تعتزم المملكة العربية السعودية اتخاذ اجراءات جديدة لزيادة ايراداتها غير النفطية في اطار برنامج الاصلاحات الاقتصادية الذي تنفّذه بهدف تحقيق نمو قابل لاستمرار ومعالجة العجوزات المالية وتوسيع دور القطاع الخاص. وتتضمن هذه الاجراءات فرض رسوم رمزية على مستخدمي المطارات والموانئ السعودية في اعقاب اعلان الحكومة تشكيل لجنة وزارية لترشيد الانفاق لتعويض النقص في الايرادات النفطية. لكن خبراء اقتصاديين ومصرفيين سعوديين استبعدوا ان تكون تلك الاجراءات مقدمة لفرض ضرائب على الدخل مشيرين الى قيام المملكة بإلغاء خطة في هذا الصدد قبل نحو عشرة اعوام على رغم الانخفاض الحاد في دخلها النفطي وتحملها مبالغ ضخمة خلال ازمة الخليج الاخيرة والحرب العراقية - الايرانية. وقال احد المصرفيين ل "الحياة" ان المملكة "في صدد تخفيف الدعم ورفع بعض الرسوم والاسعار. لكنني لم أسمع عن وجود خطط لفرض ضرائب على الدخل وان كانت مثل هذه الضرائب ستسهم في شكل كبير في معالجة الصعوبات المالية التي تمرّ بها السعودية جراء انخفاض اسعار النفط". واوضحت مصادر اقتصادية ان اي قرار للحكومة السعودية بفرض رسوم على استخدام الموانئ والمطارات يعتبر امراً طبيعياً وفي اطار برنامج اقتصادي متكامل اعلنت خطوطه العريضة ضمن الخطة الخمسية الحالية، ولا يعد نتيجة حتمية لانخفاض اسعار النفط. ونوّهت بأن الخطة الخمسية الحالية تركز على توسيع دور القطاع الخاص وتخفيض الاعتماد على صادرات النفط من خلال تنمية الدخل من القطاع الاخرى سواء الصادرات الصناعية والزراعية والسياحية او الرسوم على الخدمات والضرائب على الواردات. وتوقعت المصادر ان تكون الخطة الخمسية المقبلة التي تبدأ سنة 2000 امتداداً للخطة الحالية لجهة تنمية الايرادات غير النفطية واعطاء القطاع الخاص دوراً اكبر في عملية التنمية الاقتصادية. وقال خبير اقتصادي سعودي "اعتقد بأن الخطة التنموية المقبلة ستكون احدى اهم الخطط الخمسية في تاريخ السعودية لأنها تتزامن مع تحديات تواجه الحكومة خصوصاً ضعف اسعار النفط وتزايد متطلبات التنمية وتأمين وظائف للمواطنين وتقليل الاعتماد على الوافدين وتحقيق نمو لا يتأثر بالتقلبات في اسواق النفط العالمية". واضاف "يمكن للقطاع الخاص ان يلعب دوراً حاسماً في هذه العملية نظراً الى امكاناته الضخمة وبتشجيع من الحكومة، ولكن عليه التركيز على زيادة حصته من الصادرات الوطنية". وتوقعت المصادر ان تؤدي الخطة الخمسية المقبلة والاجراءات التي اعلن عنها اخيراً خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الى تسريع النمو في القطاع الخاص الذي يشكّل حالياً نحو 40 في المئة من اجمالي الناتج المحلي اي بقيمة 50 بليون دولار. لكن صادرات هذا القطاع لا تزال متواضعة مقارنة مع اجمالي الصادرات الوطنية اذ لا تزيد نسبتها عن سبعة في المئة في حين تزيد استثمارات هذا القطاع على 20 بليون دولار سنوياً. واكد الملك فهد في كلمة له بداية السنة الجارية على اهمية دور القطاع الخاص في عملية التنمية الوطنية، وشدد على التزام الحكومة دعم وتشجيع هذا القطاع من خلال تقديم الحوافز والتسهيلات للمشاريع التي ينفذها معرباً عن تفاؤله بمستقبل هذا القطاع. وعبّر خبراء عن اعتقادهم بأن الاجراءات السعودية الاخيرة تعكس جدية الحكومة بالمضي قدماً في عملية اعادة هيكلة الاقتصاد لتحصينه ضد صدمات انخفاض اسعار النفط، مشيرين في هذا الصدد الى نجاح جهودها في خفض العجز في الموازنة العام الماضي الى نحو 1.6 بليون دولار من 4.5 بليون دولار، على رغم الارتفاع الحاد في الإنفاق. واعلنت السعودية اجراءات تقشفية الاسبوع الماضي بسبب تدهور اسعار النفط. اذ يقدّر متوسط سعر الخام السعودي بنحو 12 دولاراً للبرميل خلال النصف الاول من السنة الجارية بانخفاض اكثر من خمسة دولارات عن الفترة نفسها العام الماضي. وقدّر مصرفيون ان الايرادات العامة للمملكة السعودية ستهبط بأكثر من عشرة بلايين دولار السنة الجارية على اساس معدل سعري يبلغ 14 دولاراً للبرميل، وهو اقل بكثير من السعر المفترض في موازنة سنة 1998 والبالغ نحو 16.5 دولار.