الحرية كلمة مقدسة، ومطلب من أسمى المطالب التي يسعى اليها كل حيّ. ولا يوجد كائن إلا وتراه يجاهد بشتى السبل ومختلف الوسائل من اجل ان ينال حريته. باسم الحرية اقتتل بنو البشر وداسوا كراماتهم وأعراضهم ودمروا مدنهم وهدموا حضاراتهم، فالحرية اسمى المعاني واغلى الاماني وأثمن المكاسب. والحرية لا تكون في الجسد والحركة فقط، إنما في الفكر والرأي والاعتقاد. ولكل شعب املٌ في الحرية… فالحرية حاجة نفسية ضرورية طبيعية ومشروعة لكل الناس، فمثلاً الحرية من الاحتلال والقمع والاضطهاد هي المطلب الاول للشعب الفلسطيني. ومنذ عقود طويلة، خاض الشعب الفلسطيني نضالات واسعة من اجل التحرر من الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وممارسة حق تقرير المصير. وكم من شخصيات خلدها التاريخ في أنصع صفحاته، لا لشيء الا لانهم ناضلوا من اجل حرية شعوبهم وبلادهم، وما عمر المختار وغاندي ودوداييف ومانديلا الا امثلة ساطعة على ذلك. ولقد ابدع الاستاذ مصطفى لطفي المنفلوطي في كتابه "النظرات" عندما تحدث عن الحرية قائلاً: "الحرية شمس يجب ان تشرق في كل نفس". فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة، يتحرك بتوجيه الغير كما تتحرك اللعب في ايدي الاطفال! وممارسة الحرية الشخصية هي الاساس الاول في المجتمع المدني، وتعني بالضرورة ان يتمتع الافراد باستقلالية القرار وحرية الاختيار بكافة الامور المتعلقة بالحياة الشخصية. وتلعب التربية دوراً اساسياً في بناء شخصية الافراد وتطوير قدراتهم على تحمّل مسؤولية الاختيار، واتخاذ قراراتهم الخاصة بشكل واع ومسؤول. كما تشكل حرية الرأي والتعبير، القلب النابض لأي نظام ديموقراطي، كذلك فإن حرية التجمع والتصويت والاحتجاج والانتماء السياسي، وممارسة المعتقدات الدينية، وحرية التنقل والسكن والهجرة وحق العودة، والحق في المواطنة، هي حق لكافة الافراد والمجموعات في المجتمع من دون تمييز او استثناء وبمساواة كاملة بينهم. ويرتبط بهذه الحريات العامة، الحق في التقاضي وتكافؤ الفرص امام القضاء، والحق في الدفاع القضائي العادل. والانسان الحر عليه واجب، واول واجباته التقيد بالتزاماته، تجاه نفسه، وتجاه الآخرين، وثاني واجباته المحافظة على حرية الغير وعدم الغدر بهم لتتم حريته. فلا يمكن ان يتمتع انسان بحريته الا اذا احترم حرية الآخرين، وقام بواجباته تجاههم، وبذلك يجبرهم على احترام حريته. ومن هنا، صارت الحرية احساساً داخلياً مفهوماً تجاه الآخرين، وتجاه النفس، وبالتالي تصبح سلوكاً لا شعاراً عند المرء. نعم الحرية سلوك… سلوك صعب او هيّن لكنه سوي. قلقيلية فلسطين - حسام فتحي جبارة طالب في قسم الصحافة والعلوم السياسية - جامعة النجاح الوطنية.