الكتاب: تاريخ بيت المقدس بطريرك عكا الطبعة العربية الاولى - 1998 دار الشروق للنشر والتوزيع اهتم الكثير من الاوروبيين بالاراضي المقدسة في فلسطين، وتحملوا المشقات والصعاب في سبيل زيارتها. ولعل اهتمامهم هذا يرجع الى قدسية المنطقة، فهي في نظرهم مهبط الوحي ومركز الاديان السماوية، والبقعة التي حظيت بمولد الانبياء والرسل واستقرارهم، وتمتاز ايضاً بموقع استراتيجي مهم لكونها حلقة الوصل بين الشرق والغرب. وهي معبر رئيسي للقوات العسكرية منذ اقدم العصور وحتى وقتنا الحاضر. وقد استقدمت الاهمية الدينية لهذه المنطقة الحجاج والرحالة في العصور الوسطى. كتاب "تاريخ بيت المقدس" ليعقوب الفيتري، قام بنقله الى اللغة العربية الدكتور سعيد البيشاوي. فمؤلفه عاش في الشرق مدة من الزمن، وتبوأ مناصب عدة، فضلاً عن انه اسهم في بعض الاحداث المهمة. ويبدو ان عدداً من فصول هذا الكتاب وقد بلغت تسعة وتسعين قد فقدت ولذلك اطلق عليه اسم "المقتطف من كتاب المختصر لتاريخ بيت المقدس"، واذا افترضنا ان الفصول المفقودة من الكتاب المختصر لم تؤثر على القيمة التاريخية لهذا الكتاب فإن بعض الفصول الواردة فيه جاءت مبتورة والمفقود منها ستة وعشرون فصلاً هي من الفصل الثاني الى الفصل العشرين ومن الفصل الخامس والثمانين الى الحادي والتسعين. ويشير الدكتور سعيد البيشاوي ان يعقوب الفيتري وقع في اخطاء يذكر منها اشارته الى استيلاء الفرنجة على مدينة يافا بعد هجوم مباغت، في حين ان المدينة سقطت من دون قتال لأنها كانت خالية من سكانها. وعندما اشار الى ان مدينة قيسارية كانت عاصمة لفلسطين الثانية لأنها كانت عاصمة لفلسطين الاولى في حين كانت بيسان عاصمة لفلسطين الثانية وكذلك الحملة الهنغارية التي توجهت الى فلسطين، قامت بالاستيلاء على مدينة طبرية في حين اجمعت المصادر على ان الحملة استولت على مدينة بيسان. كتاب "بيت المقدس" وضعه رجل تولى مناصب عدة في فلسطين، منها اسقفية عكا، وبطريركية بيت المقدس، خلال فترة الحروب الفرنجية الصليبية في فلسطين. وعلى رغم انه يُفهَم من عنوان الكتاب، ان المؤلف وضعه للحديث عن بيت المقدس، الا ان المؤلف تحدث عن فلسطين بصفة عامة، وأشار الى الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة خلال تلك الفترة وعرّف القارئ الى الفكر الغربي ونظرة الغربيين الى فلسطين وسكانها، كما افاد بمعلومات خصوصاً عن الهزات الارضية الخطيرة المخيفة التي حدثت مراراً ليس فقط في مملكة بيت المقدس، ولكن ايضاً في البلدان المحيطة بها والواقعة قرب البحر. ومن خلال هذا الدمار المهلك، كانت مدينة صور قد دمرت تقريباً مع سكانها جميعاً بعد ان اصبحت بيد اللاتين. ويتضمن الكتاب القسم الاول من سورية الواقع بين نهري دجلة والفرات باسم سورية ميزوبوتاميا. اما القسم الثاني، فيدعى سورية البقاع، وفيه تقع مدينة أنطاكية، والمدن التي تتبعها، وتصل حتى نهر بانياس اسفل قلعة المرقب. ويدعى القسم الثالث من سورية باسم سورية القريبة من البحر او سورية الفينيقية. ويبدأ من النهر السالف الذكر، وينتهي عند لابيس انسيسا التي تدعى المقاطعة، وتدعى لغاية الآن باسم قلعة الحجاج ويوجد في هذا القسم طرابلس وصور وعكا. ويدعى القسم الرابع باسم سورية ولبنان، حيث يقع جبل لبنان ويدعى ايضاً باسم سورية دمشق، لأن دمشق هي العاصمة الرئيسة. ويوجد ثلاث فلسطينيات، وهي اقسام من سورية الكبرى. فالقسم الاول هو عاصمته بيت المقدس، ويدعى باسم بلدانية القدس. والقسم الثاني هو الذي عاصمته قيسارية فيليبي، ويشتمل على بلاد الفلسطينيين كلها. والقسم الثالث هو الذي عاصمته سكيشوبوليس التي تدعى في هذه الايام بيسان. وعلاوة على ذلك، فإن كلاً من العربيتين تعتبر اقساماً من سورية: الاول هو الذي عاصمته بصرى، والثاني هو الذي عاصمته بترا الواقعة في البرية. وتعد سورية سوبال ايضاً التي عاصمتها سوبال جزءاً من سورية الكبرى. والقسم الاخير من سورية هو ادوميا المشرفة على مصر. ويسيطر هذا القسم على عديد من الممالك. ويختم يعقوب الفيتري نهاية تاريخ بيت المقدس بما حصل من احداث في عكا وعسقلان وغزة ومحيطها اثناء تلك الفترة