تواصل الحكومة السعودية سداد الدفعات المتأخرة إلى المزارعين والمقاولين المحليين في إطار برنامج يمتد على ثلاث سنوات ويهدف إلى معالجة الدين الداخلي الذي تراكم بعد أزمة الخليج الأخيرة. وتم تخصيص أكثر من أربعة بلايين دولار في موازنة سنة 1998 لسداد المتأخرات، وتم بالفعل دفع نحو ثلثي المبلغ الذي يشمل 5،1 بليون دولار للمزارعين، مقابل مشتريات الحكومة من قمح وشعير ومحاصيل أخرى العامين الماضيين. وتوقع مصرفيون سعوديون أن يتم سداد باقي المبلغ في الأشهر المقبلة على رغم انخفاض أسعار النفط واتخاذ الحكومة اجراءات تقشف للتعويض عن نقص الايرادات. وقال مصرفي في الرياض: "لم يكن لانخفاض أسعار النفط أي تأثير على الدفعات المتأخرة للمزارعين والمقاولين كما حدث في السابق، ويبدو ان الحكومة ملتزمة البرنامج الذي أقرته قبل عامين لمعالجة المشكلة". وأضاف: "من الواضح ان الحكومة تعطي أولوية الآن لهذا الموضوع، ولن تسمح بتكرار المشكلة التي ارهقت موازنتها في السابق، واعتقد أنها تريد وضع المشكلة خلفها للتركيز على قضايا اقتصادية أكثر أهمية". وبلغت المبالغ المسددة العام الماضي نحو 22 بليون ريال سعودي 9،5 بليون دولار، في حين تم تسديد مستحقات أقل قليلاً عام 1996، ما أدى إلى تخفيف العبء عن الموازنة وتمكين الحكومة من رفع معدلات الانفاق على مشاريع التنمية والخدمات. وارتفعت المتأخرات في الأعوام الماضية بعد تراكمها أثر أزمة الخليج الثانية عام 1990 التي حملت الحكومة السعودية عبئاً. وشجع الحكومة على استئناف الدفعات المتأخرة ارتفاع أسعار النفط عامي 1996 و1997، ما حقق لها ايرادات اضافية تقدر بأكثر من 15 بليون دولار. وأوضحت مصادر مصرفية أن ترشيد الانفاق السنة الجارية سيخفف من تأثيرات انخفاض أسعار النفط، لكنها استبعدت أن يتقلص العجز في الموازنة بشكل كبير بسبب سداد المتأخرات وعدم حدوث أي خفض بالانفاق الجاري، خصوصاً في أجور الموظفين الحكوميين. وتوقعت المصادر أن يسجل الحساب الجاري كذلك عجزاً بعد ان حقق فائضاً بلغ 232 مليون دولار عام 1997 و215 مليون دولار عام 1996 بعدما سجل عجزاً تجاوز 18 بليون دولار عامي 1994 و1995. واستبعدت حدوث أي عجز في الميزان التجاري الذي سجل فائضاً بلغ نحو 8،33 بليون دولار العام الماضي و30 بليون دولار عام 1996. وقال مصرفي: "إن معالجة مشكلة المتأخرات يعكس رغبة الحكومة السعودية في السيطرة على الدين الداخلي بعد معالجتها مشكلة الدين الخارجي، ما سيمكنها الحكومة من تكريس جهود أكبر لمعالجة مشاكل أخرى مثل العجز المالي والمضي قدماً في إعادة هيكلة الاقتصاد".