كان الحدث الأبرز الشهر الماضي لدى متتبعي تاريخ الملكية البريطانية اكتشاف رسائل حب ملتهبة كتبتها الملكة المحافظة فكتوريا في القرن الماضي لأحد سائسي الخيل لديها، بما يوحي بوجود علاقة بين الاثنين تجاوزت العلاقة المفترضة بين ملكة وأحد خدمها. وبين الرسائل التي يحتفظ بها أحفاد السائس جون براون داخل علبة سوداء صغيرة، كانت مفاجأة فريق هيئة الاذاعة البريطانية "بي.بي.سي" الذي دعي لرؤية "الدليل" التاريخي، في قراءتهم بطاقة حب دافئة بعثتها الملكة الكبيرة لتهنئة حبيبها في مناسبة "عيد سانت فالنتاين" والذي بات اليوم يعرف باسم "عيد العشاق". ويتبادل مئات ملايين العشاق في هذا العيد الذي يحل في 14 شباط فبراير من كل عام أي بعد 34 يوماً من الآن لمن نسي بطاقات التهنئة والهدايا وباقات الزهور. وتنظم احتفالات ولقاءات خاصة وجماعية تنفق فيها بلايين الدولارات احتفاء بذكرى شخص لا أحد يعرف شيئاً عنه باستثناء انه رجل طوّب لأنه على علاقة في شكل من الأشكال بقضايا الحب. وتعود قصة "سانت فالنتاين"، الذي اشتهر بمحض الصدفة قبل أكثر من 200 عام، الى القرن الثالث. وكان فالنتينو هذا أسقفاً ورجلاً أكاديمياً في عصره، عاش حياته في مدينة ترني الايطالية التي ولد فيها. وعرف عنه حسبما تقول الأسطورة، انه كان رجلاً مشفقاً يحسن الى الشبان ويعطف عليهم. وكان تعاطفه مع اليافعين في السن يبدو واضحاً في مساندته لهم كلما مست شفاف قلوبهم رعشة الحب وراودهم حلم الزواج والاقتران بالحبيب. وتقول الأسطورة انه كان يعطي مساعدات مالية للعشاق الذين تعضلهم مصاعب الحياة المادية. وكان يساعد في كتابة الرسائل للعشاق ويحرص على تقديم الورود للمتزوجين حديثاً. القضية، مع احترامنا للعشاق اليوم، قد تكون مجرد شعور أبوي عارم لأن الزواج في السابق كان يتم في عمر المراهقة معظم الاحيان، كما أنه عاش لحسن حظه في قرن لم يكن الكهنة في أوروبا يعانون فيه من الفضائح ومن توجيه شتى التهم لهم لمجرد اهتمامهم...بالمراهقين. ويبدو ان السلطات الرومانية، لم تكن تحب الأسقف لسبب من الأسباب لا نستطيع ان نجزم به. وانتهى الأمر بموقف حاسم و"قاطع" من الرومان الذين كان عليهم ان ينتظروا 60 عاماً من الزمن قبل ان تصبح المسيحية ديانتهم الرسمية. واعتقل الأسقف فالنتينو وأعدم في 14 شباط عام 269، ليطوب بعد ذلك شهيداً من شهداء الصراع مع الامبراطورية الرومانية العاتية ولتُرفع مرتبته الى مرتبة "سانت فالنتاين"، ويطوى ذكره بعد ذلك مغموراً لا أحد يعرف به أو يذكره. وتغيرت الأحوال في القرن الثامن عشر عندما أدت أعمال حفريات تمت في روما، التي كانت خاضعة لسلطة البابا، الى الكشف عن بقايا الأسقف "سانت فالنتاين" ومعه المئات الآخرين أمثاله ممن وجدت الكنيسة نفسها في حيرة لتحديد كيفية التصرف بعظامهم وبقاياهم. ولما كانت الكنائس في روما عاجزة عن استيعاب هذا العدد الكبير من "القديسين"، تقرر ارسالهم الى كنائس في بلدان اخرى كاثوليكية تقيم وزناً للعقيدة ورجالها. وكانت عظام "سانت فالنتاين" من حظ كنيسة "سان انطونيو" في وسط العاصمة الاسبانية. ولا يعرف أحد كيف انطلقت الاسطورة لتصبح جزءاً من وجدان العالم اليوم، وفي شكل يفوق كل ما كان يمكن ان يراود مخيلة الاسقف الايطالي حينما سيق الى مصرعه قبل 1730 عاماً. الا ان المؤكد هو ان لا أحد في العالم يجهل اسم هذا الشخص الذي يستمد منه "عيد العشاق" رمزه الاساسي. وبوسع زائر مدريد ان يتوجه الى رقم 65 في شارع هورتاليثا، الى الشمال من محطة مترو "شويكا" ليحظى برؤية عظام "سانت فالنتاين" بعدما جرى عرضها ابتداء من عام 1986 في مكان بارز في الكنيسة حيث تبدو الجمجمة ومعها بقايا الهيكل العظمي متاحة للراغبين في دخول الكنيسة مجاناً سواء أثناء القداس أو قبله بساعة لدى استقبال المعترفين.