هؤلاء الذين اخترعوا اللعبة سينتظرون أربع سنوات أخرى على أمل أن يكسبوا ودّ لقب انتزعوه مرة واحدة على أرضهم قبل 32 عاماً. والى أن يحين الموعد الجديد سيبقى الارجنتينيون الذين وصفهم المدرب الانكليزي السابق آلف رامزي عام 1966 بپ"الحيوانات" عقدة لمن حملوا السلاح في وجهه خلال حرب الفوكلاند. الحكم الدنماركي كيم نيلسن رشّ على المنتخبين، في مدينة سانت اتيان، ركلتي جزاء لا يدري أحد من أين اخترعهما، واحدة للارجنتين وأخرى لانكلترا، والثانية كانت بمثابة ترضية لا أكثر... وكان بمقدوره احتساب ركلة ثانية لكل طرف، لكنه بقي ماشياً بعكس التيار ولم ينتبه للمسة يد من إيالا وأدامس. ولم يعجبه أيضاً التصرف الصبياني من لاعب الوسط الانكليزي ديفيد بيكهام بحق منافسه دييغو سيميوني فرفع في وجهه البطاقة الحمراء ولم يكن يستأهل أكثر من صفراء في أحسن الاحوال. وبعدما بقيت النتيجة 2-2 مع انقضاء 120 دقيقة هي 45 رائعة الشوط الاول و75 مائعة لأن الارجنتينيين أبوا إلا أن يبقروا بطون المدافعين المواجهين ليسجلوا، مع علمهم بأن هذه الطريقة لا تجدي نفعاً أمام دفاع متكتل، كان الاحتكام لركلات الترجيح. وأهدر الارجنتيني كريسبو فبانت أسنان الانكليز أخيراً، ثم جاء دور بول إينس وديفيد باتي وأهدرا أيضاً لتفوز الارجنتين بأربع ركلات مقابل ثلاث، وبقيت بالتالي في قطار المنافسة في حين ركبت الجماهير الانكليزية قطار "يوروستار" وعادت من حيث أتت بعدما خرجت من "المولد بلا حمص" تاركة لمنتخبها "شرف" العودة على متن طائرة الكونكورد. وما قد يخفف من الوطأة على الانكليز أنهم كسبوا نجماً من قماشة غير عادية... مايكل أوين، إبن ال 18 ربيعاً، دخل المسابقة تسبقه شهرة محلية من باب ضيق، وخرج منها تسبقه شهرة عالمية من باب واسع. كان احتياطياً لشيرر وشيرينغهام ثم وقف موقف الند لشيرر بعد هدفه في مرمى تونس، وسبقه الى قلوب الانكليز لانه كان نجم المباراة أمام الارجنتين وأشبه بشيفرة لم يحللها المدرب الخصم باساريللا إلا بعد الطرد الدراماتيكي لبيكهام. ولم يعد في القطار الفرنسي سوى 8 ركاب ستتم تصفيتهم الى 4 في ساعة متأخرة من مساء السبت. من الركاب واحد جديد فقط هو الكرواتي، أما الآخرون فمنهم من ذاق طعم الفوز بالكأس مرة واحدة على الاقل البرازيلي والالماني والايطالي والارجنتيني ومن يمني النفس بهذا المذاق للمرة الاولى الفرنسي والهولندي. وفي برنامج الجمعة مباراتان بين فرنسا وايطاليا وبين البرازيل والدنمارك، وبرنامج السبت مثلهما بين هولنداوالارجنتين وبين المانيا وكرواتيا. وتبقى أسهم البرازيل حاملة اللقب مرتفعة، صحيح أنها لم تصل بعد الى المستوى الذي يشفي غليل عشاقها، لكن الصحيح أيضاً أن أحداً لم يقدم بعد ما قدمته في المونديال الفرنسي. والعملية نسبية طبعاًً. في المقابل، انفرجت أسارير الفرنسيين أصحاب الضيافة لأن العقوبة ضد زيدان انتهت في توقيت مثالي... ومع ذلك، لم يعد أحد قادراً على ضمان فوز أحد، لأن الطرف الثالث في كل مباراة، وهو الحكم، صارت له كلمة مسموعة أكثر من أي مرة سابقة.