ليست هي المرة الأولى التي تحتضن فيها العاصمة الأردنية معرضها للفنون الصينية المعاصرة بكل أنواعها: التطبيقية وسواها، لكن المعرض هذه المرة، والذي توزع على صالتي عرض في قاعة المدينة التابعة لأمانة عمان الكبرى احتوى فناً لم يسبق أن جيء به في معارض سابقة من تلك البلاد البعيدة والغامضة. إنه فن اللِكّ. واللك عصارة صمغية لزجة تخرج من شجرة تحمل الإسم نفسه وتنبت في الصين قريبة الى حواف أنهارا مثلما في الجبال والسهوب، وتؤخذ العصارة لزجة من الجذع قبل جفافها حيث تؤخذ حزّاً بأدوات حادة. تمتاز عصارة اللك بمقاومتها للرطوبة والعفونة والبلى وذلك خلا بريقها الأخاذ حقاً الذي تمتاز حين تطلى بها أو أن تحف خزفية وصلصالية أو نحاسية في درجة أقل. وللحصول على لون بعينه تمزج العصارة بالمواد الكيماوية مثل كبريتيد الزئبق فيصير لونها أحمر، أو تمزج بالأصباغ للحصول على ألوان أخرى في حين لا تفقد اللك شفافيتها، فهي نوع من المواد التي عادة ما توصف بأنها نصف شفافة. وتسمح لزوجة اللك قبل جفافها بترصيع الآنية أو التحفة بالصدف أو الذهب والفضة واليشم أو حتى القيض الذي هو القشرة اليابسة لبيض الطيور. والى ذلك فإن المعرض اشتمل على أوان وتحف مصنوعة من اللك الخالص بواسطة قالب يطلى بالعصارة طبقة في إثر أخرى لعشرات المرات بل والمئات في بعض القطع حتى تصل الى سمك وصلابة محددين ثم يُنزع القالب عن اللك ليجري فيها التزيين والترصيع، والقالب في الأغلب من الجبس وقد يكون من الطين أو الخشب. ويلاحظ على القطع ليس بعيداً عن خصائص وأفكار ومعتقدات شعبية صينية موغلة في القدم، ويكون التزيين باللك أيضاً مضافاً اليها الأصباغ ويكون الترصيع بالقيض في أحايين كثيرة، ثم تتعرض القطعة اعمال الصُنّاع أيديهم في القطع سنفرة بأوراق الزجاج أو حكّاً بالمبارد. وقد تتعرض القطعة الى الحفر بالأزاميل. ويبلغ هذا الفن أعلى حذقاً في الصنع ومجالاً حين يتأمل المرء العلاقة بين الترصيع في بعض القطع ودوره في اعطاء القطعة قيمتها الإبداعية: جمالاً وصنعة، فهو ليس ترصيع خارجي بل هو جزء من التشكيل حيث النحت الحديث يتجاور مع الموروث الشعبي الصيني في صيفة لافتة للنظر الى حد بعبي. وفي الزعم الصيني أنه قد عثر في احدى المناطق في بلادهم على قطعة من اللك تعود الى سبعة آلاف سنة مضت. وقد شاع هذا الفن في عصر الممالك المتحاربة 475 - 221ق.م وشهد ازدهاراً في عصر أسرة الأباطرة: هان 206ق.م - 220م. الى ذلك فإن معرض الفنون الصينية المعاصرة احتوى على الخزف والرسم بالقش والرسم الحديث ونماذج من الطباعة الصينية الحجرية التي تعود الى أوائل القرون الوسطى.