كلّه من الجينات. هذا ما يذكره علماء الأحياء البيولوجيا الأميركيون في تفسير فضيحة الرئيس بيل كلينتون. الجينات هي الانسان كله، في تقدير هؤلاء العلماء الذين يعتقدون أن البشر هم تنويعات الجينات المتوارثة عبر القرون والعصور. وظيفة كل انسان في الحياة هي الحفاظ على الجينات عن طريق نقلها الى الأجيال اللاحقة. والجينات جزيئات كيماوية لا تُرى بالعين موجودة داخل نواة الخلية البشرية، وهي تمثل مُخطّط كل انسان. فهي الشيفرة التي يرثها الانسان من كل من والديه بالتساوي وتحدد لون عيونه وبشرته وقامته والأمراض التي ستصيبه وكل مواصفاته، بما في ذلك النفسية ربما. ويذهب بعض هؤلاء العلماء الى حد اعتبار كل تصرفات الانسان تعبيراً عن إرادة الجينات التي لا تعرف سوى شئ واحد، هو الحفاظ على البقاء. أنانية الانسان من أنانية الجينات، والتصرفات الملتوية في السلوك الجنسي، والخديعة والخيانة تعبير عن إرادة الجينات. وتكاد تفسيرات عالم النفس البيولوجي ستيفن بنكر تبرر النكتة القائلة أن الرجل يفكر في المرأة 60 مرة في الدقيقة الواحدة. ستيفن بنكر مشهور بمؤلفاته حول سيكولوجية اللغة وعمل الدماغ وهو يذكر في دراسة لفضيحة بيل كلنتون منشورة في مجلة "نيويوركر" أن جميع الرجال يسعون الى الحصول على كثير من النساء. لكن الأثرياء الأقوياء وحدهم قادرون على الحصول عليهن. ويعتقد ستيفن بنكر أن اقتناء أباطرة الصين والعراق القديم ومصر القديمة آلاف الجواري والمحظيات تعبير عن أنانية الجينات. ويذهب عالم النفس الى أبعد من علماء التاريخ في القول أن النساء ليسوا مجرد لواحق للسلطة، بل هن الهدف الكلي للسلطة. ولأن الذكور ينتجون ملايين الحيامن الموظفة لتحقيق هدف الجينات لذلك فإن شغلهم الشاغل هو البحث عن أكبر عدد من الاناث. وتفرض الجينات على الاناث دوراً مغايراً. فالاناث ينتجن بيوضاً محدودة في فترات متباعدة لذلك فهن أكثر تمحيصاً في الاختيار لأن استثمارهن في الذرية أكبر. وبسبب العدد المحدود لبيوض الاناث يتنافس الذكور حتى الموت إذا استدعى الأمر من أجل الفوز بهن. والجينات تفسر لماذا تختار الاناث الذكور الأقوياء والناجحين ولماذا يدققن في الاختيار، بدلاً من الاقتران عشوائياً بأي متقدم. والجينات تفسر لماذا ينال عدد محدود من الذكور اهتمام أكبر عدد من الاناث. بينت ذلك دراسات على الطيور والحيوانات الثديية، إذ كشفت أن الاناث يخترن الذكور الذين يملكون جينات أفضل. والسؤال هو كيف تعرف الاناث أي ذكر يملك جينات أفضل؟ هنا تبرز صفة الشجاعة كعامل في الاختيار الجنسي. فقد لاحظ العلماء خلال دراستهم لأنواع عدة من الحيوانات أنها تتجنب الاقتراب من حيوان مفترس ما عدا أفراد قلة يغامرون بالاقتراب من الوحش ويتفحصونه بامعان. والمدهش أن الذي يقوم بذلك يكون في العادة ذكراً والأكثر إدهاشاً أنه لا يفعل ذلك غالباً إلاّ اذا كانت هناك اناث يراقبنه. ويعتقد الباحثون أن الشجاعة دليل على الصحة الجيدة للذكر المغامر، الذي غالباً ما يكون أيضاً وسيماً وعطوفاً ومتمرساً في الغرام. ويحاول بعض الذكور غير الأكفّاء تقليده لكنهم يلقون حتفهم غالباً! وتفسر دراسة طيور السنونو لماذا تسعى بعض الاناث مثل مونيكا لوينسكي الى السطو على أزواج الاخريات. فانثى السنونو تحتاج الى زوج قوي تنتج منه ذرّية قادرة على البقاء، لكنها عندما تصل الى موقع التكاثر قد تجد أن جميع الأزواج الصالحين التقطتهم اناث اخريات. تتبع السنونوة آنذاك اسلوباً مخادعاً وتقترن بزوج غير ذي قيمة أو بزوج يملك أفضل عش مقيمة علاقة مع جار ذي مواصفات جينية متفوقة. ولوحظ أن السنونوة تختار في معظم الأحيان ذكراً ذا شخصية أقوى من زوجها أو أكبر منه سناً أو أكثر جاذبية كأن يكون ريش ذيله أطول، ونادراً ما تقيم علاقة بأعزب قد يكون هناك سبب وراء رفضه من جانب الاناث الاخريات!