هبوط أسعار النفط وسط مخاوف تراجع الطلب    نائب أمير مكة يطلع على التقرير السنوي لمحافظة الطائف    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (1 4)    11.3 مليار ريال استهلاك.. والأطعمة تتصدر    التقوا رئيسها واستمعوا لتوجهاته المستقبلية.. رؤساء تحرير يطلعون على مسيرة التطور في مرافق "أرامكو"    خلال لقائه مع أعضاء مجلس اللوردات.. الربيعة: السعودية قدمت 134 مليار دولار مساعدات ل 172 دولة حول العالم    وزير الخارجية ونظيره القطري يبحثان تعزيز التعاون المشترك    هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. إنتر المتراجع ضيفًا على برشلونة المتوهج    ينتظر الفائز من النصر وكواساكي.. الأهلي يزيح الهلال ويتأهل لنهائي نخبة الأبطال    وزير الخارجية يبحث العلاقات الثنائية مع نائب رئيس فلسطين    هيكل ودليل تنظيمي محدّث لوزارة الاستثمار.. مجلس الوزراء: الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    "الشورى" يطالب "التلفزيون" بتطوير المحتوى    المرور: تجاوز المركبات أبرز أسباب الحوادث المرورية    حوار في ممرات الجامعة    هند الخطابي ورؤى الريمي.. إنجاز علمي لافت    ترامب وهارفارد والحرية الأكاديمية    الاحمدي يكتب.. الهلال سيعود ليُعانق البطولات    أمانة الرياض توقع استضافة "مؤتمر التخطيط"    جيسوس: الأهلي كان الأفضل    بيولي: نواجه فريقاً مميزاً    محمد بن ناصر يزف 8705 خريجين في جامعة جازان    العلاقات السعودية الأميركية.. الفرص والتحديات    إسبانيا: الحكومة والقضاء يحققان في أسباب انقطاع الكهرباء    أمير الرياض يكرّم المتطوعين والمشاركين في {منقذ}    سعود بن نهار يثمن مبادرة "الطائف المبدعة"    انطلاق مبادرة "الشهر الأزرق" للتوعية بطيف التوحد بالأحساء    فيصل بن مشعل يتسلم تقرير "أمانة القصيم"    بيئة عسير تنظّم مسامرة بيئية عن النباتات المحلية    أمير الشرقية يستقبل السفير البريطاني    "هيئة العناية بالحرمين": (243) بابًا للمسجد الحرام منها (5) أبواب رئيسة    مسؤولو الجامعة الإسلامية بالمالديف: المملكة قدمت نموذجاً راسخاً في دعم التعليم والدعوة    مدير عام الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من مبادرة طريق مكة بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة    بدء المسح الصحي العالمي 2025    "الداخلية" تحتفي باليوم العالمي للصحة المهنية    مستشفى الملك خالد بالخرج يدشن عيادة جراحة السمنة    فريق فعاليات المجتمع التطوعي ينظم فعالية بعنوان"المسؤولية الإجتماعية للأسرة في تعزيز الحماية الفكرية للأبناء"    الاتحاد السعودي للهجن يؤكد التزامه التام بتطبيق أعلى معايير العدالة وفق اللوائح والأنظمة    إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    سيناريوهات غامضة في ظل الغارات الإسرائيلية المتكررة على لبنان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    قصف مستمر على غزة لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية    أمين منطقة القصيم: مبادرة سمو ولي العهد تجسد حرص القيادة    ورم المحتوى الهابط    من شعراء الشعر الشعبي في جازان.. علي بن حسين الحريصي    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    المسار يسهم في نشر ثقافة المشي والتعرف على المواقع التراثية وجودة الحياة    الصوت وفلسفة المكان: من الهمسات إلى الانعكاسات    الداخلية تعلن اكتمال الجاهزية لاستقبال الحجاج    الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    أمير منطقة جازان يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    42% من الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحفة من وورن بايتي جميلة كماضيه . من هو محمد كرمان وماذا يفعل في اعادته الهيتشكوكية ؟
نشر في الحياة يوم 01 - 08 - 1998

من عايش تلك الفترة الذهبية الحديثة من تاريخ السينما الأميركية، وقد امتدت من مطلع الستينات وحتى منتصف السبعينات ووقع في حبها، يعرف ان اسم وورن بايتي ارتبط في ذلك الحين ببعض أفضل ما تم انتاجه في تلك الفترة.
"ميكي واحد" 1965 و"بوني وكلايد" 1967 وكلاهما للمخرج الرائع آرثر بن، "ماكاب ومسز ميلر" لروبرت ألتمان 1971، "منظر مزدوج" لألان ج. باكولا 1974 و"شامبو" لهال أشبي 1975.
بعد تلك الفترة وقعت حربان خاسرتان. واحدة في لبنان دُمرت فيها الصالات وتقاليدها ونمط الحياة الذي كان قادراً على استيعاب سينمات العالم وتموجاته الثقافية، والأخرى في هوليوود تم فيها تدمير الرواج المشهود لسينما المخرج التي ميزت تلك الفترة، وخطف القرار الفني والذهني من يده وتحوّلت الأفلام - وعلى نحو شرس وكلي لم يقع مثله من قبل - الى سلعة تامة لا تختلف كثيراً عن أي سلعة تستفيد من الرواج القائم حولها بالسعي الى مزيد من النجاح التجاري على حساب أي قدر أو نوع من الإبداع الفكري أو الفني.
والعالم على ما يبدو كان مستعداً لمثل هذا المنظر ويُقال ان الوضع في النصف الثاني من السبعينات وما بعد، كان نتيجة مؤامرة بين مجموعة من المستفيدين حول العالم: انتشار الفيديو، اضمحلال الفن أمام التجارة، سقوط أنظمة ونشوء المافيا الجديدة عوضاً عنها، اضمحلال معظم السينمات المحلية وسطوة الفيلم الأميركي، واختفاء صالة الفن والتجربة من بيروت الى ريو دي جنيرو، ومن طوكيو الى القاهرة.
اطلالة وورن بايتي الجديدة لا تنتمي مطلقاً الى ما تشهده السينما الأميركية اليوم من انتاجات حديثة. فهو يخلو من الأكشن والمطاردات والمعارك والمتفجرات ولا يعرف شيئاً من المؤثرات والخدع البصربة ولم تدخل صورته بعد عصر الكومبيوتر. كوميديا سوريالية بطلها ليس أبله ومساعده ليس أكثر بلاهة والموضوع ليس عن كيف يلعب كلب كرة السلة أو عن الطبيب الذي يتواصل مع الحيوانات والأغبياء الذين ينخرطون في الجيش أو البحرية.
"بولوورث" ينتمي الى روح الفترة الذهبية من السينما الأميركية لكنه سليل الوضع الثقافي/السياسي الحاضر. انجاز باهر يعكس شخصية سينمائي ينطلق بلا حدود أو روادع لنقد هوليوود والسياسة الأميركية الداخلية والخارجية، ولتقديم فيلم من تلك الأفلام التي أحببنا السينما بسببها: مبدعة، مثيرة للخيال، متوجة بالملامح الفنية وغزيرة في الأبعاد وعناصر تأليف الشخصية، كلّها كانت أموراً رائجة فيما مضى والآن نادرة وإذا ما وجدت فهي تسبح ضد التيار تماماً كصاحبها.
حكاية سيناتور أميركي اسمه بولوورث بايتي يفيق، وهو مشرف على آخر يومين في الحملة الانتخابية للرئاسة، على حقيقة ما يقوم به. يدرك ان مخادعاً يمارس سياسة زائفة المصلحة من ورائها رهينة منافعه الخاصة المرتبطة بمنافع القوى الانتخابية الفاعلة مثل المؤسسات الصناعية والاعلامية الكبرى والمتبرعين من القوى و"اللوبيات" النافذة. تحت وطأة هذا الاكتشاف يولد بولوورث من جديد. ينطلق في الساعات الحاسمة من الحملة الانتخابية ليتحدث بصراحة غير معهودة وبجرأة نافذة عن المشاكل الاجتماعية التي لن يحلها أي من الحزبين وعن السياسة الداخلية وتلك الخارجية وعن القوى المؤثرة في الانتخابات الرئاسية.
ينطلق موضحاً للسود الأميركيين لماذا يتخاذل السياسيون عن حل مشاكلهم إذ هم ليسوا من يمول حملة الرئيس الانتخابية، وينتقد اليهود في هوليوود كعصبة ولو على شكل مزاح وينتقل مباشرة لنقد منتجيها بتوفير العنف طمعاً بمزيد من الإثراء على حساب أي شيء آخر. وفي أغنية راب طويلة نسمعه يتحدث عن العالم العربي منتقداً سياسة أميركا الملتوية تجاهه فهذا العالم هو صديق أميركا لكن فقط الى أن يهدد مصالحها المجسدة بالنفط. ويأتي على ذكر الكلمتين المخيفتين حسب تعبيره وهما الاشتراكية والعراق. خلال ذلك، يصيب بولوورث الكثير من التغيير المظهري أيضاً، يهجر البذلة ويرتدي الثياب العادية جداً ويصاحب فتاة سمراء بينما وزوجته منصرفة عنه على أي حال ويدخل أحياء السود ويدافع عن قضيتهم ويهاجم البيض الذين لا يزالون يتعاملون مع السود من منهج عنصري ولو أكثر خفاء مما كان عليه سابقاً.
في الوقت نفسه هو انسان خائف على حياته، بعدما كان اتفق مع وكيل مؤسسة لاستئجار القتلة على اغتياله وذلك في فترة انهيار عصبي. يتصل ويلغي الاتفاق. يرتاح دون أن يعلم أن الوكيل مات قبل أن يتصل بمن اختاره لهذه المهمة. بولوورث في النهاية يتعرض لحادثة اغتيال، لكن القائمين بها ليسوا الذين استأجر خدماتهم. في نهاية الفيلم يظهر الشاعر الأميركي الأسود أميري بركة وينظر الى الكاميرا - المشاهدين ويحذرهم: "كن روحاً، لا تكن شبحاً". ورسالة الفيلم مبثوثة في هذه العبارة التي تشير الى الفرق بين الايجاب والسلب، بين الفاعل والمجبر فقط على الفعل. بين أن تقف وتكون محسوساً وملهماً ومؤثراً، وبين أن تعيش كمجرد وميض خافت يعبر أفق الحياة بلا أثر.
يستعين بايتي مرة جديدة بمدير التصوير الايطالي فيتوريو ستورارو. وكان بايتي طلب ستورارو لفيلمه الأول كمخرج منفرد وهو "حمر" 1981، ثم استعان به لفيلم "عشتار" 1987 الذي قام بايتي بإنتاجه، ثم عاد اليه في فيلمه الثاني مخرجاً وهو "دِك ترايسي" 1990. ما يوفره ستورارو هنا، الى جانب التعامل البليغ مع المشاهد الداخلية، هو حركة الكاميرا اللاهثة الموازية للموضوع الذي لا يقل لهثاً. الصيغة المختارة للعمل هي مفتاح نجاح وهي تشمل كذلك تقطيع الفيلم والجهد الرائع والغريب الذي يبذله بايتي في العقول التي يعمد اليها هنا كاتباً ومنتجاً وعلى الأخص، مخرجاً وممثلاً. "بولوورث" ليس فقط "كوميدراما" ساخرة وسوريالية النفس عن العالم اليوم، انها امتداد زمني يذكرنا بما نفقده اليوم من سينما الأمس: الحرية. تلك التي تؤدي الى الإبداع.
هيتشكوك من جديد
"جريمة كاملة" مقتبس عن فيلم لألفرد هيتشكوك حققه في العام 1954 هو "أدر قرص م للجريمة" Dial M for Murder، وكان هيتشكوك اقتبس المادة من مسرحية كتبها فردريك نوت محافظاً على بنيتها وهيكليتها المسرحية الأساسية ومائلاً الى المواقف ذات الحوار المستفيض.
ولم يكن لجوء هيتشكوك لتحويل تلك المسرحية إلا من باب الالتزام بعقد مبرم مع شركة وورنر نفذه هيتشكوك بين فيلمين أكثر جودة هما "أنا أعترف" 1953 و"النافذة الخلفية" 1955. وعلى الرغم من ذلك، هناك أكثر من عنصر يجذب الى العمل في مقدمتها الإداء المتقن لراي ميلاند الذي يقوم بدور الزوج الذي يخطط لارتكاب جريمة قتل زوجته غريس كيلي وروبرت كمنيغز، الذي يلعب دور التحري الشرلوكي الشبه الذي يبحث عن دليل الإدانة حتى من بعد فشل الخطة. وقد تم تصوير الفيلم بالأبعاد لثلاثة 3D بناء على رغبة رئيس وورنر لكنه لم يعرض مطلقاً على هذا النحو.
"جريمة كاملة" الفيلم الجديد للمخرج أندرو دايفيز "الهارب" مع هاريسون فورد هو واحد من الأمثلة النادرة على تجاوز الفيلم الجديد عثرات الأصل والوصول به الى مزايا وحسنات لم يشهدها الفيلم السابق. الحبكة أكثر توتراً، الأحداث أكثر تشويقاً والتحرر من الأصل المسرحي أكثر وضوحاً.
مايكل دوغلاس هو الزوج هنا. رجل أعمال ثري متزوج من امرأة أكثر منه ثراء غوينيث بولترو نتعرف عليها منذ البداية وهي تخون زوجها مع رسام يؤدية الجديد فيغو مورتنسون. والزوج يعلم بأمر هذه الخيانة ويضع خطته لقتل زوجته. يعرض على الفنان نصف مليون دولار لكي يقوم بالتسلل الى بيته والاختباء في المطبخ حيث الهاتف. في وقت محدد سيتصل الزوج من الخارج وبينما تقف زوجته لترد، على الفنان أن يتقدم منها ويقتلها. يوافق الفنان وتمضي الأحداث تجاه ذلك الموقف.
في الليلة المحددة يخرج الزوج الى حفلة لعب الورق التي يحضرها مرة في الأسبوع مزوداً بهاتفه النقال. تدخل الزوجة الحمام. في العاشرة ليلاً يتصل بها. خرج من الحمام. تتقدم صوب الهاتف. يخرج من الظلام رجل ملثم. يحاول قتلها خنقاً. تقتله بسكين. الخطة كلها ذهبت الى غير رجعة لكن على الزوج أن يلتقط الآثار المترتبة خصوصاً وأن المجرم ليس الفنان الذي اتفق الزوج معه. هنا يدخل التحري محمد كرمان. نعم اسمه محمد كرمان وسجل عندك أول ظهور لشخصية عربي في دور تحري أميركي. يؤديه الممثل ديفيد سوشيت بجدارة خلال فترة ظهور محدودة أقل من تلك التي أداها التحري في نسخة هيتشكوك، لكنها فترة كافية لتأسيس تعامل جديد مع الشخصية العربية وبل قيام التحري وبولرو بتبادل كلمات عربية إذ تعمل في الأمم المحدة وتتقن عدة لغات كما لو أن الفيلم يرغب في التقديم المحيط الثقافي المهاجر أيضاً وليس المحيط المحلي فقط.
"جريمة كاملة" يستفيد من معطيات المسرحية جيداً ويعمل سريعاً على الأحداث بفضل سيناريو جيد من باتريك سميث كيلي. هذا السيناريو يضع سريعاً الفواصل الأساسية للقصجة، زوج يريد الاستيلاء على ثروة زوجته وزوجة خائنة وفنان لا يحبها بل ينوي استغلالها ومن ثم استغلال الوضع بأسره. طبعاً بطلة "جريمة كاملة" امرأة خائنة، لكن المفهوم الأخلاقي اليوم ليس غريباً كما كان عليه الوضع عندما حقق هيتشكوك فيلمه "أدر القرص...". وبالتالي فهناك قدر من التعاطف مع محاولة راي ميلاند قتل زوجته، بينما يكتنز الممثل مايكل دوغلاس بنجاح كل المبرّرات الكافية لكرهه. في كل الحالات، نستطيع أن ننسى هيتشكوك هنا ونتمتع بفيلم قائم بحد ذاته جد في صياغة حكايته البوليسية وأجوائها التشويقية. دايفيز من أولئك المخرجين الذين يتقدمون باستمرار كاشفين عن قدراتهم التقنية والفنية المتطورة.
"جريمة كاملة" ليس الوحيد المطروح للاقتباس عن فيلم أخرجه هيتشكوك في زمنه. هناك سبعة مشاريع في مراحل مختلفة من العمل، ليس فيلم أندو دايفيز سوى واحد منها. كل واحد من هذه المشاريع قائم على مشروع قام بإخراجه هيتشكوك بعضها أفضل ما لدى سيد التشويق من أعمال.
أحد هذ الأفلام هو "سايكو" 1960. ذلك الذي أدت فيه جانيت لي دور موظفة اختلست مالاً واتفقت مع خطيبها على لقاء بعيد. تغادر مدينة فينكس لكن الليل يهبط عليها فتلجأ الى فندق يديره انطوني بيركنز.
بعد نحو نصف ساعة من الفيلم المفاجأة الأولى: جانيت لي، النجمة آنذاك، ليست بطلة الفيلم فبركنز، متنكراً بثياب أمه الراحلة والمصاب بشخصية منفصمة، يقتلها وهي تحت رذاذ الحمام، المشهد الذي لا يزال يكمن في مخيلة ملايين المشاهدين من الذين لم يجرأوا على مشاهدة الفيلم أكثر من مرة. النسخة الجديدة يقوم بإخراجها غس فان سانت "غود ويل هانتينغ" مستعيناً بالسيناريو الذي كتب أصلاً... لقطة بلقطة. الاختلاف الوحيد: ممثلون جدد والتصوير الملون.
لن يكون الفيلم مفاجئاً لكل من شاهد "سايكو" الأصلي ومهما كان جيداً فإن جودته ستؤكد جودة الفيلم الأول طالما ان المخرج سيلتزم الفيلم السابق ينقله بالمسطرة والقلم ما يجعلني أتساءل عن فائدة مثل هذا الاقتباس. لكن بشركة يونيفرسال واثقة من شيء ما ومانحة دور لي الى أن هيش ودور بيركنز الى الممثل الجديد فينس فون.
من ناحية أخرى ينكب كاتب السيناريو روبرت تاون "تشايناتاون" على وضع سيناريو قائم على فيلم "الدرجات 39" الذي حققه هيتشكوك في العام 1935 أحد أعماله الرائعة الأولى والذي تم اقتباسه مرتان من بعد الأولى في العام 1959 تحت ادارة رالف توماس فيلم لا قيمة له بالمقارنة، والثانية في العام 1978 تحت ادارة المخرج دون شارب الجيدة إنما غير الواصلة الى مستوى العمل الهيتشكوكي المشدود السابق.
ومن بين الأفلام الأخرى التي يتم تحضيرها اقتباساً عن أعمال هيتشكوك "لنافذة الخلفية". ذلك الذي لعب فيه جيمس ستيوارت دور مصور مقعد يراقب شقق الجيران بالمنظار المكبر فيكتشف جريمة قتل ارتكبت. كريستوفر ريف المقعد فعلياً منذ أن أصيب بكسر في ظهره اثر حادثة حصان هو من سيقوم بدور ستيوارت حين يبدأ التصوير.
كل ذلك سيؤدي الى اعادة طرح هيتشكوك كسينمائي لم يصل الى مستواه في سينما التشويق ضمن التركيبة الإجمالية لعناصر تلك السينما أحد. هناك مخرجون مشوقون جيدون كثيرون، لكن هيتشكوك واحد. هذا الواحد هو من اعتبر دوماً أن كشف الحقيقة أمام المشاهدين يؤدي الى اثارتهم أكثر من تلفيق مفاجأة غير متوقعة في كل مرة.
المخرج الذي تشعر معه بأنه يسخر مما يدور وأننا مادة سخريته الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.