تفقدت أمس البعثة الدولية التي تزور الجزائر سجن سركاجي الذي كان مسرحاً لعملية تمرد فاشلة في 1995 ذهب ضحيتها أكثر من مئة قتيل. كذلك تفقدت البعثة سجناً آخر في منطقة بني مسوس التي كانت مسرحاً لمذبحة بشعة العام الماضي راح ضحيتها عشرات المواطنين. والتقى أعضاء البعثة التي اوفدها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، مسؤولي سجن سركاجي واطلعوا على وضع السجناء فيه واستفسروا عن ملابسات حركة التمرد الذي شهدها في شباط فبراير 1995 والتي انتهت بمقتل نحو مئة سجين وعدد من الحراس. ولوحظ ان الزيارة صادفت اليوم المخصص لاستقبال عائلات السجناء، وهو أمر لم تكن السلطة تتوقعه على ما يبدو. ومُنع الصحافيون من دخول السجن. وتفقدت البعثة بعد الظهر بعض الاماكن التي شهدت مذابح مثل سيدي يوسف في بني مسوس، وبعض الولايات المجاورة للعاصمة. وتقول مصادر جزائرية ان البعثة الدولية ستتجول في 25 ولاية من ولايات الجزائر ال 48. وكانت البعثة التي يرأسها رئيس البرتغال السابق ماريو سواريش، التقت مساء اول من أمس مديرة صحيفة "لاناسيون" المتوقفة عن الصدور سليمة غزالي عوض رئيس المرصد الوطني لحقوق الانسان عبدالرزاق بارة. ويعتبر بعض المصادر ان الدلائل في خصوص اتصالات البعثة تشير الى انها تقوم ب "تحقيق ميداني" في شأن ما يجري في الجزائر على رغم ان الزيارة تتم تحت شعار انها "استطلاعية"، بسبب حساسية الجزائر ازاء ما يمكن ان يمس سيادتها. ومعلوم ان السلطات الجزائرية وعدت بتقديم كل التسهيلات التي تريدها البعثة، لكنها اشترطت على اعضائها عدم التقاء مسؤولين في أحزاب محظورة، في إشارة الى الجبهة الاسلامية للانقاذ. وكان رئيس البعثة رفض اول من امس كشف المواضيع التي ناقشها مع رئيس الأركان الجزائري الجنرال محمد لعماري في وزارة الدفاع السبت الماضي. وقال ان فحوى الاتصالات واللقاءات التي تجريها البعثة ستُرفع الى الأمين العام للأمم المتحدة بعد انتهاء الزيارة المتوقع ان تستمر اسبوعين. في غضون ذلك أصدرت مجموعة من الشخصيات السياسية الجزائرية بياناً دعت فيه الى التعامل بايجابية مع "الهدنة" التي اعلنها في تشرين الأول اكتوبر الماضي "الجيش الاسلامي للانقاذ". وحمل البيان عنوان "نداء من أجل السلم والمصالحة الوطنية" ووقعه الرئيس السابق أحمد بن بلة والأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني السيد عبدالحميد مهري ورئيس البرلمان السابق عبدالعزيز بلخادم ورئيس الرابطة الوطنية لحقوق الانسان علي يحيى عبدالنور والرجل الثالث في جبهة "الانقاذ" عبدالقادر حشاني والأمين العام للحركة من أجل الديموقراطية في الجزائر حزب محظور خالد بن اسماعيل، إضافة الى عضوين مؤسسين في حركة "حماس" سابقاً هما بوجمعة عياد وسعيد مرسي. وقال الموقعون في بيانهم ان "الجزائريين الرافضين لأي تدخل اجنبي، يدعون المجموعة الدولية الى تبني كل مبادرة جزائرية تهدف الى ايجاد حل سياسي شامل وعادل في الجزائر لا يقصي طرفاً ولا يضيّع حقاً". وأضافوا ان "الحوار والرغبة في التسوية كفيلان بارساء قواعد حل اي خصومة وبجمع وتعبئة طاقات كل الجزائريين، وهما كفيلان بتجذير الديموقراطية". ودعوا الجزائريين الى "التجند لتحقيق السلم"، معتبرين ان "الدعوة الى الهدنة مبادرة ينبغي تبنيها واستثمارها"، وان "السلم يتحقق بمعالجة سياسية - لا عسكرية - للأزمة. ولذا فمن شأن احترام الحريات الفردية والجماعية واطلاق سراح السجناء السياسيين ورفع حال الطوارئ والتضامن مع كل ضحايا المأساة الوطنية ان تسهم في إحلال الجو السياسي الملائم لعودة السلم".