أثار فقدان طفلة مغربية احدى عينيها اثر لكمة تلقتها من مدرستها في احدى المدارس الابتدائية في الرباط اخيراً جدلاً واسعاً في الاوساط التربوية والحقوقية في البلاد، خصوصاً وان الحادث تزامن مع تنظيم المغرب حملة ضد العنف الممارس على النساء. واستغلت الجمعيات الحقوقية هذا الحادث لتجديد الدعوة الى ضرورة الاهتمام بحقوق الطفل الذي يشكل، استناداً الى الاحصاءات الرسمية، الضحية الأولى لهذا العنف. وقامت السلطات المغربية اخيراً بحملة لمحاربة جميع اشكال العنف الممارس ضد المرأة، ترمي الى رصد خطط وبرامج بالتنسيق مع "صندوق الأممالمتحدة للمرأة"، لنبذ كل اشكال التمييز ضد المرأة، والعمل على احترام حقوقها وكرامتها. وقال كاتب الدولة المغربي للرعاية الاجتماعية، سعيد السعدي، ان الحملة تهدف الى "كسر الصمت عن ظاهرة العنف المسلط ضد المرأة، القانوني منه والاجتماعي والجنسي". وأظهرت احصاءات ان ظاهرة العنف الممارس ضد النساء تطاول على الخصوص الفتيات الصغيرات وخادمات البيوت ونساء الأرياف، وتتوسع لتشمل كذلك نساء حصلن على مستوى تعليمي مرتفع نسبياً. وجاء في دراسة قامت بها الجمعية المغربية لحقوق الانسان في تشرين الأول اكتوبر 1995، وقوع 75 حالة عنف ضد فتيات ونساء تتراوح اعمارهن بين اقل من عشر سنوات وأكثر من 90 سنة، من بينها 25 حالة اغتصاب و27 حالة جنائية. وأشارت الاحصاءات ان محكمة الدار البيضاء نظرت في العام 1993 في اكثر من 900 حالة، من بينها 334 حالة عنف ضد النساء. ومن بينها 392 ضحية عنف تم احصاء 16 طفلة، وعجوز عمرها 90 عاماً تعرضت للاغتصاب. وتشن الجمعيات المغربية غير الحكومية حرباً بلا هوادة على ظاهرة العنف ضد النساء، من الرجال خصوصاً. وتحتضن هذه الجمعيات مئات النساء اللواتي كن عرضة لممارسات مختلفة من العنف تتراوح بين الضرب المبرح والكسر والاغتصاب الجماعي والطرد والاصابة بحروق... وتحاول متابعة الحالة النفسية للضحايا ومساعدتهن على تجاوز آثار العنف الذي مورس ضدهن مع ضمان الملاحقة القضائية للمسؤولين عنه. وفجرت حملة محاربة العنف ضد النساء جدلاً حول مدى استغلال بعض الاطراف التقاليد المحلية كذريعة لانتهاكات حقوق النساء. ودانت "مجموعة 95 المغاربية من اجل المساواة" كل محاولات الربط بين مظاهر العنف وانتهاكات حقوق النساء في بلدان المغرب العربي وبين هذه التقاليد، وأشارت المجموعة التي تأسست قبيل انعقاد المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة في بكين العام 1995 في أول تقرير لها "ان العنف الممارس ضد النساء في المغرب العربي يتعلق بعنف هيكلي يستند الى الوضع الدوني الذي تعاني منه النساء في هذه البلدان، وليس مجرد فعل افراد او سلوك منعزل"، في اشارة الى الصمت الذي يحيط بالخروقات وأعمال العنف الممارس ضد النساء، والتي غالباً "ما تكتسي طابعاً مؤسساتياً يتكرس عبر المدرسة وفي القوانين". وأشار بيان المجموعة المغاربية الى ان الكثير من النساء في بلدان المغرب العربي تتعرضن يوميا لأعمال عنف سواء في اطار العائلة او العمل او الشارع متمثلة في ظواهر العنف الجسدي والنفسي والاغتصاب... وتظل هذه القضايا مكتومة، قلما تتجرأ المجتمعات المغاربية على الحديث عنها. وترى المجموعة ان المسؤولية تقع على غياب قوانين خاصة لحماية النساء، وتحاول القيام بتحرك شامل يرمي الى فضح جميع اشكال العنف والخروقات التي تتعرض لها حقوق النساء والضغط للتعريف بواقع النساء الحقيقي في بلدان المغرب العربي خصوصاً المرتبط منه بظاهرة استغلال الفتيات القاصرات وضعف المشاركة النسائية في الحياة السياسية العامة.