بدأ البيت الأبيض ، خصوصاً الرئيس بيل كلينتون، عملية الفصل بين الاهتمام بشؤون الدولة ومواجهة الأزمة التي فجرتها فضيحة "مونيكا غيت" المثيرة، سواء في التعاطي مع الكونغرس الذي وضع يده على ملف المحقق الخاص كينيث ستار ومع الرأي العام الأميركي الذي سيقرر في النهاية مصير رئيسه سلباً أو ايجاباً. وراوحت عناوين الفضيحة التي تحولت إلى مسلسل شائق ومزعج في آن، بين الحديث عن مصير شهادة الفيديو للرئيس كلينتون وهل تنشر أم لا تنشر، وبين إصرار كلينتون على المضي في ممارسة مهمات منصبه في الحقلين الداخلي والخارجي، خصوصاً بعد ما حصل على دعم معنوي دولي من جانب الرئيس التشيكي فاسلاف هافل "غير المعصوم" الذي أبدى استغرابه من الاسلوب الأميركي في مواجهة حالات كهذه. راجع ص8 لكن الجديد الجديد، رغم قدمه، كان دخول الفضيحة مرحلة نشر غسيل الفضائح الجنسية بين مختلف أطراف الأزمة. والحديث يدور الآن حول علاقة زنا قام بها رئيس اللجنة القضائية - المسؤول عن ملف الفضيحة - النائب هنري هايد مع امرأة من شيكاغو في الفترة الممتدة بين 1965 و1969. ونشرت مجلة "صالون" الالكترونية التي تصدر على "الانترنت" المقال بالتفاصيل وأجرت حديثاً مع فريد سنودغراس 76 عاماً اتهم فيه هايد المتزوج بتدمير عائلته عندما أقام علاقة غير شرعية مع زوجته شيري. واعترف هايد بالعلاقة التي مضى عليها الزمن، واتهم الديموقراطيين بتسريب هذه المعلومات في محاولة من جانبهم لتخويفه ومنعه من القيام بعمله كرئيس للجنة المشرفة على تقرير ستار والناظرة في امكانات محاكمة الرئيس كلينتون، تمهيداً لعزله. وبالطبع سارع البيت الأبيض، كذلك الحزب الديموقراطي، إلى نفي أي علاقة له بتسريب الفضيحة القديمة الجديدة. لكن الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس لم يقبلوا النفي الديموقراطي وأنتقدوا تصرفات الإدارة والديموقراطيين، بينما كانت لجنة هايد مجتمعة لاتخاذ القرار بشأن نشر فيديو الرئيس كلينتون. والواضح ان الحزبين الديموقراطي والجمهوري ومحازبيهما بدأوا تبادل حملات التشنيع. وبات الديموقراطيون يرون محاولات من جانب الجمهوريين لاستغلال "أخطاء" كلينتون الشخصية ليس فقط للايقاع به، بل أيضاً لتفشيل مرشحيهم في الانتخابات التشريعية المقبلة. ويستشهد الديموقراطيون، في معرض الدفاع عن تصرفات كلينتون، باستمراره في نفي اقامته علاقات جنسية بالمفهوم الضيق مع المتدربة السابقة مونيكا لوينسكي بتصرفات مشابهة للجمهوريين. وفي اذهانهم اسم رئيس مجلس النواب نيوت غينغريتش الذي يقال إنه أقام علاقات حميمة خارج الزواج مع نساء مستخدماً اسلوب كلينتون مع لوينسكي، أي ممارسة الجنس بواسطة الفم. ويشير هؤلاء إلى مقال للصحافية غليا شيهي صدر في أيلول سبتمبر 1995 في مجلة "فانتي فير" تتحدث فيه مع امرأة ابلغتها انها اقامت علاقات مع غينغريتش بالفم، كونه يفضل هذا الاسلوب على اساس انه سيكون قادراً على القول: "لم انم معها". وبمعنى آخر يبدو ان لدى بعض السياسيين تفسيرات مختلفة حول ما يسمى بالعلاقة الجنسية، إلى حد القول ان هناك "جنساً قابلاً للنفي" وهو ما اشتكى منه زعماء الحزبين الى درجة ان عدداً من الزعماء الديموقراطيين وصفوا اصرار محامي البيت الابيض على نفي العلاقة الجنسية بأنه كمن يحاول "تفسيخ الشعر". وبانتظار معرفة رد فعل الرأي العام على شهادة الفيديو للرئيس كلينتون، بعد نشرها وبثّها، اكد كلينتون مجدداً انه غير قلق من نشر الفيديو لأن الجميع بات يعرف الآن ما قاله في شهادته المفترض ان تكون سرية. وفي هذا المجال اظهرت استطلاعات الرأي الاخيرة ان غالبية الاميركيين لا تحبذ نشر الفيديو. علماً بأن الجميع سيشاهده ليكتشف جوانب جديدة لا يعرفها عن شخصية الرئيس. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما "اذا كانت هناك مونيكا داخل كل اميركية وما اذا كان هناك بيل داخل كل اميركي"؟