تعيدنا لوحات الاثيوبيين الثلاثة: ادامو وكيدان وقانا سمباتا الى الرسم الخالي من المؤثرات، الى اللوحة التي تروي قصة، الى واقع ليست له علاقة بما يشغل الفن ومدارسه وأوهامه. اللوحات في "معرض ليتون هاوس" تنقل المشاهد في رحلة "سفاري" الى الرسم الطبيعي: الالوان بنية وكذلك الوجوه. المناظر خارجية، ثم انها تصور ما يجري في الشارع والحياة اليومية. واذا اراد الفنان ان يثري روح الناس ويرفع الوعي عن مشاغل تلك الحياة فإنه لا يتجاوز التاريخ، مستمدا من بطولاته اعياداً او سيوفاً او عبادة. أدامو يغوص في مشاهد ملحمية، وهي في واقعها البسيط تفسير لعلاقة التاريخ بالدين. المنظر دائماً بطولي، من الاساطير الى الموقع الذي يحتله اليوم رجال الدين في اثيوبيا. اعمال هذا الفنان جزء مستمر من جدارياته في دورالعبادة حيث يعمل ويعيش. وفيها نظام من الموعظة والتكبير، الا انها لا تقبل المساومة من الناحية الفنية أو أسلوب التعبير. وعلى رغم شخصياتها العديدة فلكل دوره في نظام الصورة، ما يؤكد على ان الرسام على دراية بالطرق الحديثة في التصوير الاعلامي. الرسام في هذا المعرض الذي اقامته منظمة المعارض روز عيسى، عليه ان يصور ما له علاقة بحياة الناس. لوحات كيداني كأنها سيناريو للتجربة اليومية. غالباً ما يبدو فيها شغف طفولي بالرواية والاستماع او التفسير. وقد تكون مدرسية في تأثيرها. كأن الرسام يعد لقطاته قبل اخراجها للتلفزيون. اللوحات مزيج من الفن الشعبي والتأثير الديني، وهي مرسومة في احجام مختلفة، على الخشب او القماش الذي يعلق مباشرة على الجدران. الفنان هنا صانع تقليدي يرسم بطلب من أصحاب البيوت والمحلات التجارية. واذا أراد احدهم صورة مقتبسة من كتاب ديني او تاريخي، فما عليه سوى نقلها كما هي. ثم هناك السياح او المهتمون بالفن الشعبي، مثل خبير الآثار ريمي اودوان الذي يحفظ عدداً كبيراً من اللوحات، ومنها هذه المجموعة، عندما كان يعمل في اثيوبيا. في لوحات قانا سامبا تظهر الجموع وليس الأفراد. الوجوه لا تنظر الى أحد لأنها جزء من الحشد. الفنان كان متنقلاً في حياته، لامنتمياً في عمله، ومع ذلك نجده يتنقل بين الناس، يسجل نشاطهم في الاسواق والساحات. في آخر حياته اخذ يرسم التجمعات السياسية، وحملات محو الامية. لقد تعلم الفنان الرسم من كتب الفولكلور، فحاول حتى وفاته في العام 1991 ان يظهر قوة الجموع، والوحدة، والتواصل، عن طريق القصة الشعبية.