استبعد خبيران اقتصاديان خليجيان ان تحقق دول مجلس التعاون الخليجي هدفها بإزالة العجز من موازناتها العامة بحلول السنة 2000، بسبب استمرار تراجع أسعار النفظ، وحضا القطاع الخاص على دور أكبر في عملية التنمية الاقتصادية. وقال مدير الدائرة الاقتصادية في مصرف الإمارات الصناعي محمد العسومي إن على دول المجلس إبقاء الانفاق عند مستويات منخفضة لضمان عدم تفاقم العجز في السنة الجارية والسنوات المقبل. وأضاف في اتصال هاتفي مع "الحياة" كان بامكان "دول المجلس تحقيق أهدافها بالقضاء على العجز ولو جزئياً في حال بقيت أسعار النفط عند مستوياتها المرتفعة المحققة عامي 1996 و1997 لكن الصورة تغيرت الآن واعتقد ان العجز سيستمر". وقال: "لو تحسنت الأسعار قليلاً، فإن انخفاض الايرادات السنة الجارية وتوقع عجز في الموازنات ولجوء حكومات إلى إصدار سندات لتغطية العجز، سيؤثر على وضع الموازنات في السنتين المقبلتين". وكانت دول مجلس التعاون الخليجي السعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر وعُمان أعلنت عزمها إزالة عجز الموازنات أو خفضه إلى مستويات مقبولة بحلول السنة 2000 عن طريق ترشيد الانفاق وزيادة الايرادات. لكنها جميعها الحكومات أصدرت موازنات سنة 1998 بعجوزات، يُتوقع ان ترتفع نهاية السنة بسبب انخفاض أسعار النفط بأكثر من 6 دولارات عن العام الماضي، وتوقع بقائها ضعيفة حتى نهاية السنة الجارية. وقدر العجز في موازنات دول المجلس بنحو 3،11 بليون دولار، أي بنسبة 95،5 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وهو أعلى بكثير من المستويات الدولية، لكنه يقل كثيراً عن العجوزات المسجلة في الاعوام الماضية، إذ بلغ ذروته عام 1991 عندما وصل إلى 8،57 بليون دولار. وقال الخبير الاقتصادي السعودي إحسان أبو حليقة إن العجز في موازنات دول المجلس يمكن أن يستمر، لكن عند مستويات مقبولة، وهي نحو ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وأضاف: "اعتقد أن السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة الأهداف الرامية إلى معالجة العجز في موازناتها ويظهر ذلك من خلال الخطوات التي تتخذها بين الحين والآخر لتقليص النفقات وتنمية الموارد غير النفطية". لكن الخبير السعودي شدد على ضرورة قيام القطاع الخاص بدور اكبر في عملية التنمية الاقتصادية و"المساهمة مباشرة في تنمية موراد الخزانة الحكومية لتخفيف العبء عن الدولة وتمكينها من معالجة الخلل المالي". واوضح ان المشكلة الرئيسية ليست في العجز الداخلي بل في العجز الخارجي اي في الحساب الجاري مشيراً الى انه سيُسجل عجزاً هذه السنة بسبب ضعف اسعار النفط. وقال ابو حليقة "ان ضعف اسعار النفط يعني نقص الحصيلة من الدولارات وسيؤدي بطبيعة الحال الى زياد في عجز الحساب الجاري ما يستدعي من القطاع الاسهام بفعالة وبشكل مباشر في معالجة هذه المشكلة". واعرب عن اعتقاده بأن لدى القطاع الخاص الامكانات المالية الكافية اذ تُقدّر ايرادات القطاع الخاص السعودي وحده بأكثر من 600 بليون ريال 160 بليون دولار سنوياً اضافة الى استثماراته الضخمة في الخارج. وذكر ان الحكومة السعودية ضخّت مبالغ ضخمة في خططها التنموية الست تجاوز ترليوني ريال 533 بليون دولار ورد آن الأوان لتقطف ثمار استثماراتها من خلال مشاركة فاعلة للقطاع الخاص". وحضّ ابو حليقة دول المجلس على مواصلة خططها الرامية الى تخصيص معظم المنشآت الحكومية لاستغلال امكانات القطاع الخاص وتخفيض العبء المالي عن الحكومات خصوصاً الانفاق على تشغيل هذه المنشآت وصيانتها وتقديم الدعم لها وتمويل الخدمات المرافقة.