قبل ان يلتقي الملاكم الاميركي الشهير مايك تايسون مع منافسه الجنوب افريقي فرانكو بوثا السبت المقبل في لاس فيغاس في مباراة ضمن الوزن الثقيل، وهي الاولى له منذ ايقافه في تموز يوليو 1997 بعد مباراته المثيرة ضد مواطنه ايفاندر هوليفيلد بطل العالم الحالي، اجاب في مؤتمر صحافي على سؤال عن توقعاته بقوله "لا اتوقع من بوثا شيئاً غير ان يقع على الارض جثة هامدة وباردة... اني اتوقع موته". هذه هي عقلية تايسون البطل السابق الذي سجن فترة طويلاً لاقدامه على اغتصاب مواطنته ديزيره واشنطن في انديانابوليس... لا يدري احد إن كانت غريزته الوحشية هي التي تتكلم ام انه يوجه كلاماً استفزازياً لتخويف منافسه، كما فعل في السابق. وبوثا ليس لقمة سائغة، كما يقول مدير اعماله البريطاني فرانك وارين "انه ملاكم عنيد وقوي، وباستطاعته مواصلة النزال الى آخر جولة، ويملك الخبرة الكافية للتعامل مع تايسون. هزم البطل الالماني اكسل شولتس في عقر داره وامام 20 الف من انصاره". وخسر بوثا مرتين من قبل امام الاميركي جورج فورمان في نيسان ابريل 1995 وامام الاميركي مايكل مورر الذي انتزع منه اللقب العالمي حسب تصنيف الجمعية العالمية في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. هذا يعني بنظر بوثا ان اللقاء لن ينتهي كما يظن تايسون. وقد عض تايسون في لقاء الثأر مع هوليفيلد أذني خصمه فمنعته لجنة نيفادا للرياضة من الصعود الى الحلبة 16 شهراً ثم نجح في اختبارات اللياقة النفسية فمنحته الضوء الاخضر وسيكون بوثا خصمه الاول بعد الغياب الطويل. وهو متأكد من ان المستقبل لا يزال امامه، وانه لا يريد العودة الى لغة المهزوم والمقهور. انها فرصة ذهبية لاثبات الذات وربما لا تتكرر. حياة مضطربة وقاسية عاش البطل العالمي السابق حياة مضطربة دائماً... النماذج كثيرة، منها انه اقدم عام 1979على خطف حقيبة احدى السيدات في مدينة بروكلين فقبض عليه وحجز في مركز لرعاية الشباب وهو في سن الثالثة عشرة. علمه كاس دي اماتو فن الملاكمة ثم توفي عام 1985بعد صراع طويل مع المرض وكان بمثابة والده الروحي، وبعدها بثلاث سنوات توفي مدير أعماله ومساعده جيم ياكوب لاصابته بسرطان الدم. وفي تشرين الثاني نوفمبر 1986 توج بطلاً للعالم وكان اصغر بطل في تاريخ الوزن الثقيل 20 عاماً وخمسة اشهر واعطى لهذا الوزن هيبة افتقدها طويلاً. ولم يكن اساس تايسون صلباً... علاقته بمدربه كيفن رووني حفلت بالمشادات ومدير اعماله بيل كايتون حاول استغلاله فانتهز منظم مباريات الملاكمة الشهير دون كينغ الموقف وعرض خدماته الى أن صار مديراً جديداً لاعماله فتوالت المشاكل على رأس الملاكم العالمي. ثم ادين في العام 1987 للتعدي على شرطية مرور تنازلت عن حقها لقاء 100 ألف دولار، وتشاجر مع الملاكم ميتش غرين فكسرت عظمة في يده ودفع في الوقت ذاته تعويضاً بقيمة 45 الف دولار لغرين... وفي عام 1988 اتهمته زوجته الممثلة روبن غيفنز بضربها ثم تم الطلاق بينهما. وفي شباط فبراير 1990 في طوكيو خسر تايسون الذي اعيته مشاكله لقبه العالمي بصورة غير متوقعة، امام المغمور جيمس "باستر" دوغلاس، ثم حكم عليه بالسجن عام 1992ست سنوات بتهمة اغتصاب ديزيريه واشنطن، وحين اخلي سبيله بعد قضائه نصف المدة لحسن سلوكه داخل السجن اشهر اسلامه معلناً عن تغيير حياته وسلوكه الى الافضل... لكن في 1996 اتهمته لادونا اوغست صاحبة صالون للتجميل بضربها... وفي تلك الفترة كان تايسون في اوج قوته، حيث هزم البريطاني فرانك برونو للمرة الثانية الاولى عام 1989، وقضى على بروس سيلدون المرتجف بسهولة، الى ان جاء البطل الحالي ايفاندر هوليفيلد ليقف عقبة في طريقه. المرة الاولى كانت في تشرين الثاني نوفمبر 1996 على لقب الاتحاد العالمي، وقد خسر تايسون بالضربة القاضية في الجولة الحادية عشر. وفي لقاء الثأر عض تايسون هوليفيلد في أذنيه وقال غاضباً "كان هوليفيلد محظوظاً، لانني لم اقضم حنجرته"، فأوقف اللقاء ومنع من اللعب مدى الحياة ثم خفضت العقوبة الى 16 شهراً بعد نجاحه في الفحص النفساني. وعن الاقبال الكبير على شراء تذاكر لقائه المقبل والاقبال الكثيف على متابعته تلفزيونياً قال "يحب الجميع مشاهدة الحيوانات تتقاتل وتأكل بعضها البعض، لذا يحبون مشاهدتي ايضاً على الحلبة وأنا اقاتل". ويدير اعمال تايسون حالياً مستشارته الخاصة شيلي فرينكل، بعد ان انهى علاقته بمديره السابق دون كينغ في شباط فبراير الماضي، والذي اتهمه تايسون باستغلال امواله وحرمانه من مستحقاته. وتقول فرينكل، التي عملت مع المع الاسماء في عالم الملاكمة على مدى 15 عاماً "احد اسباب تعرض تايسون للمشاكل باستمرار هي الطريقة السيئة التي عومل بها من قبل مدراء اعماله ومستشاريه في السابق. لا اشك في ان مايك سيستعيد لقبه العالمي، وهو الآن يحتاج الى الاستعداد النفسي والبدني الكامل والصحيح". لكن مشاكل تايسون لم تنته بعد. فقد قررت القاضية باتريشيا غيفورد، تأجيل موعد النظر في التهم المنسوبة اليه من قبل رجلان يتهمانه بالضرب والحاق الاذى بهما خلال حادث سير في آب اغسطس الماضي، وحددت موعداً جديداً بعد لقائه مع بوثا، في 5 شباط فبراير المقبل. وكانت القاضية ذاتها وافقت على طلب اخلاء سبيل تايسون بعد مرور نصف المدة من وجوده في سجن انديانابوليس، وكان قرارها مشروطاً بان تبقى تصرفات تايسون تحت المراقبة لاربع سنوات، اي حتى آذار مارس المقبل. ويعلم تايسون جيداً، ان هذه هي فرصتة الاخيرة لاستعادة القمة وحصد المزيد من الملايين، ويعلم انه وجد من يقبل اعتذاره بعد اخطائه المتكرر، لكنه متأكد ان صبر الآخرين نفد.