني والتجديد والنزعة العبثية. كما جمع في لغته الأناقة والمباشرة الفظة في آن، وأثارت كتاباته الروائية وغير الروائية اعجاب كثيرين، خصوصاً بعد نقلها الى عشرات اللغات الأخرى، ومن المتأثرين به غبريال غارسيا ماركيز وسلمان رشدي وكينزا بورو أوي. وبالتوازي مع نشاطه الكتابي تصدى غونتر غراس الى صلب الاهتمامات الألمانية بشجاعة فكان من المقربين المتحمسين الى زعيم الحزب الديموقراطي الاشتراكي فيلي برانت، لكنه عبّر لاحقاً عن خيبة أمله بالحزب ودعم حزب الخضر. ومن مواقفه المشهودة مناصرته حقوق الاجانب والمجنسين في وجه النازية الجديدة، وسعيه الى المحافظة على حقوق الغجر في اوروبا، ومواجهته حمّى التسلح في اوروبا. ولا ينسى الالمان الى الآن "الفضيحة" التي أثارها كتابه "حقل واسع" الذي نبّه فيه الى سلبيات الوحدة الالمانية التي وصفها بأنها "مجرد عملية ضم اقتصادي من المانيا الاتحادية للشطر الشرقي لا أكثر ولا أقل".