شيء غريب يحدث في سوق الافلام حالياً: الأفلام الكوارثية الكبيرة مهددة بالاخفاق خصوصاً اذا كانت تدور حول ديناصورات أو وحوش... فهذه مهددة بالإنقراض! هل بدأ كل شيء بفيلم "تايتانك"؟ هل غير هذا الفيلم عن الباخرة التي تقع عليها حكاية روميو وجولييت الجديدة نظرة الناس الى الفيلم المكلف والكبير؟ يجوز. كل ما تعرفه هوليوود الآن أن فيلم "غودزيللا" الذي تكلف 110 ملايين دولار لصنعه ونحو 40 مليون دولار لتسويقه فشل بحجم التوقعات الضخمة التي احيطت به. بعد شهر من عروضه لم يحقق فيلم الوحش الكاسر مثل هذا المبلغ ما يعني انه لن يحققه في المستقبل. صحيح انه في نهاية المطاف قد يجلب من الاسواق العالمية كما من التلفزيون والفيديو أكثر بقليل من 170 مليون دولار، لكن الفيلم، كما أي فيلم آخر، بحاجة الى أكثر من ضعفي تكلفته الاجمالية قبل ان يحقق ارباحاً. أي ان فيلماً بتكلفة 140 مليون دولار بحاجة الى 300 مليون دولار لينتقل من خانة الخسائر الى خانة الأرباح. حالياً فيلم الوحش الخارج من أعماق البحار نسبة الى تفجيرات فرنسا النووية، كما يدعي، في المركز الثامن مواصلاً تراجعاً غير استراتيجي. "صدمة عميقة" الذي يدور حول شهاب ضخم للأرض مهدداً إياها بدمار شامل، سبق "غودزيللا" للعرض في اميركا كما في أوروبا وحقق منها مجتمعة نحو 220 مليون دولار محترمة. مع ذلك فإن حرارة موسم الصيف في ارتفاع. في المركز الأول هذا الاسبوع "ملفات x" الذي ينتقل الى السينما بينما هو لا يزال حياً يرزق على الشاشة التلفزيونية... أمر نادر الحدوث اذ لم يسبقه اليه الا مسلسلات قليلة جداً أبرزها "ستار ترك". "ملفات x" تكلف 63 مليون دولار وحقق نصفها تقريباً في الاسبوع الأول جاذباً اليه هواة هذا المسلسل التلفزيوني المبني على "نظريات المؤامرة" أساساً بنسبة 65 في المئة والباقي من الفضوليين الذين لم يروه من قبل ويتساءلون عن الضجة التي تحيط به. مباشرة من بعده في المركز الثاني "مولان"، رسوم متحركة عن فتاة صينية تتنكر بزي رجل لتنضم الى الجيش وتحارب ضد الغزاة المغوليين. هذا الفيلم الجديد لديزني يبدو محدداً لاستباق زيارة كلينتون الى الصين. لكن الزيارة لم تكن معلنة عندما أتم الاستديو العمل على الفيلم قبل بضعة اشهر. وما يبدو انه موقوت اكثر هو تحسين علاقة ديزني بالحكومة الصينية بعد تعرضها للاضطراب اثر قيام ديزني بانتاج فيلم "كودون" لمارتن سكورسيزي الذي اعتبرته الصين مسيئاً بسبب تعرضه لموضوع التيبت. "استعراض ترومان" الذي قدمناه هنا الاسبوع الماضي، تراجع من مركزه الأول بعد نجاح خاطف، كذلك فيلم "جريمة محكمة" لاندرو دايفيز المقتبس بتحرر شديد عن فيلم "أدر قرص م للجريمة" الذي حققه ألفرد هيتشكوك في العام 1954. خلال كل ذلك، فإن الرهان على الأفلام العاطفية، وهو الرهان الذي أورثه فيلم "تايتانك" نسبة لنجاحه الضخم، يبدو أيضاً سابقاً لأوانه. فيلم روبرت ردفورد "الهامس للحصان" اخراجه وبطولته مع كريستين سكوت توماس في أول ظهور لها منذ مشاركتها بطولة "المريض الانكليزي"، لم يحقق الانجاز المنتظر منه. انه دراما عاطفية رائعة وجميلة دفعت ديزني ثمناً مرتفعاً لتحويلها من رواية نيكولاس ايفانز الناجحة ضخت مليوني دولار ثمناً لحقوقها وهي بعد في مرحلة الكتابة الأولى. ايضاً فيلم "الأمل يطفو"، وهو أول انتاج للممثلة ساندرا بولوك وثاني اخراج للممثل فورست ويتيكر. بولوك تحمست له في بحثها عن فيلم يعيد اليها النجاح الذي افتقدته في فيلم "سرعة 2" أحد الانتاجات الضخمة قبل عام ونصف العام. أمل بولوك الصعب "الأمل يطفو" دراما عاطفية تخلو من مميزات فنية أو درامية حادة أو حتى ملفتة. قصة امرأة متزوجة اسمها بيردي بولوك تكتشف حين استضافتها في برنامج تلفزيوني قائم على الفضائح الاجتماعية بأن زوجها بار يخونها مع أعز صديقاتها دور صغير جداً غير مفهوم لروزانا آركيت. تتركه مجروحة وتتجه الى بيت أمها رولاندز الريفي ومعها ابنتها الصغيرة ويتمان المستاءة من انفصال والديها والمستعدة للوم أمها على ما حدث تعلقاً بأبيها ودفاعاً عنه. لكن أم بيردي تفهم الوضع وتحاول مساعدة ابنتها في تجاوز محنتها بتعريفها الى جوستين كونيك أحد أصدقاء الطفولة. ويحاول جوستين كثيراً عملياً طوال الفيلم دخول قلب بيردي، لكنها لا تزال معلقة بخيوط الأمل في ان يعود زوجها اليها ويعترف بخطئه. كذلك فإن ابنتها الصغيرة تنتظر زيارة أبيها على أمل ان يصطحبها معه اذا ما صمم على طلاق أمها. هذه العلاقة الدائرة بين ثلاثة أجيال هي كل ما يثير الاهتمام في "الأمل يطفو" الذي أريد له ايقاع بطيء... وكان له ما أراد. أحياناً يأتي هذا الايقاع مناسباً. القصة العاطفية والحالية التي تنحو الى دراسة وضع امرأة تكتشف الوحدة فجأة وتحاول معايشة فراغ حياتها إلا من أمل طفيف يحاول ان يرتفع عن الواقع، ومكان الاحداث في بعض ريف ولاية تكساس. كان يمكن للسيناريو ان يعلق على نوعية تلك البرامج التلفزيونية المنتشرة في المحطات الوطنية الكبيرة كلها على غرار برنامج اوبرا ويمفري ولو ان بعضها أسخف منه، لكن الكاتب لم يشأ الإقدام على أي تعليق اجتماعي، وتركه للمخرج ويتيكر ممثل بارع جداً شاهدناه في أفلام كثيرة من قبل أبرزها "بيردي" تحت ادارة كلينت ايستوود هو معالجة قصة بلا أحداث محورها بولوك ثم محيطها الصغير الذي انتقلت اليه. زورو رفيق روبن هود ضد ماشيستي! بدأت العروض الخاصة لفيلم "قناع زورو": أولاً العروض الخاصة بجمعية مراسلي هوليوود الاجانب المانحة لجوائز الغولدن غلوب التي تم ضمي اليها قبل شهر، تليها العروض الخاصة لنقاد وصحافيي المجلات والجرائد المحلية، ثم العروض الجامعة لمجموعة كبيرة من الاعلاميين غير المتخصصين وهذه تسبق افتتاح الفيلم التجاري في السابع عشر من تموز يوليو المقبل. وزورو ليس علامة غريبة على الساحة السينمائية مطلقاً. كل ما هو جديد هذه المرة قيام انطونيو بانديراس بتأدية دور الفارس المقنع، انما مع تحويل في القصة ينص على انه ليس زورو الاصلي بل خليفته. فحسب القصة التي لم يُكشف النقاب عن تفاصيلها بعد، فإن انطوني هوبكنز هو الشخصية المعنية، لكنه شاخ والعدالة التي حارب من أجلها لم تتحقق بعد ما يدفعه لتعيين رجل أصغر سناً وأكثر قوة مكانه. زورو شخصية من قديم الخيال الأدبي والسينمائي. البطل المكسيكي الوحيد الذي غزا العالم، ومثل روبن هود الانكليزي دافع عن الفقير والمحكوم ظلماً وحارب بالسيف الذي يجيد استخدامه بمهارة فائقة. وزورو بالإسبانية تعني الثعلب، وهو الى حد ما كان بطلاً بمهارة الثعلب وحذقه. الفارق بين الاثنين ان روبن هود لم يرتد قناعاً يخفي شخصيته الحقيقية كما فعل زورو، وهو أحاط نفسه بالعديد من الرجال المحاربين يساعدونه في مهامه الشاقة على نقيض زورو الذي لم يكن يعلم سره سوى خادمه الذي كان كتوماً رائعاً للسر، فهو أخرس لا يتكلم. روبن هود كان انكليزياً من الساكسون، وزورو مكسيكي من أصل اسباني. اسم زورو حسب شهادة الميلاد التي كتبها له المؤلف جونستون ماكنالي هو دون دييغو دي فيغا. وهذا اسمه في الأوقات غير العصيبة التي يدعي فيها التقرب من الضابط الظالم الذي يسيئ استخدام السلطة ويركب ظهر الضعفاء. اما عندما يريد الانتقام لهؤلاء فهو زورو برداء أسود وقناع ضيق وسيف طويل يرسم به علامته حيثما أراد. قبل ظهوره على الشاشة الكبيرة كان بطلاً في مجلات للرسوم المتحركة من العام 1919 فصاعداً. أول مرة تم تقديم زورو الى الشاشة كانت في العام 1920 عندما لعب الدور دوغلاس فيربانكس في فيلم "علامة زورو". ولاحقاً جرى تقديم عدد من النسخ المختلفة من بينها "ابن زورو" 1925، "زورو يُغير ثانية" 1937 و"قناع زورو" 1940 ولعل الأخير هو الوحيد الذي شهد عروضاً متكررة لأكثر من سبع عشرة سنة في بيروت، لافاً عدداً من صالات الاحياء الشعبية حيث شاهده هذا الناقد في احداها للمرة الأولى. والأربعينات والخمسينات كانت حافلة بالبطل المكسيكي قبل قيام التلفزيون بالاستيلاء عليه في حلقات ناجحة في الستينات. وانتقاله الى التلفزيون لم يمنع السينما من الاستمرار في تقديمه. في أحد الأفلام تم جمعه وشخصيات الكاتب الفرنسي الكسندر دوما في "زورو والفرسان الثلاثة" 1963 وقبل ذلك جمعه الايطاليون بأحد أبطالهم الاسطوريين في "زورو ضد ماشيستي" 1963 أيضاً. والممثلون الذين لعبوا الشخصية جديرون بالذكر، من غير المعروفين اليوم جون كارول وروبرت ليفنغستون وريد هادلي. ومن النجوم القدامى - الى جانب فيربانكس - تايرون باور وغوردون سكوت لعب ايضاً شخصية طرزان كما الممثل الفرنسي آلان ديلون في "زورو" 1975. آخر مرة أقدمت هوليوود على تقديم زورو كانت في فيلم تحت عنوان مزدوج المعنى هو "زورو النصل المرح" أو "الشاذ" Zorro The Gay Blade وقام بدوره جورج هاملتون الذي أوجد له الفيلم شقيقاً يناقضه تماماً في التصرفات. الفيلم الجديد "قناع زورو" كاد ان يكون المناسبة التي يتمناها الممثل المغمور نوعاً آندي غارسيا للانتقال الى صنف الأدوار التجارية الكبيرة. لكنه استبدل بالاسباني الأصل انطونيو بانديراس الأكثر شهرة. كذلك كان المكسيكي روبرت رودريغيز هو المرشح لإخراج الفيلم، لكن احداً شاهد فيلمه السخيف "دسبيرادو" أو الأكثر سخفاً "من الغسق الى الفجر" فغير رأيه! المخرج الحالي هو مارتن كامبل الأكثر خبرة في تنفيذ الأفلام الشيقة، فهو الذي اختير لإعادة جيمس بوند الى الشاشة الكبيرة بعد غياب في فيلم "العين الذهبية"، وذلك بعد خمسة أفلام أقل شهرة ونجاحاً. - "الأمل يطفو" Hope Floats * * * من خمسة إخراج: فورست ويتيكر. تمثيل: ساندرا بولوك، هاري كونيك، جينا رولاندز، ماي ويتمان، مايكل بار. سيناريو: ستيفن روجرز. تصوير: كاليب ديشانل ألوان. توليف: رتشارد شيو 114 د. موسيقى: دايف غروزن. انتاج: فوكس أميركي - 1998