رحلة الى غرناطة لم نقم بها ابداً "يابا ألبيرتو" ** - 1 - رحلة لا أنت ولا أنا رحلناها كانت لي في يناير هذا العام يابا ألبيرتو، فلتسمعني اذن اخيراً دخلت غرناطة، أذهلتني رؤية الزمن الجامع المفرق، ما بين رحيل ووصول، وداع وعودة * * * تعال معي انت، انزع عنك الصمت الذي يفصلنا سنوات خمس من الموت ليست كثيرة "يابا"، رافقني، في هذه الكلمات فقط اخيراً يقطع الزائر الطرق، يكمل حلمه. - 2 - تأمل لا بعينيك الغارقتين في التراب بل بعيني انا تأمل جبال "سييرا نيفادا" 1 نهر "شنيل" 2 اضواء الابراج والنوافذ النائمة * * * على شواطئ "الدارو" 3 باتجاه البيازين 4 هيا خطوة، خطوة، "يابا"، نتعرف على الاشياء بأسمائها: معبر القاضي، أبراج التخوم، حمام "الجوزة" 5 وذكريات اشعار ابي جعفر بن سعيد: الحمام احلى من حصد الجوائز * * * بعدها بقليل، في منحدر "التشبب"، تضرب وجوهنا روائح تلقيها علينا كروم الصنوبر والسرو، نتبع الضجيج المتصاعد، هنا ميدان العطار: متع النساء والرجال، فواتح لشهية الرؤية: باذنجان، جمبري، محار… تشجع "يابا"، فيها طعم البعث! * * * استمع، استمع هذا الصوت الجارح كمرثية لا تندب حكاية أندينية؟ سجل، "يابا" سجل حرفياً: قيثارة بلا أوتار يبقى التوحد، البعض تقتله المناجم، آخرون يأخذهم الإله. * * * الآن، اسرع "يابا" اسرع، الزمن لا يتوقف ولا يتعثر، يأخذ ضوء النهار، توشي الظلال النوافذ، اسرع، عبر شارع الماء، الى باب زياده، ثم الى البرج، ارفع نسور حاجبيك، انها هناك، الله اكبر 6 هناك! "يابا" بحق كل من تحب، قل لي إن كنت تراها! انها عالية ومشعة. 3 - لكن المساء، يسقط وتدقّ اجراسٌ مسيحية، هروبٌ سماوي، يعبر القمر على صليب الروضة. هذه القصيدة - اللقاء تنتهي، فيما أرى الاستشهاد في دمك المسفوك في غزة والضفة، وفي صمت الوداع ترقد غرناطة لآخر مرة. * ولد ادوارد ميتري بمدينة "أورورو" بوليفيا العام 1943، لأبوين لبنانيين هاجرا الى تلك البلاد مع بداية هذا القرن. درس القانون في جامعة "سان سيمون" وحصل على الليسانس في الآداب من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، ثم حصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة بطرسبرغ. يعتبر من طليعة شعراء اميركا اللاتينية المعاصرين منذ ان بدأ نشر اشعاره التي لفتت انظار العديد من روّاد الحركة الحديثة في اميركا اللاتينية، خصوصاً اوكتافيو باث وخوليو كورتاثار الذي قال عنه انه من اهم شباب الشعراء في ذلك الوقت. يتميز شعره بإشاراته الواضحة التي تدل على ثقافته العربية وأصله اللبناني، فهو يستخدم رموزاً عربية كثيرة في كتاباته، كما يبدو من قصيدته "يابا ألبيرتو" اضافة الى اهتمامه بالاشارات العربية الاندلسية. صدرت له كتب شعرية عدة منها: "مديح لفتاة" 1965، "بيت" 1975، "دخان الغيرة" 1976، "ميرابيليا" 1979، "جوع المسافة وعطش السماء" 1980. ** "يابا": يكتبها الشاعر باللغة الاسبانية "yaba" كما تنطق باللغة العربية حرصاً منه على استخدام لغة ابويه. 1 سييرانيفادا: اسم سلسلة الجبال المحيطة بمدينة غرناطة وارتفاعها يجعل منها واحدة من محطات التزلج على الجليد المهمة في اسبانيا. 2 شنيل: نهر صغير يهبط من جبال "سييرانيفادا" ويقطع مدينة غرناطة فاصلاً ما بين الجزء القديم والجزء الحديث، يطلق الاسبان على النهر اسم "خنيل". 3 الدارو: نهر قريب من غرناطة. 4 البيازين: الحي العربي القديم الذي يقع تحت اقدام قصور الحمراء، ولا يزال يحتفظ بطابعه العربي، ويسميه الاسبان "البايثين Albayzin". 5 حمام الجوزة: او حمام الجوز نسبة الى شجرة الجوز. 6 يكتبها الشاعر كما تنطق باللغة العربية "Allah Akbar".