أمانة القصيم تحقق التميز في كفاءة الطاقة لثلاثة أعوام متتالية    أمانة الشرقية تطلق أنشطة وبرامج لدعم مبادرة "السعودية الخضراء"    نيوم بطلًا لدوري يلو    نائب أمير حائل يزور فعالية "أساريد" في قصر القشلة التاريخي    تحولات كبيرة في قطاع التعدين بالمملكة.. نمو وتشغيل استثنائي خلال الربع الأول من عام 2025    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    "فلكية جدة": رصد هلال شهر ذي القعدة في سماء الوطن العربي بعد غروب شمس اليوم    الأمين العام لمجلس الشورى يشارك في اجتماع الأمناء العامين للمجالس الأعضاء في منتدى حوار جنوب - جنوب    العمليات العقلية    6 مطارات لخدمة الحجاج    انخفاض أسعار الذهب بنحو واحد بالمئة    وزير الخارجية ونظيره القطري يبحثان تعزيز التعاون المشترك    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (1 4)    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    ينتظر الفائز من النصر وكواساكي.. الأهلي يزيح الهلال ويتأهل لنهائي نخبة الأبطال    وزير الخارجية يبحث العلاقات الثنائية مع نائب رئيس فلسطين    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    التقوا رئيسها واستمعوا لتوجهاته المستقبلية.. رؤساء تحرير يطلعون على مسيرة التطور في مرافق "أرامكو"    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    الاحمدي يكتب.. الهلال سيعود ليُعانق البطولات    أمير الرياض يكرّم المتطوعين والمشاركين في {منقذ}    سعود بن نهار يثمن مبادرة "الطائف المبدعة"    انطلاق مبادرة "الشهر الأزرق" للتوعية بطيف التوحد بالأحساء    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    جيسوس: الأهلي كان الأفضل    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    مدير عام الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    المسار يسهم في نشر ثقافة المشي والتعرف على المواقع التراثية وجودة الحياة    الصوت وفلسفة المكان: من الهمسات إلى الانعكاسات    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة المصرية لم تبدأ مع الحملة الفرنسية
نشر في الحياة يوم 31 - 01 - 1999

الكتاب: "فلاحو الباشا، الارض، المجتمع، الاقتصاد في الوجه البحري، 1740- 1858". بالانكليزية
الكاتب: كينيث كونو
الناشر: الجامعة الاميركية في القاهرة - 8199
المؤرخون منذ بدايات هذا القرن الذي يوشك على الافول كرسوا فكرة ان دخول مصر الى العصر الحديث كان بسبب اتصالها بالغرب بدءاً بالحملة الفرنسية التي - كما يقولون - كانت السبب المباشر في ذلك. ولذلك يقسم المؤرخون التاريخ، عادة، الى فترات زمنية تضع فاصلاً مباشراً بين الحملة الفرنسية وعصر محمد علي كبداية للعصر الحديث في مصر، وما قبلهما، اي عصر المماليك والعثمانيين ينتمي بهذا التقسيم الى العصور الوسطى.
وفي هذا الكتاب يقبل المؤرخ والاجتماعي الاميركي كينيث كونو على تفسير جديد تماما لتاريخ تلك الفترة، يبدأ المؤلف كتابه بأن مصر لم تكن "الجمال النائم" الذي ايقظته الحملة الفرنسية - كما يعتقد معظم المؤرخين: "نحيت جانباً النظرة الى مصر الحديثة بصفتها الجمال النائم وكانت "صحوتها" كأمة حديثة طبقا لهذه النظرة نتيجة الاتصال بالغرب"، ومن خلال ربط زمني للفترتين اللتين طال فصلهما - اعني بداية العصر الحديث، وأواخر القرون الوسطى- وضع الكاتب نظاماً زمنياً مختلفاً ليكون هادياً له في بحثه هذا، وهكذا اختار فترة زمنية بين 1740 و1858 ليدرس مدى صحة ما ذهب اليه المؤرخون في هذا الامر.
وبدأب شديد، يبحث المؤلف والمؤرخ عن الوثائق التي تساعده في إثبات وجهة نظره او إثبات عكسها، مستعيناً في ذلك بكل ما يقع تحت يده من وثائق مكتوبة، ولهذا الغرض لجأ الى مصدرين اساسيين لمعلوماته، كان اولهما دار الوثائق المصرية، فيها جميع الوثائق التي تخص المعاملات الاقتصادية ومعاملات الملكية، باعتبار ان اهم ما يميز الدخول الى العصر الحديث بالنسبة الى شعب ما او امة ما هو نمط العلاقات الاقتصادية، ونوع الملكية، والمصدر الثاني الذي يستعين به هو سجلات المحاكم الشرعية التي يمكن ان نشاهد فيها صورة حقيقية لنمط الحياة الذي كان سائداً طوال تلك الفترة، بل ويمكن من خلال تتبع سجلات المحاكم الشرعية تتبع تطور العلاقات وتغيرها، ومع دراسة تاريخية لأهم المتغيرات السياسية في ذلك الزمن نفسه يمكن استنتاج الكثير من النتائج المهمة التي قد تثبت او تنفي الفكرة الاساسية التي يبني عليها المؤلف.
لم يكتف كونو بالبحث في الوثائق القديمة، وإنما تتبع الأبحاث السابقة والكتب التي صدرت لدراسة الفترة نفسها، كما لم ينس ان يتابع الجرائد المصرية في دار الكتب باحثاً فيها عن كل جديد يمكن ان يضيف إليه.
وكما هو ظاهر من العنوان، فالكتاب يتحدث عن الاقتصاد والمجتمع الريفي في الوجه البحري المصري في تلك الفترة، محاولاً الاجابة عن سؤال مهم يلخصه المؤلف في الكلمات التالية: "القضية الاساسية لتلك الفترة التي يعني بها هذا الكتاب هي معرفة كيف، وإلى أي مدى غيرت سياسات محمد علي الريف المصري"، وكان معظم المؤرخين يعاملون مصر على انها كانت تعيش في عصور من الظلام والجهل، لكن الكاتب يقول إن "هذا البحث كشف عن وجود سوء فهم رئيسي في التفسيرات السائدة للتغييرات في عصر محمد علي، فقد وصفت الابنية الاقتصادية والاجتماعية للريف المصري بأنها اكثر بدائية مما كانت عليه في الحقيقة".
ويذكر لنا كونو سبب اختياره عنوان الكتاب الذي يرجع الى ما ذكره الجبرتي المؤرخ المصري لتلك الفترة قائلا: إن عنوان هذا الكتاب: "مأخوذ من مقولة منسوبة الى الفلاحين المصريين في اثناء حصاد الربيع لعام 1814، وهي السنة التي فرضت فيها ضريبة الارض، وسمح للملتزمين ان يستعيدوا جزءاً صغيراً من اراضيهم، ولكنهم فقدوا كل الامتيازات الاخرى، ومن ضمنها الحق التقليدي في استخدام عمالة السخرة لزراعة اراضيهم. وقد وصف الجبرتي صور تحلل هذه الطبقة- التي كان ينتمي اليها- بشكل بالغ الحيوية قائلا:
وآن وقت الحصاد وهم ممنوعون عن ضم زرع وساياهم يعني الاواسى او اراضي الاوسية الى ان اذن لهم الكتخدا بذلك وكتب لهم اوراقاً وتوجهوا بأنفسهم أو بمن ينوب عن مخدومه واراد ضم زرعه ولم يجد من يطيعه منهم وتطاولوا عليهم بالألسنة فيقول الحرفوش منهم اذا دعي للشغل بأجرته "روح انظر غيري انا مشغول في شغلي انتم ايش بقالكم في البلاد قد انقضت ايامكم احنا صرنا فلاحين الباشا".
ويركز الكاتب دراسته على الوجه البحري المصري باعتباره طبيعة واحدة متكاملة في نظام الزراعة والري مما طبع المجتمع بخصائص ذات طعم خاص، ولأن الوجه القبلي في حاجة الى دراسة خاصة متكاملة بسبب طبيعته الخاصة، كما يخصص الكاتب في كل جزء من جزأي الكتاب فصلاً لدراسة أعيان الريف، ودورهم وتأثيرهم في المجتمع الريفي، ويتتبع بعض عائلات الاعيان الى العصر الحديث وكيف اصبحوا، وينتهي الكتاب بمجموعة من النتائج الجديدة بالنسبة الى البحث في مجتمع واقتصاد الوجه البحري المصري في هذا العصر من عصور مصر الحديثة.
يبدأ الكتاب بمقدمة مطولة لذكر أهم الأحداث التاريخية التي مرت بها مصر في الفترة موضوع الكتاب، ثم يقسم كتابه الى جزأين، اولهما يختص بالفترة السابقة على حكم محمد علي، ويناقش تلمس ملامح هذا المجتمع، وهذا الاقتصاد في ظل الحكم المملوكي في مصر، وكيف تطور نظام حيازة الاراضي الزراعية في العصور المختلفة، ونظام فرض الضرائب وكيفية تحصيلها، وما بين الاثنين من علاقة قديمة مدى الدهر، نظام الوقف، ووقف الارض الزراعية بخاصة، والدور الذي كان يقوم به القضاة الشرعيون في وضع ضوابط التشريع لكل ذلك، وفي هذا يناقش آراء القضاة الشرعيين واهل الفتوى في مصر والشام مناقشة مستفيضة، ويقارن بين نظام الحيازة الزراعية في مصر والشام ايضا، ثم يتقدم الى تتبع كل ذلك في العصر العثماني، وتطبيق نظام الالتزام مدى الحياة لأول مرة، وتوريث الالتزام في العصر العثماني وأثر ذلك على الحياة الاجتماعية.
ثم ما تعرضت له البلاد من كوارث طبيعية بالغة السوء، كما نعرف جميعا في اواخر القرن الثامن عشر، وكذلك ما ساد هذه الفترة من اضطرابات سياسية دائمة، نتيجة المعارك والصراعات المستمرة بين المماليك، وما ترتب على هذه الكوارث الطبيعية والصراعات السياسية من انهيار نظام الري والنقص الفاحش في الثروة البشرية والحيوانية، والحمل الضرائبي. ثم دخول الحملة الفرنسية وما تلاها من اضطرابات جديدة، وتدهور الزراعة وبعض الصناعات المتصلة بها، ومشكلة القرى المتروكة في ذلك الوقت واسبابها.
ثم يحدثنا كونو عن نظام الالتزام والملتزمين، معالجاً مجموعة العلاقات المرتبطة بالضرائب، بداية من نظام الالتزام وتطوره، الالتزام كنوع من الحيازة، ووضع الملتزمين في المجتمع الريفي، وهنا يناقش مجدداً نظرة المذاهب الفقهية المختلفة الى الحيازة في ظل نظام الالتزام، وسلطة الالتزم في قريته، ومعاملته للفلاحين، وانواع الاراضي التي يحوزها الملتزمون وغيرهم كأراضي الفلاحة والاوسية وغيرها، سوق صكوك الالتزام وتطور التعاملات في حقوق الالتزام، النقل والرهن والميراث، والتكوين الاجتماعي للملتزمين وتطوره بداية من النخبة العسكرية التي كانت الغالبة على الملتزمين ثم دور شيوخ العرب والعلماء البارزين، ودخول النساء سوق الالتزام، ثم ينتهي الى انهيار نظام الالتزام في أواخر القرن الثامن عشر تمهيداً لالغائه على يد محمد علي في ما بعد، وهو في كل ذلك يدرس الاقتصاد الريفي في مصر في ذلك الوقت مدللاً على ان العلاقات الاقتصادية كانت متطورة بالفعل قبل الاتصال بالغرب بعد الحملة الفرنسية وفي عصر محمد علي.
يحدثنا الكاتب عن مدن السوق والاسواق الدورية التي كانت سمة الأسواق في ذلك العصر، وكانت سمة سائدة في العالم العربي لا في مصر فقط، وهي لاتزال موجودة في معظم القرى المصرية الى اليوم، ويناقش تسليف الاموال واستثمار اهل الحضر في الانتاج الريفي وفي التجارة الريفية، ومساهمة اهل القرى في التجارة بين الريف والمدينة، كل ذلك كان يحدث في مصر في هذا الوقت المبكر قبل الحملة الفرنسية على مصر، ويعطينا فكرة جيدة عن دور هذه التجارة وتدهورها اثناء اواخر القرن الثامن عشر.
وبالنسبة الى حيازة الاراضي، يتحدث عن توزيع الارض، وعن نظام الدوار الريفي وكيفية توارث الارض بين اهل الدوار، كما يناقش مسألة ميراث الارض في الفقه الاسلامي، ونقل ملكية الارض او نقل حيازتها بكل الوسائل من بيع او رهن او ميراث ...
وفي الجزء الثاني يبحث المؤلف في مصر الريفية اثناء وبعد اصلاحات محمد علي لنظام الزراعة المركزية والتوسع في الارض الزراعية واستعادة السيطرة المركزية على الارض وصحوة الزراعة وتوسعها وعوائد الباشا من وراء كل ذلك.
يحدثنا الكاتب عن كيفية فرض الضرائب، كمها ونوعها، ونظام الاحتكار، وتأثير كل ذلك على اهل الريف، السخرة والتجنيد الالزامي وعلاقتهما بالعمالة الريفية، فرض الضرائب مع بدايات نظام الاحتكار، الضرائب الرسمية وغير الرسمية ثم دمج الضريبة الذي لجأ اليه محمد علي، ووقع كل هذا على الريف وتأثيره في المعاملات الزراعية والتجارية وغيرها. ويتناول المؤلف موضوع إعادة توزيع الارض الذي قام به محمد علي، ونظر اليه المؤرخون على انه توزيع الارض الزراعية على صغار المزارعين، فيتحدث عن التغيرات في توزيع الارض في العقدين الثاني والثالث من القرن التاسع عشر وإعادة توزيع الارض، اسبابها وكيفيتها، وما سمي بالعهدة، والاقطاعيات المتميزة ولمن كانت تعطى.
ثم توزيع الارض عند نهاية حكم محمد علي وكيف تم، وما ضوابطه، وينتهي بنا الى ان توزيع الأرض لم يكن المقصود به نوعاً من الإصلاح الزراعي، وإنما في الحقيقة أخذت الأراضي من الفقراء غير القادرين على دفع الضريبة، وأسندت الى القادرين على دفعها، وفي ذلك يأتينا بالكثير من الاحصاءات المستمدة من الوثائق وسجلات المحاكم والضرائب، وسجلات اسقاط القرى وغيرها.
وفي النهاية يناقش كونو ما أدى إليه كل ما سبق من ظهور نظام ريفي جديد، فقد ألغي الاحتكار، وتم تحرير التجارة، وكانت صحوة التجارة الحضرية الريفية، ثم نظام توحيد الأرض الجديدة، وقانونا الإصلاح الزراعي لعامي 1847 و1855، وأخيراً قانون 1858 الشهير للأرض.
ثم يطرح الكاتب في فصل خاص نتائج بحثه، ويضع أمامنا الجديد الذي توصل إليه في هذا الكتاب، ويثبت فيه أن العصر الحديث بدأ في مصر قبل دخول الحملة الفرنسية وقبل عصر محمد علي، وأن هذا العصر لم يكن نتيجة لنهضة التجارة مع أوروبا فحسب. ربما كان لهذه النهضة تأثير جزئي في وقت من أوقات عملية التغير الى العصر الحديث، ولكنه لم يكن نتيجة مباشرة له، كما أن الاقتصاد الريفي في القرن الثامن عشر لم يكن مجرد اقتصاد معيشي، كما ظن معظم مؤرخي ذلك العصر، وإنما كان اقتصاداً يحمل ملامح الاقتصاد المؤسس على مقتضيات تجارية، كما يحمل ملامح الاقتصاد المعيشي، ويثبت كونو أن تجارة الشرق لم يخلقها محمد علي من عدم، إنما كانت موجودة قبل محمد علي، ولكنه عمل على زيادتها واحتكارها، وكان من نتائج نظامه الاحتكاري، ثم إلغائه لهذا النظام، تراجع التجار المصريين في الحضر والريف، ثم دخول تجار الشرق، أي انتقال التجارة من أيدي المصريين الى أيدٍ أجنبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.