إذا قلت لك إن نادية وورنر رسامة تهتم باستكشاف العالم اللامرئي، فقد تتساءل ما المانع من وصف العالم الواقعي؟ الفنانة تقول إنها تحاول أن تربط جسراً بين هنا وهناك... وبين ما تراه العين وما يتصوره الخيال. معرضها الخاص الذي يستمر إلى 16 الجاري في غاليري سوني وسط لندن يانع الألوان، مألوف الاشكال. لا غرابة ولا تصميمات خارجة عن المألوف: الاشجار، الأهرام، البيوت وأشخاص في فضاء من اللون القوي. كل الألوان شديدة هنا، خصوصاً الأصفر الذي لا تخلو منه لوحات المعرض. والحلم أحد المواضيع التي تشغل اهتمام الرسامة، فهي تتحدث عن عالمه في يقين. ويخيل إليها ان الماضي والمستقبل يحضران في لحظة واحدة. ما يهم المشاهد الواقعي جداً هو ما تقدم هذه اللوحات من جمال وما توحي به من انسجام. أما استعمال اللوحة نافذة تطل على عالم آخر فهو يستدعي مقدرات خاصة قد لا تكون متوافرة عند الفنان أو المشاهد على السواء. ما نراه في اللوحات مجرد أشكال جميلة واضحة لا علاقة لها بأحلام أو مواقع خيالية، وقد يكون هذا مصلحة الفنانة من دون ان تثير أفكاراً تراها الفنانة ضرورية لتذوق اللوحة وتقديرها. منظران يتكرران في أعمال المعرض: اشخاص يطوفون في فضاء أزرق عميق كما نجد في لوحات شاغال وترى نادية انها اشكال مستوحاة من الصور التي تزدحم في الذهن عادة قبل النوم، ثم منظر الهرم التي تستخدمه رمزاً للماضي العريق مضيفة إليه رموزاً أخرى مثل العين والمرآة والجنين لتوحي ان الماضي لا يزال قائماً. ولا نحتاج لسوى الذاكرة والخيال أو الحلم لاعادته للحاضر. نادية مولودة في مصر من أم انكليزية وأب مصري، درست الفن في بريطانيا، وعملت في الصحافة والتلفزيون قبل أن تعود إلى الرسم. وتقول إن اعتمادها الرؤيا الميتافيزيقية ليس سوى بداية استكشاف اسلوب. وقد يقودها إلى اهتمام آخر يشغل بالها وهو السعي وراء الرموز التي تكمن في الاشكال الهندسية. هذا النوع من الانتاج الفني قد يجتر نفسه وصوره ومواقفه، فإذا بالجسر لا يؤدي إلى طريق أو إلى اتجاه.