أكدت واشنطن لدى مناقشة مجلس الامن شكوى سودانية ضدها معارضتها طلب السودان ارسال لجنة تقصي حقائق دولية للتأكد من مدى صحة المزاعم الاميركية بأن مصنع الادوية السوداني الذي قصفته الخميس الماضي ينتج اسلحة كيماوية او بيولوجية. واستنكرت المملكة العربية السعودية ضمنياً، امس، الهجمات الصاروخية الأميركية على كل من أفغانستان والسودان لأنها تمس سيادة الدول وتعبر عن قرار فردي خارج نطاق هيئة الأممالمتحدة. وفي حين عبرت عن ادراكها "دوافع الاجراءات التى تهدف الى ضرب قواعد تكوين الارهابيين وتدريبهم"، إلا انها اعربت عن قلقها من "المضاعفات التى قد تنجم عن ذلك، ما يدفعها الى تأكيد ضرورة معالجة تلك الاوضاع عبر آليات الاممالمتحدة". واعلن رئيس مجلس الامن الحالي دانيلو تيرك ان المجلس ناقش الشكوى السودانية وان اي قرار لم يتخذ "شعرنا بأننا في حاجة الى مزيد من الوقت لدرس الامر". فيما قال الناطق الرئاسي الاميركي مايك ماكوري مساء "نعتقد اننا تصرفنا في اطار القوانين الدولية والاميركية، لكن اذا تلقينا اي اشعار بأي تحقيق رسمي فاننا سندرس ذلك بالتأكيد". وكشف الرئيس السوداني عمر البشير، امس، أن الولاياتالمتحدة طلبت من السودان عبر طرف ثالث فتح تعاون امني في اعقاب الغارات على مصنع الشفاء للادوية في السودان ومواقع في افغانستان، وشدد على ان الخرطوم تطالب باعتذار اميركي علني عن قصف المصنع . وقال القائم باعمال البعثة الاميركية لدى الاممالمتحدة بيتر بورليه "لا نرى فائدة" من ارسال لجنة لتقصي الحقائق. فيما أعلنت باكستان أنها ستتقدم ايضاً بشكوى الي مجلس الامن في شأن انتهاك مجالها الجوي أثناء الهجوم الاميركي على أفغانستان. وقال البشير في مؤتمر صحافي في الخرطوم امس ان الادارة الاميركية "اجرت اتصالاً" مع السودان رحبت فيه بعودة السفير السوداني لدى واشنطن مهدي ابراهيم الى العاصمة الاميركية "ودعت الى تعاون امني مع الحكومة السودانية". واضاف ان ابراهيم "يحمل اقامة في اميركا ولا يحتاج الى دعوة". واضاف ان الاتصال الاميركي شمل تأكيدات بأن الحكومة السودانية لم تكن مستهدفة بالهجوم. وكانت الخرطوم اعلنت استدعاء اعضاء بعثتها في واشنطن في اعقاب الغارة. وتابع: "أما التعاون الامني فقد طلبته الخرطوم في البدء لطمأنة واشنطن الى عدم ممارسة السودان نشاطات ارهابية، لكن الادارة الاميركية رفضت ذلك". وقال وزير الاعلام السوداني غازي صلاح الدين ان "دولة ثالثة حملت رغبة واشنطن في اعتذار سري الينا"، الا ان الخرطوم "رفضت الاعتذار خلف الكواليس". الموقف السعودي وانتقد ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في اجتماع مجلس الوزراء تصريحات الجماعات ذات النزعات الإرهابية، موضحاً أن السعودية "تدين بشدة كل التصريحات الاستفزازية والممارسات غير المسؤولة التى تنم عن نيات ارهابية مبيتة وتعمل على زعزعة أمن الدول وتروع الآمنين"، والتي "تبعد كل البعد عن مبادىء الاسلام وقيمه السامية ومثله العليا ولاتعبر بحال من الاحوال عن اخلاقيات المسلمين وسلوكياتهم وتعاملهم الدولي". واضاف أن موقف المملكة المبدئي والثابت "يدين الارهاب بكل اشكاله وصوره وىنزه الاسلام والمسلمين عن مثل هذه الافعال والممارسات المشينة". واعلن ان بلاده تؤمن بأن السبيل الوحيد لمكافحته "انما يكون من خلال عمل دولى متفق عليه فى اطار الاممالمتحدة"، ولفت الى ما تضمنه قرار مؤتمر القمة الاسلامى الثامن في خصوص مكافحة الارهاب. ووذكّر بأن المملكة استنكرت حادثتى التفجير في سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا وتنزانيا "باعتبارهما من الاعمال الارهابية التى تتنافى مع كل القيم الدينية والمبادىء الاخلاقية والانسانية، ولادراكها فظائع النتائج التى تنجم عن الاعمال الارهابية فى ازهاق الارواح البريئة ونشر الخراب والدمار وتوسيع دوائر العنف". من جهة أخرى شدد الأمير عبدالله على "أهمية اتخاذ موقف دولي بالضغط على اسرائيل لاخراج عملية السلام في المنطقة من طريقها المسدود". وذكّر بالعمل الاجرامي "المتمثل بالمحاولة الصهيونية لحرق المسجد الاقصى الذى صادفت ذكراه يوم الجمعة الماضي وما أحدثته تلك المحاولة من اثار سلبية لا تزال تتفاقم حتى اليوم". وقرر مجلس جامعة الدول العربية في اجتماع طارئ أمس على مستوى المندوبين الدائمين دعم طلب السودان تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للوقوف على طبيعة إنتاج مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم، والتأكد من عدم انتاجه أسلحة كيماوية.وأعلن الدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام للجامعة في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع أن الجامعة "أبلغت المجموعة العربية في نيويورك بنص القرار لعرضه على مجلس الأمن". في لندن طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني الولاياتالمتحدة بالكشف عما بحوزتها من ادلة تثبت ان مصنع "الشفاء" الذي دمرته الضربات الاميركية في السودان ينتج اسلحة كيمياوية. وقال دونالد اندرسون النائب من الغالبية العمالية ل "بي.بي.سي."ان لدى بريطانيا ادلة في شأن القواعد الارهابية لاسامة بن لادن، اما مصنع الادوية في الخرطوم فمسألة اخرى".