أكثر مما قد يعنيه لصانعين آخرين كثر، يمثل إطلاق جيل جديد من عائلة محرّكات الديزل لدى بيجو بُعداً مهماً نظراً الى مراهنة الماركة الفرنسية على هذا الوقود منذ أربعة عقود، وتحديداً منذ إطلاق "403 ديزل"، أول سيارة سياحية بمحرّك ديزل معد للإنتاج الواسع النطاق، في معرض باريس الدولي العام 1959. ثم توالت المحطات في طريق الصانع الذي أصبح أحد أهم صانعي محرّكات الديزل في العالم، حتى إتفاقه حديثاً مع شركة فورد الأميركية على مشروع مشترك لإنتاج عائلة محرّكات ديزل متطوّرة ذات سعات صغيرة الى متوسطة. وفي العقدين الأخيرين وحدهما، سوّقت بيجو ما لا يقل عن ثمانية ملايين محرّك ديزل من عائلة "إيكس أو دي XUD" في سياراتها المباعة تحت ماركتَي بيجو وسيتروان التابعة لها. وإقتطع الديزل في العام الجاري مثلاً ما لا يقل عن 46 في المئة من مبيعات موديل "406"، في مقابل 54 في المئة للبنزين 1.3$ بمحرّك الأسطوانات الست V، والمتبقي بأربع أسطوانات، علماً بأن بيجو أنتجت 651181 سيارة "406" منذ إطلاقها في حزيران يونيو 1995 حتى أيلول سبتمبر الماضي، بمعدّل 1140 وحدة يومياً منها 110 كوبيه. العائلة الجديدة لذلك يمثّل إطلاق عائلة محرّكات الديزل "دي دوبلفي" DW الجديدة ذات تقنية الضغط العالي للوقود قبل بخّه مباشرة في غرف الإحتراق، محطة جديدة ينتقل بها الصانع الى عصر الديزل الجديد مع التقنية الآخذة في الإنتشار لدى صانعين آخرين أيضاً، منهم ألفاروميو مجموعة فيات وآودي مجموعة فولكسفاغن وأوبل جنرال موتورز وغيرهم. وتنطلق عائلة محرّك بيجو الجديدة اليوم في صيغة "DW10 ATED" ذات الأسطوانات الأربع 8 صمامات المتّسعة ل0.2 ليتر، مع شاحن توربيني ومبادل حراري هواء/هواء، لإيصال القوة والعزم راجع إطار المواصفات والعرض التقني الى 110 أحصنة/4000 د.د. و250 نيوتون-متر/1750 د.د.، و هو مستوى جيّد لسيارتَين مثل بيجو "406" وسيتروان "كزانتيا" اللتين حظيتا به منذ الخريف الماضي، وفي مختلف فئاتهما التجهيزية. طبعاً، ستتوسّع عائلة "DW" لاحقاً في أكثر من إتجاه، منها تبديل سعة المحرّك، أو درجة ضغط الشحن التوربيني، أو زيادة عدد الصمامات لكل أسطوانة، أو توفير برمجة إلكترونية Cartographie مختلفة لنمط إدخال المزيج وبخه ثم تنفيسه بعد الإحتراق. وفي الربيع المقبل سيُطلق المحرّك في موديل "206" الصغير، وفي صيغة مشابهة جداً للحالية 0.2 ليتر مع شاحن توربيني إنما من دون المبادل الحراري وهو يبرّد الهواء الداخل فيزيد كثافته وفاعليته في عملية الإحتراق فترتفع القوة والعزم بالتالي. وستبلغ قوة تلك الصيغة 94 حصاناً، علماً بأنها ستتوافر أيضاً في موديلات أخرى لدى الصانع، تحت قطاع "406"/"كزانتيا"، ومنها مينيفان سيتروان "بيكاسو" الذي سيُطلق أواخر 1999. ثم ستنزل صيغة أكبر 2.2 ليتر مع مبادل حراري وأربعة صمامات للأسطوانة، لتصل القوة الى 136 حصاناً، وهي صيغة ستنزل أواخر 1999 مع وريث موديل "605" الحالي يُعرف اليوم برمز "زد 8"، وسيسوّق تحت إسم "606" أو "607". نفقات وتوقعات كلّف تطوير عائلة محرّكات "دي دوبلفي" DW ثلاثة بلايين فرنك فرنسي، منها بليون فرنك أنفقت على الدراسات والأبحاث وحدها. أما مهلة تطوير المحرّك الذي يُنتج في تريميري في منطقة لورين شرق فرنسا، فبلغت 36 شهراً. البخ المباشر والضغط العالي والرذّاذات... ببساطة يعتمد محرّك بيجو الجديد تقنية البخ المباشر، فيتولّى كل بخّاخ بخ وقوده مباشرة في غرفة الإحتراق التابعة له. لكن قبل وصوله الى كل من البخّاخات الأربعة، يندفع وقود الديزل من مضخّة ضغط عالٍ يصل الى 1350 بار عند دوران المحرّك بسرعة 3200 د.د. الى منصّة مشتركة Common rail ينضغط فيها بين 150 و1350 بار حسب سرعة دوران المحرّك، قبل خروجه من كل من البخاخات التي ينتهي رأس كل منها بخمسة ثقوب رفيعة، ما يؤدّي الى ذرّ الوقود في حبيبات صغيرة جداً، وفي خمسة إتجاهات مختلفة ضمن غرفة الإحتراق طبعاً، ما يسهّل إشتعال الوقود من جهة، وإحتراقه تماماً من جهة أخرى. عملياً، يعني الإحتراق الكامل زيادة في إستغلال الطاقة المخزّنة في الوقود وخفض الإستهلاك بالتالي، وخفض التلويث من جهة أخرى. لكن قبل بخ الكمية الرئيسية من الوقود في كل مرّة، يُطلق البخاخ "بخّة أولية" Pre-injection مهمتها بدء الإشتعال قبل وصول كمية الوقود الرئيسية، فتشتعل الأخيرة بنعومة إذ يتواصل الإشتعال بين البخّتين الأولية والرئيسية، ما يخفف الضجيج الناتج عن الإشتعال وهو مصدر الضجيج التقليدي في الديزل، ويساعد في زيادة عزم الدوران منذ المجالات المنخفضة جداً 190 نيوتون-متر إبتداء من 1250 د.د.، و230 ن-م عند 1500 د.د. و250 ن-م عند 1750 د.د.. وحسب صيغة المحرّك وتوجه السيارة، يمكن إعتماد برمجة مختلفة لتوقيت مواعيد البخ الأولي والرئيسي في كل من مجالات الدوران. وطبعاً، تعتمد عائلة المحرّك الجديد دوّاسة وقود متصلة إلكترونياً Fly-by-wire بنظام إدارة وظائف المحرّك، وليس بواسطة سلك معدني كما في معظم المحرّكات حتى اليوم. وفوق تنعيم الإستجابة لتعليمات القدم اليمنى، تسمح دوّاسة الوقود الإلكترونية الإتصال بنقل معلومات دقيقة عن وضعية قدم السائق لأخذها في الإعتبار عند تحديد معايير البخ وتوقيته، مع مقاييس أخرى منها حرارة الماء وسرعة دوران المحرّك ودرجة ضغط الهواء الداخل. معدّل ضغط التوربو بار واحد، لكنه يهبط الى 3.0 بار في حال ثبات سرعة دوران المحرّك بين 2500 و3500 د.د. لتخفيف الإستهلاك على الطريق السريع، كما يمكن أن يزيد عن بار واحد بقليل Overboost عند إستنهاض المحرّك فجأة، لتحسين الإستجابة. ومقارناً بالمحرّك السابق ذي البخ غير المباشر بخ الى غرفة تحضير لتحمية الديزل قبل دخوله الى غرف الإشتعال والذي كانت سعته 1.2 ليتر، يذكر الصانع هبوط معدّل الإستهلاك العام 5.22 في المئة 5.5 ليتر في المئة كلم، ومعدّل الإستهلاك في المدن نحو 25$ 3.7 ليتر في المئة كلم، بينما يهبط الإستهلاك خارج المدن الى ما يجيز تخطي حتى 1500 كلم بالخزّان الواحد 5.4 ليتر في المئة كلم. ولا يتطلّب المحرّك الجديد الصيانة أكثر من مرّة كل 20 ألف كلم. أسلوب جديد قد يُنسيك الأحكام المسبقة ... أو معظمها لن تحتاج الى رسوم ونظريات لتدرك أهمية تقنية البخ المباشر للديزل من ضغط عالٍ. فأذناك ستُبلغانك بالفارق فوراً. صحيح أنك ستعرف أنه محرّك ديزل إن سمعته يدور في سيارة متوقفة، لكن بنسبة ضجيج تقل بوضوح كبير عمّا تسمعه من آخر ذي بخ غير مباشر، أي ديزل تقليدي بمعنى آخر. فور الإنطلاق تتلاشى أمام نعومته معظم الأحكام المسبقة عن الديزل، إذ يتحوّل الصوت الى مستويات تتوقعها من محرّك بنزيني ناعم، مع تلبية جيداً جداً ولو بطريقة مختلفة تماماً عن وجوه أداء المحرّكات البنزينية الموازية قوة وعزماً. ليس أي من الوجهين أفضل من الآخر حكماً، بل هما مختلفان. كيف؟ تأتيك التلبية بتغليب واضح لأولوية عزم الدوران المفيد جداً عند التجاوز. لن تصل بك السرعة الى أعلى المجالات بعصبية محرّك بنزيني موازي السعة، بل بتصاعد ثابت، مع مرونة كبيرة تُغنيك عن كثرة غيار النسب. وهل العصبية هدف محرّك سيارة عائلية من هذا القطاع، خصوصاً لدى زبون محرّك الديزل التوفيري؟ ولعل أكثر ما يُلفت في الأداء هي طريقة تصاعد العزم منذ مجالات الدوران المنخفضة، بوتيرة مستمرّة... وخصوصاً، بهدوء لا تتوقعه من الديزل إطلاقاً. قد تسمع همساً بسيطاً جداً من صفير التوربو عند الضغط على دوّاسة الوقود بين 3000 و4000 د.د.، لكن، قبل إنتقاد صفيرٍ عليك أن تتنصّت فعلاً لسماعه، تمكن تهنئة المحرّك فعلاً على هدوئه ونعومته الى حد يجعل صفيراً بسيطاً كهذا مسموعاً! عملياً، لن تشعر فعلاً بوجود الشاحن التوربيني، إذ لا تلكؤ في المجالات الدنيا كما في المحرّكات الضعيفة التي تستفيق بفجائية مباغتة عند تدخّل التوربو، بل تصاعد ثابت حتى بلوغ سرعات ناهزت 190 كلم/ساعة على العدّاد في فئة الصالون، علماً بأن قوة المحرّك الجديد وعزمه سمحا بإطالة النسبة الخامسة مثلاً 5.6 في المئة عمّا في علبة محرّك الديزل السابق، ما لا يساهم في خفض الإستهلاك وحده، بل الضجيج أيضاً عند المقارنة في سرعات معيّنة مثل أقصى السرعات القانونية. ديزل أو بنزين؟ لكن نجاح الديزل الى هذا الحد أصبح يتطلّب التمييز أكثر وأكثر بين وجوه أدائه وتلك المتوافرة مع محرّكات البنزين. حتى لو أصبح محرّك الديزل اليوم بديلاً مقنعاً جداً لمحرّكات البنزين في عدد من وجوهه خصوصاً قلّة إستهلاكه وشدة عزم دورانه، إضافة الى هبوط ضجيجه الى مستويات ممتازة، تبقى تلبية الديزل ، حتى مع التوربو، تلبية من نوع النَفَس الطويل، او بالأحرى من النوع الناعم التصاعدية، إذ يفتقد الى العصبية التي قد يحبها أو يكرهها المرء في المحرّكات البنزينية. فمعظم نشاط محرّكات الديزل يحصل إجمالاً في مجالات ال1500 الى 4000 د.د.، بينما تتراقص بهلوانيات عقرب عداد دوران محرّكات البنزين في مجالات أوسع تراوح بين 2000 و6000 د.د. إجمالاً، وبنسب مختلفة طبعاً حسب نمط القيادة والمحرّكات البنزينية المعنية. والترجمة العملية للفوارق المذكورة ستجدها في الحقيقة في نعومة أكبر مع محرّك "إتش دي آي" لسيارة عائلية يريدها زبونها نشطة وآمنة، إنما من دون طموحات "شومخرية" بالضرورة. فمرونة تصاعد العزم وسلاسة المحرّك عموماً، لا سيما مع العلبة اليدوية السلسة والمريحة الدقة، جعلت من الرحلة بين دير سانت كاترين وشرم الشيخ في سيناء متعة حقيقية، مع هدوء ممتاز في المقصورة قياساً بقطاع السيارة. أما إذا كانت قدمُك اليمنى تحب التمدد بطبيعتها، ولو في سيارة عائلية، فلا تستمع كثيراً الى حجج تطوّر التوربو-ديزل الى مستويات رياضية تقارن بالمحرّكات البنزينية. تلك حجج تسويقية تستحسن "حمايتها" بين مزدوجات عدة. فبحكم تركيز محرّك الديزل على جانب عزم الدوران، لن تحتاج معه الى خفض نسب العلبة بإستمرار، وإن فعلت فقد تجد عقرب عدّاد دوران المحرّك سريعاً في المنطقة الحمراء، لأن محرّكات الديزل "تُبدع" ببساطة في مجالات الدوران المنخفض الى المتوسط، لا في الدوران بسرعات عالية. والفارق الأساسي هو في حاجة مزيج الديزل/الهواء الى إنضغاط يناهز ضعفَي إنضغاط مزيج البنزين/الهواء قبل بدء الإشتعال، ما يُطيل مهلة الضغط فتتدنى بالتالي سرعة دوران محرّكات الديزل، لكن مع زيادة عزمها مقارنة بالأخرى البنزينية. النتيجة؟ المحرّك الجديد نشط ومقنع جداً في تلبيته وخصوصاً في نعومته ومرونته، لكن ليس على المرء أن "يمغط" نشاطه وديناميكيته الى حد توقّع عصبية خارجة عن نطاقه... على الأقل حتى الآن. أبرز مواصفات أولى فئات محرّك "دي دوبلفي" - المعدن: قالب حديد، غطاء ألومينيوم - فئة المحرّك: DW10 ATED - السعة: 1997 سنتم مكعب - أقصى القوة: 80 كيلوات 110 أحصنة عند 4000 د.د. - القوة المحددة: 40 كليوات في الألف سنتم3 55 حصاناً/1000 سنتم3 - أقصى عزم الدوران: 250 نيوتون-متر منذ 1750 د.د. - العزم المحدد: 1.125 نيوتون-متر/1000 سنتم3 - نسبة إنضغاط مزيج الوقود/الهواء: 18 الى واحد - نظام البخ: بوش، مع منصّة مشتركة يصل ضغط الوقود فيها الى 1350 بار - نظام الشحن: شاحن توربيني صنع كا. كا. كا. مع مبادل حراري هواء/هواء - ضغط شحن الهواء: 1 بار - صفر الى 100 كلم/س: 5.12 ثانية 8.12 في فئة الصندوق الممدود، واغن - 80 الى 120 كلم/س بالنسبة الرابعة: 6.10 ثانية 11 في الواغن - 80 الى 120 كلم/س بالنسبة الخامسة: 4.14 ثانية 15 في الواغن - الإستهلاك المديني: 3.7 ليتر في المئة كلم 5.7 في الواغن - الإستهلاك خارج المدن: 5.4 ليتر في المئة كلم 7.4 في الواغن - الإستهلاك الإجمالي: 5.5 ليتر في المئة كلم 7.5 في الواغن - الوزن الصافي للسيارة: 1485 كلغ 1535 للواغن - القوة إزاء الوزن الصافي: 5.13 كلغ إزاء الحصان 95.13 في الواغن.