تتميز معارض معهد غوته باللون العالمي الذي تقدمه خصوصاً في مجال التصوير الضوئي، فتتيح للجمهور الثقافي فرصة الاطلاع على أعمال رواد الفن الحديث ومن جنسيات مختلفة. وفي المعرض الأخير الذي قدم أعمال الفنان لاسلو موهلي نجد أنفسنا أمام مدرسة مهمة ظهرت في العشرينات من هذا القرن، فهذا الفنان الذي تفوق في اختصاصات مختلفة كان رساماً مصوراً قبل كل شيء، وفي الوقت نفسه أبدع في فن الحفر والطباعة والتصوير السينمائي والضوئي، كما عمل في هندسة الديكور والمسارح وتنظيم المعارض وتصميم المنتجات الصناعية والتجارية. ضم المعرض التجارب المختلفة للفنان، فنجد أعمال التصوير التي سماها "فوتوغرامات" والصور التركيبية، وأخيراً الأعمال الفوتوغرافية المأخوذة بالكاميرا والتي تشكل مزجاً بين أسلوبيه السابقين وتحمل موضوعاً مصوراً بالكامل. وبالنسبة الى "فوتوغرامات" فهي منفذة بطريقة الفن التجريدي إذ استخدم "الضوء الصافي" حسب مقولته المأثورة: "التصوير معناه تشكيل الضوء". فهو ترك النور يقع مباشرة على الورق الحساس عبر استخدام أشياء شفافة أو كامدة ومن دون استعمال الكاميرا، فقدم انطباعاً بصرياً جديداً وسيلته الأساسية هي تقنية الأفلام لكننا لا نشاهده بأية طريقة أخرى. فالفروقات الدقيقة بين النور والظلام وجمال الاضاءة "الانسيابية" وشفافية الصور هي نتيجة عملية تصويرية لكنها خارجة عن المألوف، وتظهر "الفوتوغرامات" محاولة الفنان تجريب وعي جديد إبداعي عبر استخدام الشروط الجديدة للعصر التكنولوجي. الصور التركيبية التي قدمها الفنان تحمل صفات بنائية أطلق عليها اسم "منحوتات تصويرية"، وهي تحاول تحقيق أعمال فكرية ساخرة تهاجم الحقائق الثقافية والسياسية التي سادت في العشرينات. وهذه التجربة نفذها من خلال جمع جملة من العناصر المصورة داخل تركيبة واحدة، وفي كل لوحة تم وضع بناء يعطي انطباعاً معيناً أراده الفنان في طريقته الخاصة بجمع الصور. وإذا انتقلنا الى الأعمال المأخوذة بالكاميرا نجد أننا في وضع وسط بين التجريد البصري لفوتوغراماته ورسالاته في الصور التركيبية، فهو بدأ باستخدام الكاميرا بعد تجربتيه السابقتين فكانت صوره الضوئية نتيجة لأعماله السابقة كافة. لم تنتج كاميرا لاسلو موهلي صوراً بالمعنى التقليدي بل استخدم أساليب لا يتوقعها المشاهد، فبدّل أحياناً الصور الموجبة بأخرى سالبة وغير المنظور أثناء التصوير، وقام بتكبير الأشياء الصغيرة. فالمشاهد يشعر بتحد بصري دائم أمام الحالات التجريبية المقدمة التي تحاول تحريك الاحساس لديه تجاه المواضيع المصورة. ويظهر الفنان كهاو في تصويره الضوئي عندما يقوم بالعمل الإبداعي ويترك أعمال التحميض لغيره.